U.S.-led coalition operation strike military targets in Yemen
الضربات الأميركية شملت قصف 85 هدفا في سبعة مواقع مختلفة في العراق وسوريا

تعد الضربات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة، ليل الجمعة السبت، على أهداف في سوريا والعراق، الجولة الأولى للرد الأميركي على غارة بطائرة مسيرة أسفرت عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين في الأردن في نهاية الأسبوع الماضي.

وألقت الولايات المتحدة باللوم في ذلك على "المقاومة الإسلامية في العراق"، وهي تحالف من الميليشيات المدعومة من إيران، وبالتالي جرى استهداف 85 هدفا في سبعة مواقع مختلفة (3 في العراق و4 في سوريا) مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني والفصائل التابعة له، بحسب واشنطن. 

استخدمت الولايات المتحدة قاذفات "بي-1" بعيدة المدى انطلقت من الولايات المتحدة، كما أطلقت الغارات الجوية أكثر من 125 قذيفة دقيقة التوجيه، مستهدفة منشآت للقيادة والسيطرة والاستخبارات، ومخازن للطائرات المسيرة، ومرافق لوجستية لتوريد الذخائر للميليشيات الإيرانية.

صورة لآثار الدمار في مدينة القائم العراقية جراء القصف الأميركي- أسوشيتد برس
"انطلقت من أميركا".. لماذا استخدمت واشنطن قاذفات "بي-1" في الرد على مقتل جنودها؟
استخدمت الولايات المتحدة، قاذفات "بي-1" في ردها  على الجماعات المسلحة الموالية لإيران في سوريا والعراق، وذلك إثر الهجوم بمسيّرة على قاعدة أميركية في الأردن قرب الحدود السورية أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين في 28 يناير الماضي.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، إن الضربات جرت "خلال نحو 30 دقيقة". وأضاف أنه تم اختيار الأهداف بناء على معلومات استخباراتية ربطتها بهجمات ضد القوات الأميركية وبعد التأكد من عدم وجود مدنيين في المنطقة.

وذكر كيربي، أن الولايات المتحدة لا تعرف عدد المسلحين الذين قتلوا أو جرحوا، لكن البنتاغون يجري تقييما للنتائج.

وقال مدير العمليات بهيئة الأركان المشتركة الأميركية، دوغلاس سيمز، إن "الضربات كانت ناجحة جدا، مما أدى إلى انفجارات ثانوية كبيرة ناجمة عن ضربات أصابت أسلحتهم، على الرغم من أنه لم يكن من الواضح ما إذا كان أي من المسلحين قد قتلوا".

خسائر الميليشيات في سوريا

قال مسؤول أميركي، السبت، إن التقييم الأولي لأضرار القصف أظهر أن الولايات المتحدة ضربت كل هدف من أهدافها المخطط لها، بالإضافة إلى عدد قليل من "الأهداف الديناميكية" التي ظهرت مع بدء المهمة، بما فيها موقع صواريخ أرض جو ومواقع إطلاق الطائرات المسيرة.

المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لتقديم تفاصيل لم يتم الإعلان عنها بعد، لم يكن لديه بعد تقييم للضحايا، وفقا لأسوشيتد برس.

في سوريا ذكرت وسائل الإعلام الرسمية أن الغارات أسفرت عن سقوط ضحايا لكنها لم تذكر رقما.

لكن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض رامي عبد الرحمن، قال إن 23 مسلحا قتلوا نتيجة الضربات الأميركية على مواقع داخل سوريا.

وأضاف عبد الرحمن لموقع "الحرة" أن من بين القتلى تسعة سوريين وستة عراقيين ولبنانيين اثنين، وجميعهم ينتمون لميليشيات موالية لطهران، مشيرا إلى أنه لا توجد معلومات بعد عن جنسيات باقي القتلى.

ولفت عبد الرحمن إلى أن القتلى توزعوا على مدينتي دير الزور بواقع 10 وفي الميادين 13 عنصرا.

ورجح عبد الرحمن ارتفاع حصيلة القتلى لوجود مفقودين تحت أنقاض مبنى مدمر تابع لحزب الله اللبناني في منطقة الميادين "لم نتمكن بعد من معرفة تفاصيل أكثر عنه لأن المنطقة مطوقة أمنيا".

وبين مدير المرصد السوري أن "سيارات تابعة للميليشيات الموالية لإيران انتشرت في المناطق المستهدفة في دير الزور وريفها وصولا للحدود السورية العراقية مرورا بمدينتي البوكمال والميادين وسط حالة استنفار وإعادة انتشار وتموضع وإخلاء العديد من المواقع تخوفا من مزيد من الضربات خلال الساعات القادمة".

ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بيانا لوزارة الدفاع أفاد بمقتل "عدد من المدنيين والعسكريين وإصابة آخرين بجروح وأضرار كبيرة بالممتلكات العامة والخاصة".

العراق

أفاد المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، في بيان، السبت، بأن الضربات في العراق بالقرب من الحدود السورية أسفرت عن مقتل 16 شخصا، بينهم مدنيون، وألحقت "أضرار ا كبيرة" بالمنازل والممتلكات الخاصة.

وقالت قوات الحشد الشعبي، في بيان إن أحد المواقع التي تم استهدافها كان مقرا أمنيا رسميا لها. 

وبالإضافة إلى 16 قتيلا، تحدث البيان عن إصابة 36 بجروح، "فيما لا يزال البحث مستمرا عن جثث عدد من المفقودين".

وأوضح البيان أن حصيلة القتلى توزعت على المقر الجوال لعمليات الأنبار وكتيبة إسناد اللواء (7) قتلى و(7) جرحى، موقع مقاتلة الدروع (3) قتلى (10) جرحى مستشفى عصام البلداوي التابع للطبابة (5) قتلى، مقر الدعم اللوجستي جريح واحد، موقع المدفعية قتيل وأربعة جرحى، موقع كتيبة الدبابات أربعة جرحى، وموقعان تابعان للواء 45 (11 جريحا).

وندد المتحدث الرسمي العراقي العوادي بالضربات ووصفها بأنها "انتهاك للسيادة العراقية"، لاسيما أن بعضها استهدف منشآت لقوات الحشد الشعبي. 

وأفاد سكان بأن عدة غارات أصابت حي السكك في مدينة القائم، وهو منطقة سكنية قال مواطنون إن جماعات مسلحة تستخدمها أيضا لتخزين كميات كبيرة من الأسلحة. 

وقالت مصادر محلية إن المسلحين غادروا المنطقة واختبأوا في الأيام التي تلت الهجوم في الأردن، وفقا لرويترز.

ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤول محلي القول إن مدنيين اثنين على الأقل قتلا في بلدة القائم بمحافظة الأنبار على الحدود السورية، حيث تم استهداف مستودعات الأسلحة. 

وبدأت مجموعة من الميليشيات العراقية المدعومة من إيران والتي تطلق على نفسها اسم "المقاومة الإسلامية في العراق" والعديد من أعضائها أيضا جزء من قوات الحشد الشعبي، في شن هجمات على القواعد الأميركية في العراق وسوريا في 18 أكتوبر. ووصفت الجماعة الضربات بأنها رد على دعم واشنطن لإسرائيل في حرب غزة.

ووضعت قوات الحشد الشعبي، وهي تحالف من الميليشيات المدعومة من إيران، رسميا تحت مظلة القوات المسلحة العراقية بعد انضمامها إلى القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية عام 2014، لكنها في الواقع لا تزال تعمل إلى حد كبير خارج سيطرة الدولة، وفقا لأسوشيتد برس.

وتعرضت القوات الأميركية وقوات التحالف الدولي في العراق وسوريا لأكثر من 165 هجوما منذ منتصف أكتوبر، تبنت الكثير منها "المقاومة الإسلامية في العراق".

ووجهت أجهزة الاستخبارات الأميركية أصابع الاتهام بالتحديد إلى "المقاومة الإسلامية في العراق"، في الهجوم الذي أسفر عن مقتل 3 جنود أميركيين نفذ بواسطة طائرة مسيرة في 28 يناير على "البرج 22"، وهو قاعدة للدعم اللوجستي في الأردن على الحدود مع سوريا.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.