صورة لآثار الدمار في مدينة القائم العراقية جراء القصف الأميركي- أسوشيتد برس
صورة لآثار الدمار في مدينة القائم العراقية جراء القصف الأميركي- تعبيرية/ أسوشيتد برس

استخدمت الولايات المتحدة، قاذفات "بي-1" في ردها على الجماعات المسلحة الموالية لإيران في سوريا والعراق، وذلك إثر الهجوم بمسيّرة على قاعدة أميركية في الأردن قرب الحدود السورية أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين في 28 يناير الماضي.

ولفت الخبير العسكري الأميركي، مايك لاينز، إلى أن استخدام هذه القاذفات يدل على أن واشنطن لم تكن تريد توجيه ضربة تحذيرية فقط كما فعلت دائما مع تلك الجماعات، بل هدفت إلى ضربها بقوة ودقة وقطع الإمدادات عنها.

وفي حديث لشبكة "سي أن أن" قال لاينز "يبدو أنهم فعلوا ذلك لأنهم يريدون حقًا قطع الإمدادات اللوجستية عن تلك الجماعات" مشيرا إلى أن الهدف وراء هذه الضربات هو تعطيل "تلك الجماعات التي تمتد من إيران عبر العراق إلى سوريا".

لاينز  قال إن استخدام هذا النوع من القاذفات، يتيح الدقة اللازمة لتعطيل عمل تلك الأهداف.

يذكر أن البيت الأبيض أكد نجاح جميع الضربات الجوية في إصابة أهدافها في العراق وسوريا.

وذكر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، جون كيربي أن "المنشآت التي تم استهدافها كانت تستخدمها مجموعات تابعة للحرس الثوري الإيراني لاستهداف القوات الأميركية في الشرق الأوسط".

لاينز قال تعليقا على ذلك "من منظور استراتيجي، هذا بالضبط ما يجب أن يكون عليه الأمر، بصرف النظر عن إرسال الرسائل إلى إيران، يجب على القوات الأميركية أن تحصل على النتائج التي تريد الحصول عليها" في إشارة إلى تعطيل عمل التنظيمات المسلحة القريبة من إيران.

وختم " استخدام قاذفات بي 1، يعني أن الهدف هو رفع دقة ومفعول الضربات على طول نهري دجلة والفرات.. ربما ستستخدم في تدمير الجسور، أو القيام بأشياء أخرى تؤذي تلك التنظيمات.. يبدو أن هناك رغبة في الذهاب خلف خطوط الإمداد لكبح قدرتهم على شن هجمات".

والجمعة، شنت القوات  الأميركية غارات جوية في العراق وسوريا ضد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني والميليشيات التابعة له.

وقال بيان القيادة المركزية الأميركية إن قوات الجيش الأميركي ضربت أكثر من 85 هدفا، بقوات تضم قاذفات بعيدة المدى انطلقت من الولايات المتحدة.

وبحسب ذات البيان، استخدمت القوات الأميركية أكثر من 125 قذيفة دقيقة التوجيه.

وشملت المنشآت التي تم قصفها، مراكز عمليات القيادة والسيطرة، ومراكز الاستخبارات، ومخازن الطائرات بدون طيار، والصواريخ والقذائف، ومرافق لوجستية.

طلعات طويلة المدى "دون توقف"

قاذفات "بي-1"، والمعروفة أيضًا باسم "The Bone"، هي قاذفة قنابل استراتيجية بعيدة المدى تابعة للقوات الجوية الأميركية طورتها شركة Rockwell International، المعروفة حاليا باسم Boeing Defense And Space Group.

وتستطيع هذه القاذفة حمل ذخائر دقيقة وغير دقيقة التوجيه، وهي قادرة على التحليق لمسافات بعيدة.

في الصدد، قال مدير العمليات بهيئة الأركان المشتركة الأميركية، دوغلاس سيمز، للصحفيين، الجمعة، إن القاذفات التي أقلعت من الولايات المتحدة نجحت في تنفيذ الرحلة من دون توقف.

حمولة كبيرة ومواصفات تقنية فريدة

تمتلك قاذفات "بي-1"،  التي دخلت الخدمة في عام 1986، أكبر حمولة لأي قاذفة قنابل حالية. 

تعد قاذفات "بي-1"، نظام أسلحة متعدد الاستخدامات ومتعدد المهام، حيث أن رادارها قادر على تتبع مختلف الأهداف واستهدافها بالإضافة إلى امتلاكها لأوضاع استهداف مختلفة حسب التضاريس. 

تملك هذه القاذفات أيضا نظام ملاحة دقيق للغاية ومدعم بنظام تحديد المواقع، يمكّن أطقم الطائرات من التنقل دون مساعدة من أعوان التوجيه على الأرض.

تحتوي هذه القاذفات المميزة أيضا، على معدات التشويش الإلكترونية للحماية الذاتية وجهاز استقبال تحذير الرادار (ALQ-161) وأنظمة إلكترونية أخرى تشكل مجتمعة، نظام دفاع متكامل وقوي يدعم اختراق المجال الجوي للطرف المعادي.

وتقوم هذه الأنظمة الإلكترونية  باكتشاف وتحديد نقاط التهديد لدى الخصم ثم تطبق على أساسها القاذفة تقنية التشويش المناسبة إما تلقائيًا أو من خلال تدخل الطاقم.

وتسمح سرعة هذه القاذفات وخصائص التحكم الفائقة لها بالاندماج بسلاسة في أي قوة مختلطة من الطائرات والقاذفات الأخرى. 

هذه القدرات، عندما تقترن بحمولتها الكبيرة ونظام استهداف الرادار الممتاز ووقت التحليق الطويل والقدرة على البقاء، تجعل منها عنصرا أساسيا في أي قوة هجومية مشتركة، وفق موقع "إير فورس".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.