صواريخ صينية قادرة على حمل رؤوس نووية (صورة تعبيرية)
صواريخ صينية قادرة على حمل رؤوس نووية (صورة تعبيرية)

بعد أن تسببت الحربان العالميتان الأولى والثانية بمقتل عشرات الملايين من البشر في غضون أعوام ليست بالكثيرة، فإن تصاعد حدة الصراعات في عدد من المناطق حاليا، على رأسها الشرق الأوسط، تثير مخاوف من اندلاع حرب ثالثة، خاصة مع امتلاك العديد من الدول أسلحة دمار شامل.

وحسب شبكة "سكاي نيوز" البريطانية، فإن وزير الدفاع في المملكة المتحدة، غرانت شابس، كان قد حذر في وقت سابق هذا العام، من أن العالم "قد يغرق بحروب تشمل الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران، في السنوات الخمس المقبلة". 

ورغم أن العالم تنفس الصعداء مع انتهاء الحرب الباردة في في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، فإن أحداثا جساما مثل الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في 24 فبراير 2022، والأوضاع الكارثية الإنسانية التي يعاني منها قطاع غزة، والتصعيد الخطير بين إسرائيل وإيران، توحي بمخاوف من اندلاع حروب واسعة النطاق. 

وفي هذا الصدد، تحدثت "سكاي نيوز" إلى خبراء حول ما إذا كانت الحرب العالمية الثالثة محتملة، وما إذا كنا أصبحنا نعيش بالفعل في "عالم ما قبل الحرب".

"أحداث منفصلة"

الباحث البارز في مركز أبحاث المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، هيو لوفات، قال إن "الأخبار المطمئنة هي أننا لا نتجه نحو الحرب العالمية الثالثة".

وفي حين أن هناك صراعات وتوترات في ساحات مختلفة مثل أوكرانيا والشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ،  إلا أن هذه كلها "منفصلة وغير متصلة"، وفقا  للوفات الذي أوضح أن "الحرب في غزة مستمرة منذ 6 أشهر وتؤدي إلى تصعيد إقليمي، والرد الإيراني ضد إسرائيل هو مجرد أحدث مثال على ذلك".

وتابع: "هناك آثار على المجتمع الدولي، فعلى سبيل المثال فيما يتعلق بهجمات الحوثيين على الشحن في البحر الأحمر وتأثيرها على التجارة العالمية، فإنها قد تؤدي إلى خطر انجرار القوات البريطانية إلى صراع في الشرق الأوسط".

وزاد: "نحن بحاجة إلى رؤية هذه المخاطر في سياق معين، وهو أنها تؤثر بالفعل على المملكة المتحدة لكنها ليست مخاطر وجودية، فهذا يحدث أيضًا في وقت يتآكل فيه النظام الدولي ويتعرض لضغوط كبيرة. وهذا أمر يجب أن نشعر بالقلق الشديد منه".

"كابوس قائم"

أما محررة شؤون الأمن والدفاع في شبكة "سكاي نيوز"، ديبورا هاينز، فرأت أنه "نظرا لحجم الاضطرابات التي تهز أجزاء من العالم، خاصة في أوكرانيا والشرق الأوسط، فإن احتمالات اندلاع شرارة تشعل الحرب العالمية الثالثة قائمة بالفعل".

وأكدت أن ذلك "لا يعني أن التصعيد إلى المواجهة العالمية أمر لا مفر منه، لكن يمكن القول إنه أكثر احتمالا الآن من أي وقت مضى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية".

ونبهت هاينز إلى أن "القرار الذي اتخذته إيران بإطلاق وابل غير مسبوق من الصواريخ والطائرات بدون طيار على إسرائيل، أدى إلى زيادة المخاطر بهذا الشأن".

وتعهدت إسرائيل بالرد على الرغم من أن حلفاءها، بما في ذلك أميركا وبريطانيا، يحثون على ضبط النفس، خاصة أنهم ساعدوا في ضمان اعتراض الغالبية العظمى من المقذوفات الإيرانية قبل أن تتسبب في ضرر على الأرض.

واعتبرت هاينز أنه "إذا اختارت إسرائيل الرد، فمن الممكن احتواء الأزمة إذا كانت ضربة الرد محدودة، كما سيتم كبح أي رد إيراني آخر ناجم عن  الهجوم الإسرائيلي.. لكنهما أمران كبيران في حال حدوثهما".

وزادت: "في كل مرة يتم فيها اتخاذ إجراء عسكري محدود، يكون هناك خطر حدوث خطأ أو سوء تقدير يؤدي إلى تصعيد غير منضبط، يتحول إلى حرب إقليمية".

تأثير عالمي

ونبهت هاينز إلى أن ما يحدث في الشرق الأوسط يخلف أيضاً تأثيراً عالمياً، "خاصة أن إيران مدعومة من روسيا وتتمتع بعلاقات وثيقة مع الصين، في حين أن أقوى حلفاء إسرائيل، بقيادة الولايات المتحدة، هم في الغالب دول غربية".

وتابعت المحررة: "على الرغم من التعهدات بالدعم الغربي، فإن روسيا تكتسب المزيد من الأرض ببطء في أوكرانيا، في حين يفشل الحلفاء الغربيون في تسليم الأسلحة والذخائر التي يحتاجها الجيش الأوكراني، مما يؤدي إلى انسحاب لا مفر منه، ما لم يتغير ميزان القوة العسكرية على الأرض".

وشددت على أن نجاح  الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في أوكرانيا "قد يشجعه على اختبار قوة حلف شمال الأطلسي من خلال غزو دولة عضو في الناتو".

وشرحت: "هذا من شأنه أن يخلق حربا مباشرة بين موسكو الاستبدادية المسلحة من قبل إيران وكوريا الشمالية وأيضا بمساعدة من الصين، وبين حلف شمال الأطلسي من جهة أخرى".

وأردفت: "الدليل على أن القوة العسكرية أثبتت فعاليتها ضد القوى الغربية، قد يزيد من صلابة تصميم الصين على الوفاء بتعهدها بإعادة توحيد جزيرة تايوان مع البر الرئيسي، حتى لو كان ذلك يعني غزوها".

وختمت بالقول: "من الممكن أن تؤدي مثل هذه الخطوة أيضًا إلى إغراق آسيا في الصراعات، مرة أخرى على نفس الخط الفاصل بين الدول الاستبدادية والديمقراطيات".

"تحويل الانتباه"

في سياق متصل، أعرب زميل الأبحاث الأول في المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI)، إدوارد أرنولد، عن اعتقاده بأن "الناس بحاجة حقاً إلى فهم ماهية معاهدة شمال الأطلسي، التي تشكل أساس منظمة حلف شمال الأطلسي".

واعتبر أرنولد أنه "يبدو أن عامة الجمهور يعتقدون أن المادة الخامسة من ميثاق حلف شمال الأطلسي (التي تنص على اعتبار الهجوم على أحد الأعضاء بمثابة هجوم على الجميع) بديهية وتلقائية".

وتابع: "ليس هذا هو الحال أو بالتأكيد لا ينبغي أن يكون الأمر كذلك.. فالتصعيد ليس تلقائيا، وهناك إجراءات أخرى لتهدئة الأمور".

وبالنظر إلى الوضع في أوكرانيا، حيث يقدم الناتو الأسلحة والمساعدة، رأى أن "خطر حدوث سوء فهم بين الناتو وروسيا يزداد"، مردفا: "أظن أن ذلك يمكن أن يحدث عندما تطلق سفينة النار على سفينة أخرى عن طريق الخطأ، وبناء على ذك نحن بحاجة إلى أن نكون مستعدين حقًا لما يعنيه ذلك".

كما اعتبر أن خطر نشوب صراع أوسع مع روسيا "يتضاءل في الوقت الحالي في بعض النواحي"، حيث بدأت قوات الكرملين في إحراز تقدم في أوكرانيا، لكن نوعية قواتها تدهورت بشكل كبير لدرجة أنها لم تعد في وضع يسمح لها بتشكيل تهديد لحلف شمال الأطلسي، وفق "سكاي نيوز".

وتابع أرنولد: "بوتين سينظر عن كثب إلى ما يحدث في الشرق الأوسط، وكيف تستجيب كل دولة للأحداث هناك، وفيما كان ذلك قد يكون تحويلا للانتباه (عن أوكرانيا).. كل هذا يساعد بوتين في الوقت الحالي، لأنه بينما نركز على الشرق الأوسط، فإننا لا نهتم بأوكرانيا كما كنا فعلنا سابقا".

وفي سياق ذي صلة، رأى زميل الأبحاث الأول في مركز أبحاث الإصلاح الأوروبي، لويجي سكازييري، أن "الصراع المحتمل بين إيران وإسرائيل لديه القدرة على التوسع، ليمسي حريقا عسكريا كبيرا في الشرق الأوسط، مع تداعيات عالمية".

وزاد: "من شبه المؤكد أن الولايات المتحدة ستقف مع الجانب الإسرائيلي، وقد تفعل الدول الغربية الأخرى، بما في ذلك المملكة المتحدة، الشيء نفسه لكن بدرجة أقل".

واستدرك: "لكن مشاركتهم ستكون محدودة، و بالتالي لن تكون هذه حربا عالمية ثالثة، لأسباب ليس أقلها أن روسيا لا تستطيع تحمل دعم إيران، ولأن الصين من غير المرجح أن تفعل ذلك".

وأوضح أن "تأثير مثل هذا الصراع على أوروبا سيكون اقتصاديًا في المقام الأول، وذلك من خلال المزيد من التعطيل في تدفقات الطاقة والتجارة".

ورأى سكازييري أن "المسار الأساسي لسيناريو الحرب العالمية الثالثة هو الصدام الغربي المباشر مع روسيا، وسيكون هذا السيناريو أكثر ترجيحًا إذا فاز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأميركية، وقوّض حلف شمال الأطلسي، مما يغري بوتين بالهجوم على دول البلطيق".

وخلص إلى أنه "من المرجح أيضًا أن يكون هناك صراع مع روسيا إذا شاركت القوات الغربية في دعم أوكرانيا في الأدوار القتالية على الخطوط الأمامية".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.