السوداني استقبل إردوغان في بغداد
السوداني استقبل إردوغان في بغداد

شهد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، والرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الاثنين، توقيع مذكرة تفاهم رباعية بين العراق وتركيا وقطر والامارات للتعاون في "مشروع طريق التنمية".

وقال بين لمكتب السوداني إن المذكرة التي تم توقيعها خلال زيارة إردوغان لتركيا "تهدف إلى التعاون المشترك بشأن مشروع طريق التنمية الاستراتيجي".

ووقع المذكرة عن الجانب العراقي وزير النقل، رزاق محيبس، وعن الجانب التركي وزير النقل والبنية التحتية، عبد القادر أورال أوغلو، ومن قطر، وزير المواصلات، جاسم بن سيف السليطي، ومن الإمارات وزير الطاقة والبنية التحتية، سهيل محمد المزروعي.

توقيع مذكرة تفاهم

وتتضمن المذكرة قيام الدول الموقعة بوضع الأطر اللازمة لتنفيذ المشروع.

وقال مكتب رئيس الوزراء العراقي إن المشروع "سيسهم في تحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز علاقات التعاون الإقليمي والدولي من خلال تحقيق التكامل الاقتصادي والسعي نحو اقتصاد مستدام بين الشرق والغرب، كما سيعمل على زيادة التجارة الدولية، وتسهيل التنقل والتجارة، وتوفير طريق نقل تنافسي جديد، وتعزيز الرخاء الاقتصادي الإقليمي".

وقبيل التوقيع، عقد السوداني لقاء ثنائيا مع الرئيس التركي في القصر الحكومي، وفق وكالة الأنباء العراقية (واع).

وعقد رئيس الجمهورية العراقية، عبد اللطيف جمال رشيد، أيضا لقاء مع الرئيس التركي تناول "العديد من القضايا المهمة أبرزها ملف المياه ومشروع طريق التنمية".

وذكرت الدائرة الإعلامية لرئاسة الجمهورية، في بيان تلقته وكالة الأنباء العراقية (واع) أن اللقاء تناول "المستجدات الأخيرة في المنطقة، وأهمية تخفيف حدة التوترات ووقف التصعيد المستمر، واعتماد التفاهمات والحوار البنّاء في معالجة القضايا العالقة بين دول المنطقة".

وأكد البيان أن "العراق يرفض أن تكون الأراضي العراقية منطلقا للاعتداء أو تهديد دول الجوار، كما نرفض أي اعتداء أو انتهاك تتعرض له المدن العراقية، ومشددا على وجوب احترام سيادة العراق وأمنه القومي".

وتطرق الرئيس العراقي إلى "ملف المياه والأزمة التي يعاني منها العراق جراء انخفاض التدفقات المائية عبر نهري دجلة والفرات وأثرها في مجمل الفعاليات الحياتية"، مؤكدا "ضرورة معالجة ملف المياه وضمان حصة عادلة للعراق لسد احتياجاته، والاستفادة من الخبرات في إدارة ملف المياه وبناء السدود، والتنسيق والتشاور بشأن المشاريع والمنشآت التي تقام على نهري دجلة والفرات".

وعبر الرئيس التركي عن "سعادته لزيارة العراق"، مشيدا بـ"التطورات التي يشهدها العراق في مختلف الأصعدة" وأكد "أهمية العلاقات بين البلدين وضرورة تطويرها لتشمل مختلف المجالات"، مبينا أن "تركيا تقف إلى جانب العراق في حربه ضد الإرهاب وفي مواجهة التحديات الأمنية والبيئية والاقتصادية".

وأشار إلى أن "البلدين يرتبطان بعلاقات متميزة في شتى المجالات ما يخدم التعاون والتنسيق المشترك ويعود بالمنفعة على الشعبين العراقي والتركي".

وأعرب الرئيس التركي عن "تفهم بلاده لاحتياجات العراق من المياه، وحرصها على التعاون في هذا المجال ومن خلال اللجان المشتركة بين البلدين"، مبينا أن "العراق يشكل مركزا مهما في التجارة بالنسبة إلى تركيا، ومن المناسب تطوير آليات التعاون التجاري والاقتصادي".

وأضاف إردوغان أن "مشروع طريق التنمية مهم لدول المنطقة، وللبلدين، وستواصل تركيا دعمها للعراق من أجل استكمال المشروع بأسرع وقت ممكن وتحقيق أهدافه الاقتصادية والتنموية لشعوب المنطقة".

ووصل إردوغان إلى بغداد، الاثنين، في زيارة هي الأولى منذ عام 2011، وتأتي في ظل تفاهمات توصلت إليها بغداد وأنقرة، منذ العام الماضي، في ما يتعلق بحزب العمال الكردستاني، والذي صنفته الحكومة العراقية كمنظمة "منظمة محظورة" في البلاد، حيث يسعى إردوغان وفق محللين تحدثوا مع موقع "الحرة" إلى حشد دعم العراق لجهوده العسكرية ضد التنظيم.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.