يستعين بلال عاصي (31 عاماً) بأدوات حماية من الإصابة بالفيروس، مثل الأقنعة الطبيّة والمعقمات والمطهرّات.
ويرى بلال، وهو صاحب متجر لبيع المواد الغذائية في بغداد، أن مخاوف عدوى الإصابة "غيرت علاقته بالناس"، واستحوذت روائح المطهرات والمعقمات على تفاصيل يومه بشكل "لا يطاق" على حد تعبيره.
ويقول لـ"ارفع صوتك" إن "القلق ترك آثاره على نمط حياته بشكل عام، لدرجة أنه لا يستطيع أن يحصي عدد المرات التي يقضيها في تنظيف وغسل وتعفير محله وما يضم من سلع وبضائع".
"متجر أو محل يعني أن الناس سيأتون إلى هنا للشراء والتسوق. لذلك، يجب أن يكون خالياً من الفيروس، وبما أنني لا أثق بالناس وبقدرتهم على التصدي لهذا المرض، لجأت حتى لتعقيم الأوراق النقدية عند الاستلام والتسليم عبر رش يد الزبون بمادة معقمة" يتابع بلال.
حالة الطوارئ
وكانت منظمة الصحة العالمية، أعلنت عن آخر تحديث لحالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد في إقليم شرق المتوسط، حتى مساء 15 مارس الجاري.
وسجلت العراق 110 حالات إصابة، إلا أن الوزارة أعلنت في وقت سابق أن عدد الإصابات وصل 124، وحالات التعافي 26 والوفيات 9.
ومع ذلك، لا يشعر مؤيد ثابت (52 عاماً) بخطر عدوى فيروس كورونا، كما "لا يعنيه" الالتزام بالإجراءات المتخذة في البلاد لمنع تفشي المرض، حيبما يقول.
ويتساءل مؤيد، وهو سائق سيارة أجرة (تاكسي) "هل فكر أحد المسؤولين بالمواطن الذي يعمل على باب الله أو عامل بناء أو صاحب محل من أن يأكل ويصرف هذه الأيام؟".
مضيفاً لـ"ارفع صوتك": "أول شخص لن يلتزم بهكذا قرارات وإجراءات هو أنا، لا أعرف مدى خطورة هذا المرض، رغم اتخاذي - وفق قدرتي- الاحترازات اللازمة، لكن ما أعرفه جيداً أن أطفالي بحاجة لقوت يومي ويجب عليّ توفيره لهم".
التدابير الوقائية
وتتفاوت مخاوف الناس من المرض، فالكثير من المطاعم والمقاهي ما زال مفتوحا ويستقبل زبائنه في العاصمة بغداد. وكأن الكورونا محض خيال!
"إذا حاولت الدخول إليها، على سبيل المثال، لن تجد التدابير الوقائية من الفيروس"، يقول علي محمود (41 عاماً).
ويضيف "أشعر بالحرج كلما اكتشف أنني الوحيد الذي يرتدي كمامة الوجه في مكان ما، فأضطر إلى خلعها".
ويعزو علي في حديثه لـ"ارفع صوتك" فعله إلى "نظرات السخرية الموجه له، وخاصة في الأماكن الشعبية، ويؤمن غالبية سكانها بـ(لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، والمؤمن مبتلى)" وغير ذلك من الأقوال الدينية.
من جهته، يفضل غيث ناظم (37 عاماً) البقاء في بيته، قائلاً "ليس لدي مثل باقي العراقيين أية خطة لتفادي الإصابة بالعدوى. وهذا الإحساس بالعجز يذكرني بحصار التسعينيات وبسقوط بغداد كلما استمعت لتساؤلات أفراد عائلتي ومخاوفهم من الإصابة".
تخزين المواد لغذائية
وفي الوقت نفسه، حرصت الحاجة أم كريم على شراء المواد الغذائية وتخزينها، كما قررت إبقاء أسرتها في المنزل. تقول "أخاف من أن ينتقل الفيروس لهم".
تشير إلى أنها – كما غيرها- في البداية لم تكترث للمرض، ولكن بعد فرض حظر التجوال على بعض المحافظات العراقية "شعرت بخطورة تجاهل مثل هذا الفيروس، وبدأت باتخاذ الاحتياطات الامتناع عن استقبال الضيوف".
كما تأثرت الكثير من العوائل بأخبار عدوى فيروس كورونا، إذ تم تأجيل المناسبات أو إلغاء جلسات العزاء.
وسن هادي (25 عاماً) أجلت استعداداتها للزواج، تقول إن "الوضع غير مناسب للاحتفال أو التفكير بحياة جديدة، فالكل يخاف من عدوى الفيروس ويتوقع انتشاره".
وتضيف لـ"ارفع صوتك" أن "من حق الناس الخوف من انتشار العدوى، بعضهم يقول إن الحكومة لا تهتم بحياة الناس، لذا علينا أن نحافظ على حياتنا بأنفسنا".
وترى وسن أن مخاوف الناس لم تتوقف عند هذا، بل تأجلت حتّى مشاريع زيارة الأطباء أو المستشفيات للعلاج من أمراض أخرى غير الفيروس.
تقول "البعض يرى مراجعة الطبيب أو المستشفى الآن فرصة للإصابة بعدوى الفيروس".
مواقع التواصل
ويتجه كثير من العراقيين الآن إلى منصات مواقع التواصل الاجتماعي كوسيلة لحث الآخرين على الوقاية من الإصابة بفيروس كورونا.
يقول نمير أسعد (28 عاماً) إن "أكثر ما يقلقني ويدفعني للشعور بالرعب حال مواقع التواصل الاجتماعي اليوم. فالكل يسعى لنشر ما يخيفك من المرض".
ويضيف "لقد تغيرت نظرتنا تجاه الحياة بسبب ذلك، ولم تعد لدي القدرة على العيش براحة أو سلام".
ومن الاحترازات التي اعتمدتها المولات التجارية وكذلك المحلات والمطاعم والمكتبات وغيرها، تفعيل خدمة التوصيل المنزلي رغم إغلاق أبوابها، كوسيلة للعمل عبر الإنترنت، ويرى زهير سلام (39 عاماً) أنها مؤقتة لغاية انتهاء الأزمة.
ويضيف "تأثرت مصالحنا وأرزاقنا كثيرا، ولكن ماذا نفعل غير الصبر والعمل بالإمكانات المتوفرة لتجاوز الأزمة؟!".
"إهانة شخصية"
ومع أخبار ظهور فيروس كورونا بدأت أحلام التي تدير صالوناً لتجميل النساء، بتلقي رسائل من زبوناتها المشتركات في (كروب الصالون) على تطبيق "وتساب" قبل السماح لواحدة منهن بزيارة الصالون لتصفيف شعرها خشية انتقال العدوى.
ورغم أن أحلام حسين (48 عاماً) تعرف أن هذه الاحترازات ليست كافية للحد من انتقال العدوى، إلاّ أنها تجنبها العمل غير الضروري لزبونات يمكن تأجيلهن لوقت أفضل.
تقول لـ"ارفع صوتك": "أشعر بالخوف من الفيروس، لكني ملزمة على الأقل بتوفير إيجار الصالون والبيت الذي تعيش أسرتي فيه".
كما تبنت أحلام هذه الأيام سلوكيات جديدة لتفادي العدوى، منها الطلب من زبونة الصالون قبل دخولها ارتداء كمامة طبية على وجهها وكذلك ارتداء قفازات يدين".
وتضيف أن "الأغلبية من الزبونات غير مهتمات أو مباليات لما يحدث من تطورات للفيروس في العالم، بل على العكس يسخرن من إجراءات الوقاية، ويعتبرن أساليب الوقاية التي أتبعها إهانة شخصية لهن".