عامل نظافة أثناء حظر التجوال في الحمدانية في نينوى شمال العراق
عامل نظافة أثناء حظر التجوال في الحمدانية في نينوى شمال العراق

حظر التجوال في أغلب المدن العراقية، وعلى الرغم من أهميته القصوى في ظل سهولة انتشار عدوى فيروس الكورونا، إلا أنه تسبب بضرر اقتصادي بالنسبة لمن توقفت أعمالهم.

ومن ناحية أخرى، تواجه الحكومات المحلية والنشطاء المدنيين صعوبة في إقناع الأهالي بالبقاء داخل بيوتهم فترة حظر التجوال، لتفادي الإصابة بالوباء العالمي، حيث وصل عدد الوفيات 11 وعدد الإصابات 154 في العراق وفق جهات رسمية.

ومن مدينة الحمدانية مركز محافظة نينوى شمال العراق، يقول الناشط المدني أمير ياكو، "لا إصابات مسجلة في داخل المحافظة، وتم اتخاذ العديد من الإجراءات الوقائية لمنع انتشار عدوى فيروس الكورونا، منها حملة تعفير وتعقيم منذ أسبوع تقريباً في الحمدانية، قام بها شباب متطوّع وبدعم من تبرعات الأهالي وتنسيق مع جهات صحيّة وأمنية رسمية".

ويتابع أمير  "في السبت الماضي ألزم محافظ نينوى نجم الجبوري بحظر التجوال لمدة يومين، ثم تم تمديده حتى نهاية الشهر الجاري، ما بين الساعة الخامسة مساءً حتى السادسة فجراً" 

بيان حظر التجوال- الحمدانية

 

ويضيف "أما بالنسبة للدوام في المدارس والجامعات فهو معطل تماماً منذ بداية مارس الجاري، وهناك احتمال بأن يتمدد بعد انتهائه، فيما أعلنت ايبارشية الموصل للسريان الكاثوليك ولبقية الايباراشيات ضرورة إيقاف القداديس والصلوات في الكنائس بسبب تجمع الناس على الرغم من من امتياز هذه الفترة (صوم الأربعين) بكثرة الصلوات، إلا أنها مستمرة عبر إذاعة صوت السلام في بغديدا (قره قوش)".

العمال يخسرون كل يوم

وعن طبيعة حظر التجوال، يوضح أمير ياكو في حديث لـ"ارفع صوتك": "يشمل المحافظات والأقضية والنواحي ويُلزم أصحاب المحال التجارية بغلق محلاتهم، ما عدا أفران الصمون (الخبز) والأسواق، كما يُسمح لفرد واحد فقط من كل عائلة بالتبضّع لتجنب الاختلاط والازدحام، ويشمل الحظر أيضاً تنقلات المركبات من أجل الاقتصاد في استهلاك الوقود، يستثنى منها ناقلات المشتقات النفطية والمواد الغذائية والحالات الإنسانية".

 ويؤكد "التزام أغلبية المواطنين بقرار الحظر" مشيراً إلى الوحدة الاجتماعية والدعم المالي واللوجستي من قبل شخصيات عامة في المحافظة للمحتاجين، أو عبر تسهيلات من مُلّاك الشقق نحو المستأجرين بالتسامح في عدم دفع إيجار شهر مارس.

كما قام أصحاب المحلات التجارية والمطاعم في الحمدانية بدعم رجال الشرطة والأطباء المتواجدين في المفارز والمستشفى بتقديم الطعام لهم مجاناً مع رسائل تحفيزية على العمل، حسبما يقول أمير.

في ذات السياق، ظهرت أزمة في السوق المحلي بسبب إقبال الناس الشديد على شراء المواد الغذائية الرئيسة وخشيتهم من إغلاق الطريق بين نينوى وأربيل، حيث أنه الوحيد الذي تصل عبره هذه المواد.

يقول أمير لـ "ارفع صوتك": "بعض التجار رفعوا أسعار السلع، لكن حدّ من هذا الأمر  تشكيل لجنة لمراقبة الأسعار من قبل قائم مقامية الحمدانية، الذي أوعز بالتبليغ عن أي محل يعرض أسعاراً مرتفعة ومبالغاً بها".

وفي نفس الوقت، يقول أمير "أكثر المتضررين هم عمّال المياومة، الذين يقبضون لقاء عمل كل يوم 10 آلاف دينار عراقي (7 دولارات) وغياب كل يوم يعني نقصاً في موردهم المالي الأساسي الذي يعيشون عليه".

 

بعض صور من مدينة الحمدانية أثناء حظر التجوال

 

 

 

 

مواضيع ذات صلة:

الرئيس برهم صالح في لقاء مع رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي في قصره ببغداد
الرئيس برهم صالح في لقاء مع رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي في قصره ببغداد

رسميا، كُلف عدنان الزرفي، محافظ النجف السابق وعضو حزب الدعوة السابق أيضا، بتشكيل حكومة جديدة في العراق.

جاء تكليف الزرفي بعد اعتذار محمد توفيق علاوي عن تشكيل الحكومة لتعذر إيجاد توافق سياسي على توليه، بسبب حجم الصراعات الحزبية داخل البرلمان، التي تعد الأكبر في تاريخ العراق.

مساحة التوازن

ويبدو أن تشكيل الحكومة، هو التحدي الأكبر والأول الذي ينتظر الزرفي.

ويرى مختصون في علم السياسة أن "الطريق أمام الزرفي لن يكون معبدا، خصوصا وأن حلفاء إيران لا يرضون أن ينفلت العراق من مساحة التبعية التي ثبتها عادل عبد المهدي".

يعتبر رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري أن "عبد المهدي حول العراق إلى دولة تابعة لإيران، وفق مصطلح العلوم السياسية".

ويقول الشمري "أتصور هذا تحدي لعدنان الزرفي على مستوى العودة إلى مساحة التوازن، كلما استند إلى الدستور في إقامة علاقات مع إيران على أساس المصالح المشتركة ممكن أن يكسب ود كل الأطراف الداخلية"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك) أنه "على إيران أن تتفهم ان العراق بلد سيادة ويجب أن تمضي مع هذا النهج الجديد".

وفي كلمته الأولى التي ألقاها الزرفي عقب تكليفه وعد بأن يضع "العراق أولا في برنامج حكومته الذي سيطرحه على القوى السياسية".

ويرى الشمري أن "شخصية الزرفي المتسمة بالواقعية والمرونة، ستساعده في الحصول على تفهم بقية الأطراف".

مكاسب ومناصب

ورغم تمثيل القوى السياسية الذي كان حاضرا في القصر الجمهوري لحظة التكليف، والذي شمل معظم تلك القوى، لكن إعلان وبيانات الرفض استمرت عقب ذلك.

يعلق الشمري "جزء كبير من الأطراف يرفض الزرفي من أجل مكاسب سياسية، ومساحة تواجدها في السلطة التنفيذية".

ويتابع "جزء آخر مرتبط بقلق بعض الأطراف التي أنشأت دولة عميقة في زمن عادل عبد المهدي، من خلال إعادة هيكلة الدولة وضياع ما أنشأته تلك القوى".

هذا فضلا عن خشية بعض القوى التي تملك أجنحة مسلحة على نفوذها في حال ذهاب الزرفي إلى "حصر السلاح بيد الدولة".

وكان الزرفي قد تعهد الزرفي في بيان المتكون من 12 نقطة، بالعمل على إجراء انتخابات نيابية مبكرة خلال أقل من سنة، وحصر السلاح بيد الدولة.

مليشيات وسلاح سائب

ومع إعلان الزرفي برنامجه الانتخابي، مساء الثلاثاء 17 مارس، للخروج من مرحلة الركود السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد، سقط صاروخ كاتيوشا على حي سكني محاذٍ للمنطقة الخضراء وسط بغداد، والتي تضم مقر السفارة الأميركية.

وهذا الهجوم هو الرابع خلال أسبوع، استهدفت جميعها قواعد عسكرية تضم قوات أميركية، ما يضع الزرفي أمام تركة تواجد القوات الأجنبية في العراق، وما وصل إليه هذا الملف من تعقيد بسبب الهجمات الصاروخية التي تشنها مجاميع عراقية مسلحة موالية لإيران، تستهدف المصالح الأميركية بالعراق.

وفي تغريدة على تويتر قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إنّ "العراقيين يريدون حكومة تحافظ على سيادة العراق وتوفّر احتياجاتهم الأساسية ولا ينخرها الفساد وتصون حقوق الإنسان الخاصّة بهم".

وأضاف "إذا أعطى رئيس الوزراء المكلّف عدنان الزرفي الأولوية لهذه المصالح، فسيحصل على الدعم الأميركي والدولي".

وهذا الأمر يضع رئيس الحكومة المكلف عدنان الزرفي أمام تحديات أمنية كبيرة.

يقول أستاذ الأمن القومي في جامعة النهرين حسين علي علاوي، إن تلك التحديات "تتعلق بالجماعات الخاصة المسلحة المرتبطة بإيران"، موضحا في حديث لموقعنا "بدأت تلك الجماعات بتغيير تكتيكها العسكري في استهداف القواعد العسكرية التي تتواجد فيها البعثات الدولية التي تدرب القوات العراقية وتشاركها المعلومات الاستخباراتية".

بالتالي تضع تلك التحديات الزرفي في حال حصوله على ثقة البرلمان إلى "عملية فرض للقانون".

يوضح علاوي "يجب على الزرفي العمل مع القوى السياسية على إعادة بناء وهيكلة القوات المسلحة العراقية وخصوصا القوات النظامية، وإعادة ترميم نظام الدفاع الوطني من خلال العلاقة مع قوات البيشمركة، باعتبار جهودها الكبيرة في الحرب ضد الإرهاب".

ويرى أستاذ الأمن القومي أن فرص نجاح الرئيس المكلف "ممكنة، إن استطاع إدارة العلاقات الخارجية خصوصا مع إيران بصورة إيجابية"، إضافة إلى وجوب اعتماد الزرفي على "الحوار الوطني مع القوى السياسية"، من أجل إنهاء وجود قوات خارج سلطة الدولة، تستخدم السلاح ضد مؤسسات الدولة والشركاء الدوليين للعراق.

ويتابع علاوي "الأجنحة العسكرية والمليشيات والمجاميع الخاصة تستمع لقياداتها السياسية، بالتالي الحوار السياسي الذي لا بد أن يجري من أجل إنهاء وجود السلاح خارج سيطرة الدولة".

"فبقاء السلاح سائبا يؤثر على هيبة وسيادة وسمعة الدولة، إضافة إلى تأثيره على الاقتصاد"، وفقا لعلاوي.