اضطرت شذى إلى مغادرة المدرسة بسبب متلازمة داون التي تعاني منها.
اضطرت شذى إلى مغادرة المدرسة بسبب متلازمة داون التي تعاني منها.

"أنا شذى.. أعمل حاليا في صناعة الأساور وإكسسوارات الزينة والحلي النسائية.. أساعد نفسي بنفسي في كل شيء.. أحلم بالحصول على فرصة عمل سكرتيرة مثلا أو أي شيء"، تقول شذى القباطي (36 عاما) بثقة كبيرة لموقع "ارفع صوتك"، معبرة عن سعادتها بحياتها رغم كثير من المنغصات التي تواجهها هي وأقرانها من مصابي متلازمة داون.

تحب شذى التصوير والموسيقى، وتعلمت الكمبيوتر أيضا. "أريد تعلم قيادة السيارات وافتتاح قناة في يوتيوب للتعريف بنفسي وطموحاتي والحديث عن المصابين بمتلازمة داون"، تقول الشابة اليمنية.

لكن الأمر ليس سهلا، يعاني المصابون بمتلازمة داون التهميش ويفتقرون لأبسط الحقوق الأساسية في بلد يعيش حالة حرب منذ خمس سنوات تقريبا.

سباحة وشاعرة أيضا

تقول والدة شذى، نفيسة محمد، لموقع "ارفع صوتك" أن شذى -أكبر أفراد أسرتها- قد أتمت 36 عاماً من عمرها، ما دفعها لتشجيعها بالعمل في صناعة الأساور. "نقوم ببيعها للأصدقاء فقط لأنه لا يوجد سوق خاص بذلك ولا تشجيع، لكن لا أستطيع تركها تنتج كمية كبيرة لعدم توفر الإمكانيات لدينا".

وتتابع الأم: "شذى طموحة جدا وتريد أن تعمل لأنها تعيش بظروفنا السيئة، لكن لم نجد لها العمل المناسب رغم أننا تلقينا وعودا من منظمات وأشخاص لكن دون جدوى. لا أحد يثق بهذه الشريحة، وأنا غير قادرة على تأسيس مشروع خاص لها".

وأشارت إلى امتلاك ابنتها لمهارات عالية في العمل ومن هواياتها السباحة والرياضة، بل إنها تقول الشعر وتتابع أحداث الحرب في بلادها.

لا مكان في المدرسة

درست شذى في مدارس حكومية وخاصة. لكن الأم تقول إن هذه المدارس لم تمنحها شهادات كبقية الطلاب بذريعة أنها "معاقة وكبيرة بالسن".

لجأت شذى إلى معهد خاص بذوي الاحتياجات الخاصة لكنهم طردت. تقول الأم إن "المشكلة في مثل هذه المعاهد هي خلط المعاقين بمختلف أنواع الإعاقات، فلا يوجد تصنيف ولا معهد خاص بالمصابين بمتلازمة داون".

"ابنتي لو حصلت على تعليم جيد كانت ستكون أفضل مما هي عليه الآن"، تؤكد نفيسة.

هناك مشكلة أخرى بحسب الأم، تتمثل في عدم اهتمام الجهات الحكومية المختصة ولا المنظمات بالمصابين بمتلازمة داون. "هذه الشريحة مهملة تماما في اليمن".

"في البلدان المتقدمة تجد هؤلاء يعملون في مهن مختلفة أبرزها المطاعم ويرتدون ملابس أنيقة، لكن هنا إذا خرجت ابنتي شذى للشارع لبيع أي شيء لن يشتري منها أحد".

نظرة دونية

بحسب الأم، فإن شخصية شذى "اجتماعية جداً.. هي شابة كأي شابة أخرى حتى أنني لا أعتبرها معاقة"، مشددة على ضرورة أن يقوم أهالي من لديهم متلازمة داون "بفرضهم" على المجتمع.

وعن مدى تقبل الناس لشذى، تقول نفيسة "الأهل والأصدقاء نظرتهم جيدة، لكن المجتمع ككل ينظر إليها وأقرانها بنظرة شفقة وأحيانا دونية".

كما تشير إلى أن ابنتها واثقة من نفسها 100% وتعتقد أن أي عمل ستنجح فيه. "نخرجها من المنزل برفقتنا رغم أنها تريد الخروج لوحدها، وتلتقي أشخاصاً كثر. لم يكن لديها أصدقاء سوانا أما الآن فلديها الكثير من الصديقات وحتى الأصدقاء".

وخلال حديثها، توضح الوالدة أن كثيرا من الأطباء والمختصين ممن التقوا بابنتها أدركوا أنها نموذج فريد للمصابين بمتلازمة داون.

وتعبر عن سرورها بجرأة وقوة ابنتها شذى.

يمتلكون القدرة

تتمنى نفيسة محمد من كل أسرة لديها شخص يعيش مع متلازمة داون "ألا تضع ابنها في قوقعة داخل المنزل وتخفيه. عليهم الاهتمام به وإعطاؤه الثقة"، كونهم طيبون ويملكون العديد من الصفات الجميلة، بالإضافة إلى القدرة على العطاء والقدرة على فعل كل شيء.

وفي ختام حديثها، تشير إلى أن أمنتيها أن تحصل ابنتها على فرصة عمل وتبدع فيها. "هذا سيجعلها تختلط بالناس أكثر وسينعكس على حياتها بشكل أفضل".

كما تتمنى أن يتقبل المجتمع المصابين بمتلازمة داون وأن توفر لهم الدولة احتياجاتهم الضرورية بدءا بالتعليم الجيد والمناسب والعلاج والترفيه.

من جهته، يؤكد الباحث المتخصص في شؤون الأطفال المصابين بمتلازمة داون ماجد السخي لموقع "ارفع صوتك" أن شذى "شخصية حيوية".

ويشير إلى الضرورة الملحة لانخراط أصحاب متلازمة داون مع المجتمع والعمل في سن مبكرة، لما لذلك من أثر سيعزز لديهم الثقة في أنفسهم، ويشعرهم أنهم أشخاص منتجون بطريقة تخلق لديهم دافعاً وطموحاً.

يضيف: "هكذا لن يشعر الشخص بأنه أقل ممن حوله، وسينعكس ذلك إيجابا على شخصيته".

 

 

 

مواضيع ذات صلة:

الرئيس برهم صالح في لقاء مع رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي في قصره ببغداد
الرئيس برهم صالح في لقاء مع رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي في قصره ببغداد

رسميا، كُلف عدنان الزرفي، محافظ النجف السابق وعضو حزب الدعوة السابق أيضا، بتشكيل حكومة جديدة في العراق.

جاء تكليف الزرفي بعد اعتذار محمد توفيق علاوي عن تشكيل الحكومة لتعذر إيجاد توافق سياسي على توليه، بسبب حجم الصراعات الحزبية داخل البرلمان، التي تعد الأكبر في تاريخ العراق.

مساحة التوازن

ويبدو أن تشكيل الحكومة، هو التحدي الأكبر والأول الذي ينتظر الزرفي.

ويرى مختصون في علم السياسة أن "الطريق أمام الزرفي لن يكون معبدا، خصوصا وأن حلفاء إيران لا يرضون أن ينفلت العراق من مساحة التبعية التي ثبتها عادل عبد المهدي".

يعتبر رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري أن "عبد المهدي حول العراق إلى دولة تابعة لإيران، وفق مصطلح العلوم السياسية".

ويقول الشمري "أتصور هذا تحدي لعدنان الزرفي على مستوى العودة إلى مساحة التوازن، كلما استند إلى الدستور في إقامة علاقات مع إيران على أساس المصالح المشتركة ممكن أن يكسب ود كل الأطراف الداخلية"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك) أنه "على إيران أن تتفهم ان العراق بلد سيادة ويجب أن تمضي مع هذا النهج الجديد".

وفي كلمته الأولى التي ألقاها الزرفي عقب تكليفه وعد بأن يضع "العراق أولا في برنامج حكومته الذي سيطرحه على القوى السياسية".

ويرى الشمري أن "شخصية الزرفي المتسمة بالواقعية والمرونة، ستساعده في الحصول على تفهم بقية الأطراف".

مكاسب ومناصب

ورغم تمثيل القوى السياسية الذي كان حاضرا في القصر الجمهوري لحظة التكليف، والذي شمل معظم تلك القوى، لكن إعلان وبيانات الرفض استمرت عقب ذلك.

يعلق الشمري "جزء كبير من الأطراف يرفض الزرفي من أجل مكاسب سياسية، ومساحة تواجدها في السلطة التنفيذية".

ويتابع "جزء آخر مرتبط بقلق بعض الأطراف التي أنشأت دولة عميقة في زمن عادل عبد المهدي، من خلال إعادة هيكلة الدولة وضياع ما أنشأته تلك القوى".

هذا فضلا عن خشية بعض القوى التي تملك أجنحة مسلحة على نفوذها في حال ذهاب الزرفي إلى "حصر السلاح بيد الدولة".

وكان الزرفي قد تعهد الزرفي في بيان المتكون من 12 نقطة، بالعمل على إجراء انتخابات نيابية مبكرة خلال أقل من سنة، وحصر السلاح بيد الدولة.

مليشيات وسلاح سائب

ومع إعلان الزرفي برنامجه الانتخابي، مساء الثلاثاء 17 مارس، للخروج من مرحلة الركود السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد، سقط صاروخ كاتيوشا على حي سكني محاذٍ للمنطقة الخضراء وسط بغداد، والتي تضم مقر السفارة الأميركية.

وهذا الهجوم هو الرابع خلال أسبوع، استهدفت جميعها قواعد عسكرية تضم قوات أميركية، ما يضع الزرفي أمام تركة تواجد القوات الأجنبية في العراق، وما وصل إليه هذا الملف من تعقيد بسبب الهجمات الصاروخية التي تشنها مجاميع عراقية مسلحة موالية لإيران، تستهدف المصالح الأميركية بالعراق.

وفي تغريدة على تويتر قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إنّ "العراقيين يريدون حكومة تحافظ على سيادة العراق وتوفّر احتياجاتهم الأساسية ولا ينخرها الفساد وتصون حقوق الإنسان الخاصّة بهم".

وأضاف "إذا أعطى رئيس الوزراء المكلّف عدنان الزرفي الأولوية لهذه المصالح، فسيحصل على الدعم الأميركي والدولي".

وهذا الأمر يضع رئيس الحكومة المكلف عدنان الزرفي أمام تحديات أمنية كبيرة.

يقول أستاذ الأمن القومي في جامعة النهرين حسين علي علاوي، إن تلك التحديات "تتعلق بالجماعات الخاصة المسلحة المرتبطة بإيران"، موضحا في حديث لموقعنا "بدأت تلك الجماعات بتغيير تكتيكها العسكري في استهداف القواعد العسكرية التي تتواجد فيها البعثات الدولية التي تدرب القوات العراقية وتشاركها المعلومات الاستخباراتية".

بالتالي تضع تلك التحديات الزرفي في حال حصوله على ثقة البرلمان إلى "عملية فرض للقانون".

يوضح علاوي "يجب على الزرفي العمل مع القوى السياسية على إعادة بناء وهيكلة القوات المسلحة العراقية وخصوصا القوات النظامية، وإعادة ترميم نظام الدفاع الوطني من خلال العلاقة مع قوات البيشمركة، باعتبار جهودها الكبيرة في الحرب ضد الإرهاب".

ويرى أستاذ الأمن القومي أن فرص نجاح الرئيس المكلف "ممكنة، إن استطاع إدارة العلاقات الخارجية خصوصا مع إيران بصورة إيجابية"، إضافة إلى وجوب اعتماد الزرفي على "الحوار الوطني مع القوى السياسية"، من أجل إنهاء وجود قوات خارج سلطة الدولة، تستخدم السلاح ضد مؤسسات الدولة والشركاء الدوليين للعراق.

ويتابع علاوي "الأجنحة العسكرية والمليشيات والمجاميع الخاصة تستمع لقياداتها السياسية، بالتالي الحوار السياسي الذي لا بد أن يجري من أجل إنهاء وجود السلاح خارج سيطرة الدولة".

"فبقاء السلاح سائبا يؤثر على هيبة وسيادة وسمعة الدولة، إضافة إلى تأثيره على الاقتصاد"، وفقا لعلاوي.