نساء أيزيديات
نساء أيزيديات

بعد احتلال تنظيم داعش مناطق واسعة في العراق، مارس...

بعد احتلال تنظيم داعش مناطق واسعة في العراق، مارس التنظيم المتشدد بطريقة ممنهجة سياسة التنكيل والسبي بحق الأيزيديين الذين احتل مناطقهم. وكن النساء والفتيات الصغيرات أكثر المتضررات من هذه الممارسات اللاإنسانية.

س. شابة عراقية  لم تتجاوز 17 سنة، نجحت رفقة صديقتها بالفرار من قبضة داعش الذي سخرهما لخدمة غرائز مقاتليه الوحشية، بعد 26 يوما من الاحتجاز. لكن آثار الجرح لم تطب.

روت س، التي رفضت نشر اسمها الكامل خوفا من تداعيات ذلك، لموقع قناة "الحرة" تفاصيل تجربتها المرة منذ أن هاجم مسلحو التنظيم المتشدد قريتها في سنجار قبل أكثر من ثمانية أشهر.

وقالت الفتاة  إن المسلحين حاصروا القرية في الثالث من آب/أغسطس عندما كان مئات السكان يحاولون الهرب باتجاه جبل سنجار، فاعتقلوا الرجال قبل إعدامهم. وتم وضع النساء والأطفال في سيارات نقلتهم إلى قرية أخرى في سنجار خاضعة لسيطرة داعش، ثم إلى قضاء البعاج في نينوى حيث بقوا لساعتين تقريبا. ومن هناك إلى مدينة الموصل التي سيطر عليها التنظيم في حزيران/يونيو 2014.

نقل وفصل

في الموصل، احتجز المسلحون، حسبما روت س.، النساء في قاعة كبيرة. وبعد أسبوع فصلوا المتقدمات في السن عن الفتيات وفصلوا الأطفال فوق تسعة أعوام عن أمهاتهم بحجة أنهم يريدون تعليمهم تعاليم الدين الإسلامي والقرآن.

نقلت الفتيات والشابات إلى "قصر كبير جدا"، حيث ظلت الشابات المختطفات ليومين أو ثلاثة قبل أن يتم فصل الفتيات والشابات دون الـ20 عن المتزوجات اللواتي كن في العشرينيات والثلاثينيات من العمر.

أعقبت عمليات الفصل هذه زيارة مسلح قالت س. إنه أمير أو زعيم للمسلحين. أبلغهن أن الوقت حان ليدخلن الإسلام وأن يتم تزويجهن لعناصر التنظيم، مهددا إياهن بأن رفض الإسلام يعني الموت.

فما كان أمام الفتيات إلا الرضوخ. فأعلن اعتناقهن الإسلام.

شهر في وكر الوحوش

"كان القائد يمر علينا مرتين في اليوم ويأخذ معه عددا من الفتيات ما بين 10 و16 عاما ويوزعهن على المسلحين الذين يصطحبونهن إلى منازلهم". وبعد أيام، جاء الدور على س ورفيقتها في الأسر لمرافقة أحد المسلحين.

لم تستطع الفتاة الخوض في تفاصيل وطبيعة الممارسات التي أرغمت على القيام بها خلال الفترة التي قضتها محتجزة في بيت الرجل الخمسيني الذي وهبت إليه. لكنها كشفت أنها وصديقتها أجبرتا على العمل كخادمتين وأن المسلح كان يعتدي عليهما يوميا ولم يسمح لهما بالأكل إلا وجبة واحدة في اليوم وشرب الماء مرات قليلة.

وبعد تسعة أيام من العبودية الجنسية، اغتنمت س. وصديقتها فرصة غياب المسلح الذي أبلغهما بأنه سيذهب للقتال ولن يعود إلا في اليوم التالي، ونجحتا في كسر الباب والفرار من المنزل مرتديتين عباءتين أخفيتا هويتيهما الحقيقية.

وتقول س. إن المسلحين الذين وصفتهم بالوحوش كانوا منتشرين في كل مكان. لكن "بمساعدة الله وبعض الخيرين وصلنا إلى بغداد حيث ساعدتنا عائلات كردية وأيزيدية. فأرسلت حكومة كردستان طائرة خاصة أعادتنا إلى الإقليم".

كان الحظ حليفا للصبيتين. لكن غيرهن مازلن فريسة لداعش ورجاله، يعانين من وحشية ما يمارس عليهن، في انتظار طوق النجاة أو الانتحار للخلاص.

سوق نخاسة

وقع في قبضة داعش أكثر من أربعة آلاف من النساء والأطفال. ويقول الناشط الكردي خضر دوملي، المهتم بقضايا وحقوق النساء، والذي كان له دور في تنسيق عملية إعادة س. وصديقتها إلى كردستان إن لدى المنظمات الحقوقية أسماء أكثر من 3500 من المختطفات والأطفال. وإن هناك جهودا لتتبع شؤونهم وأحوالهم لمعرفة أين استقر بهم الوضع في المناطق الخاضعة للتنظيم في الموصل وتلعفر والبعاج في العراق، وفي الرقة ودير الزور والشدادي في سورية.

ووصف دوملي خطف داعش للنساء والأطفال الأيزيديين بأنه "استراتيجية حرب" يتبعها التنظيم ضد الأقلية الأيزيدية بشكل خاص والأكراد بشكل عام.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أعلن في آب/أغسطس الماضي أن عشرات النساء الأيزيديات اللائي وقعن في قبضة مقاتلي داعش في العراق أرغمن على اعتناق الإسلام قبيل بيعهن بغرض تزويجهن قسرا لعناصر التنظيم في سورية.

وأوضح المرصد أيضا أن داعش "وزع على عناصره في سورية نحو 300 فتاة وسيدة أيزيدية ممن اختطفن في العراق على أساس أنهن سبايا من غنائم الحرب مع الكفار". وأشار إلى إقدام مقاتلين على بيع مختطفات لعناصر آخرين من داعش، بمبلغ وصل إلى 1000 دولار أميركي للأنثى.

بين البيع والرجم

على الرغم من الأصوات المنددة بـما يقوم به داعش تجاه النساء اللائي يقعن في قبضته، يجاهر التنظيم بأعماله ويفسرها على أنها ركن من أركان "الجهاد".

وانتشر فيديو العام الماضي يظهر فيه مسلحون يتحدثون عن سوق سبايا يعرضون فيه بيع وشراء نساء أيزيديات، إضافة إلى فيديو آخر يرجم فيه مسلحون من داعش امرأة في ريف حماة الشرقي في سورية بعد اتهامها بالزنا. وقد أثار الفيديو جدلا وانتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال دوملي في اتصال أجراه معه موقع "الحرة"، "من خلال تتبعي اكتشفت أن هؤلاء مرضى نفسيون لأن من الصعب جدا أن يكون شخص مجاهد في سبيل الله وفي نفس الوقت يأخذ بنتا عمرها 15 عاما كسبية إلى منزله وبين أفراد عائلته ويعاملها كغنيمة من غنائم الحرب".

وكشفت منظمة العفو الدولية في تقرير لها ما وصفته بـ"فظائع الاستعباد الجنسي" التي تتعرض لها المئات من النساء والفتيات الأيزيديات على أيدي داعش.

واستعرض التقرير شهادات لعدد من الضحايا أكدن تعرضهن لـ"انتهاكات جنسية" من قبل مسلحي التنظيم "المتشدد". مما دفع عددا من نساء الأقلية الدينية في العراق إلى الإقدام على الانتحار.

الصورة: "عشرات النساء الأيزيديات اللائي وقعن في قبضة مقاتلي داعش أرغمن على اعتناق الإسلام قبيل بيعهن"/وكالة الصحافة الفرنسية

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.