مسجد في الرباط/وكالة الصحافة الفرنسية
مسجد في الرباط/وكالة الصحافة الفرنسية

المغرب – بقلم زينون عبد العالي:

"لا يحتاج الدين لمن يدافع عنه بالسياسة أو بالجهاد، بل يحتاج ديننا أن نصحح صورته التي لطختها أيادي الإرهابيين الذين يتخذونه مطية لاقتراف جرائمهم بحق الأبرياء دون وجه حق"، بهذه الكلمات يحاول المواطن المغربي هشام بلعوفي جرد مخاطر الانتماء للجماعات الدينية التي أصبحت محط توجس من الجميع.

الانتماء تهديد للمستقبل

ويشير المتحدث إلى أن الانتماء للجماعات الدينية يكون في بعض الأحيان خطرا على مستقبل الشباب، فمثلا لا يمكنك الاشتغال في وظائف الأمن، أو بعض الإدارات الحساسة، كما أنه يجعل الإنسان مراقب دائما بسبب توجس السلطات مما تلقنه تلك الجماعات لمنخرطيها.

ويضيف بلعوفي (41 عاما) وهو تربوي، أن نصرة الدين تكون بتطبيق تعاليمه السمحة ونشرها "وليس في النحيب والبكاء على تاريخ مضى ومحاولة إحيائه بترهيب الناس والتنظير لأمور عفا عليها الزمن ولم تعد صالحة لعصرنا كالجهاد وتطبيق الحدود والقصاص".

"كنا نرى قبل سنوات كيف تتسابق بعض الجماعات السلفية في المغرب على استقطاب التلاميذ من الثانويات والجامعات بغية نشر فكرها، وتقديم نفسها بصفتها الجهة الوحيدة التي هي على حق"، يقول بلعوفي، لكن تزايد الوعي بمخاطر هذه الجماعات وما تتركه في نفوس الشباب من أفكار بحسب رأيه جعلها تتراجع إلى الوراء.

تنامي الوعي الديني

أما محمد التسولي فيحكي لوقع (ارفع صوتك) كيف نجى من محاولات استقطابه المتكررة التي كانت تنهجها إحدى الحركات الدينية في المغرب، وكيف واجههم بالرفض، مبررا ذلك  بأنه لا حاجة له لأي انتماء كي يظهر في صورة الشاب الملتزم.

"بعض الشباب دفعوا ثمن أفكارهم وزج بهم في السجن بسبب تأييدهم للفكر الإرهابي"، يقول محمد، مشيرا إلى أن ذلك ظهر بشكل جلي في الآونة الأخيرة بعد ظهور تنظيم داعش، فكثير منهم التحق به، فيما التحق آخرون كانوا إلى وقت قريب منتمين لجماعات دينية في المغرب إلى تنظيمات إرهابية في الشرق الأوسط وأفغانستان.

ويعطي محمد (27 سنة) وهو بائع كتب مثالاً حادث مقتل السفير الروسي في أنقرة وكيف عبر بعض الشباب عن توجهاتهم المناصرة للإرهاب والفكر المتطرف علانية على مواقع التواصل الاجتماعي، "بل أشادوا بفعل إرهابي يستنكره كل عاقل، ليكون مصيرهم التحقيق والسجن".

سلطة الدين أم القانون؟

ولا يرى محمد  في السلطة الدينية وسيلة لضبط المجتمع وتوجيهه، فالمجتمع الذي يعتمد على الدين تشوبه كثير من النواقص التي تتعارض مع القوانين الوضعية التي تنظم الحياة على وجه الأرض. ويبدي عدم تقبله لفكرة الدولة الدينية التي تبسط يدها على الحياة عن طريق استغلال الدين في أغراض لا تخدم مصلحة الإنسان.

ويضيف المتحدث أن خطر الاعتماد على الأحكام والقوانين الدينية ينتح أجيالا لا تعترف بالقوانين الوضعية، وهو ما نراه اليوم في حديث داعش ومن يواليه، حيث يجرّمون ويكفّرون كل ما له علاقة بالقانون الوضعي الإنساني، ويعملون بما يصفونه أحكام الشريعة.

فيما ترى مريم بطانا (22 سنة) أن السلطة الدينية تؤثر بشكل كبير على الأفراد في المجتمع لكنها لا تردعهم عن ارتكاب أعمال خطيرة، بل تباركها في بعض الأحيان. "وما جرائم داعش وصمت شيوخ الدين عنها إلا دليل على ذلك، وبالتالي لا بد من إعلاء السطلة القانونية فوق كل سلطة دينية"، تقول لموقع (إرفع صوتك).

وتضيف الطالبة في شعبة علم الاجتماع أن الإرهاب والتطرف يستمدان شرعيتهما من السلطة الدينية التي لا يقدر على مناقشتها أحد، بما في ذلك بعض القوانين التي أخذت من الشرائع الدينية.

وعن تراجع دور الحركات الدينية في المجتمعات العربية والمغرب خصوصا في استقطاب مزيد من الشباب، ترى مريم أن خطاب هذه الجماعات لم يعد يطرب ولا يقنع، "خاصة في ظل ارتباط بعضها بانتشار الفكر المتطرف في المجتمع كما أن العديد من أبتاعها ممن تشبعوا بفكرها أصبحوا ضمن صفوف داعش والجماعات الإرهابية".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.