يمنيون يسيرون في أحد الشوارع غربي العاصمة صنعاء/إرفع صوتك
يمنيون يسيرون في أحد الشوارع غربي العاصمة صنعاء/إرفع صوتك

صنعاء – بقلم غمدان الدقيمي:

لم يحالف الحظ الشاب اليمني عمار محمد، 27 عاما، في الفوز بلقب (محبوب العرب) في البرنامج المسابقاتي الشهير (أراب آيدول) على قناة MBC، لكنه استطاع للمرة الأولى منذ نحو عامين أن يوحّد قلوب معظم اليمنيين حول هويتهم الوطنية الجامعة التي عصفت بها الحرب الأهلية التي تدخل عامها الثالث نهاية الشهر الجاري.

وحين بدأ عمار يغني “حبي لها رغم الظروف القاسية رغم المحن.. حبي لها أمي سقتنا إياه في وسط اللبن”، من رائعة الشاعر اليمني الكبير حسين أبوبكر المحضار، “محبوبتي اليمن”، لم يستطع كثير من اليمنيين بمختلف انتماءاتهم السياسية والمذهبية والجهوية، حبس دموعهم في حنين جامح إلى تعافي بلدهم الذي مزقه الصراع.

“هويات مشوهة”

وأفرزت الحرب المتصاعدة في اليمن انقساماً مجتمعيا كبيراً يهدد مستقبل التعايش في البلاد، مع بروز “هويات مشوهة”، ذات طابع مذهبي وجهوي إقصائي.

وحتى مع الإعلان بأن الصراع الدائر في اليمن، هو صراع سياسي بين حكومة شرعية معترف بها دولياً، وجماعة انقلابية استولت على مؤسسات الدولة، فإن كثير من الأطراف انخرطت في النزاع تحت رايات وشعارات طائفية وانفصالية.

يرى الصحافي اليمني علي سالم أن الحرب الأهلية دفعت باليمنيين إلى “مزيد من التشبث بالهويات الصغيرة إلى درجة التشرنق”، حد تعبيره لموقع (إرفع صوتك).

ويذهب الصحافي سالم، 49 عاما، إلى القول إنه في حالة البلدان التي تشهد انقساماً حاداً مثل اليمن “يكون من الصعب وضع شعار جامع وموحد. خصوصاً في اللحظات التي يسودها عنف”.

الخطر الأكبر

من جانبه يقول المواطن اليمني محمد مكرد، 50 عاما، إن “المعضلة الحقيقية تكمن في طغيان الانتماء الديني أو القبلي أو المناطقي، وهذا هو الخطر الأكبر الذي يهدد الوحدة الوطنية”.

وأكد مكرد، وهو بائع أدوات قرطاسية في أحد أرصفة العاصمة صنعاء، لموقع (إرفع صوتك)، على الحاجة إلى تغليب الانتماء الوطني “كونه الحل الأنجح لمشاكلنا القائمة”.

واعتبر أن “الانتماء الوطني يجسد حقاً حالة الوطن للجميع بطوائفهم وأديانهم المتعددة، لذلك هو الأنسب لمعالجة هذه المعضلة”.

وطن مستقر

وهذا أيضاً ما يؤكد عليه أنيس الجهلاني، وهو صحافي يمني، قائلاً لموقع (إرفع صوتك)، إن الانتماء الوطني هو الشعار الذي يمكن من خلاله توحيد أبناء البلد الواحد مهما اختلفت مذاهبهم الدينية، إذ أنه سيعمل على تقليص مساحة الصراع الناشئ عن العصبيات الدينية والمذهبية وسيوفر للمنتمين إلى تلك الأديان الحرية والأمان.

وحسب الجهلاني، فإن قيمة الفرد لا تتعزز في مذهبه أو ديانته بقدر انتمائه لوطن مستقر بإطار قانوني يجمع الكيانات الموجودة على أرضه وبمواجهة المفاهيم‏‏ الضيقة المرتبطة بالعصبيات العرقية والمذهبية لأنها تتناقض كلياً مع مفهوم الدولة العصرية المتقدمة.

الأساس

على العكس من ذلك يرى هيثم العبدلي، 26 عاماً، أن الانتماء الديني هو الأساس، متهماً القوى السياسية والدينية بأنها “شوهت صورة الدين الإسلامي الحقيقية”.

وهو ما يؤمن به الموطن اليمني أحمد نعمان، قائلاً لموقع (إرفع صوتك) إن “الانتماء الديني هو الضامن الحقيقي لتوحيد أفراد مجتمعنا”.

دمج

لكن، وسيم الشميري، 24 عاماً، يقول لموقع (إرفع صوتك) إنه لا يمكن الفصل بين الانتماء الوطني والديني في بلد كاليمن.

“أفضل دمج الإثنين معاً. الانتماء الوطني هو الأرض وكل ما حولنا، والانتماء الديني هو الروح، لا نستطيع الفصل بينهما”، أضاف الشميري، الذي تخرج حديثاً من كلية الهندسة بجامعة صنعاء.

توافقه الرأي ذاته، إشراق المساجدي، 23 عاماً، بالقول إنه “لا يمكن فصل الجسد عن الروح، ما نلمسه من شحن ديني وطائفي لا علاقة له بالانتماء سواء الوطني أو الديني. القوى السياسية اليمنية تغذي تلك النزعات بهدف الوصول إلى السلطة”.

استغلال

جميل علي، وهو مواطن يمني في نهاية العقد الرابع من العمر، يرى أن الانتماء الوطني هو الأساس للحفاظ على وحدة وتماسك أي مجتمع بغض النظر عن الدين أو المعتقد.

ويحمل رجال السياسة والدين مسؤولية استغلال الهويات الطائفية والمناطقية لتحقيق مكاسب شخصية.

أضاف جميل، لموقع (إرفع صوتك)، بينما كان يرتشف كوباً من الشاي في مقهى شعبي وسط العاصمة صنعاء، “علينا أن نتعلم من الدول الغربية. الانتماء الوطني لديهم هو الأساس، وبالتالي مجتمعاتهم مستقرة”.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.