رواد “بيسمنت” خلال فعالية بصنعاء/إرفع صوتك
رواد “بيسمنت” خلال فعالية بصنعاء/إرفع صوتك

صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:

في مبنى حديث من طابقين وسط حي حدة الراقي جنوبي العاصمة اليمنية صنعاء، يلتقي يومياً عشرات الشباب اليمنيين لتشارك عالم زاخر بالموسيقى والرسوم والعروض السينمائية، والبرامج الثقافية المتنوعة والمبتكرة، في صورة تعكس نموذجاً مصغراً للمجتمع المتعطش للسلام.

وتخصص مؤسسة “بيسمنت” الثقافية، وهو الاسم الذي أطلق على هذا المشروع، نسبة للمبنى (المقر) السابق “القبو”، الذي صممه مهندس معماري يمني، أياماً مختلفة لتقديم برامجها المتنوعة التي غالباً ما تشمل محاضرات أو ندوات، أو تجارب فنية، وفقرة موسيقية، عزفاً أو غناءً.

تقول شيماء جمال، المدير التنفيذي لـمؤسسة (بيسمنت) الثقافية، إن فكرة المشروع مرت بعدة مراحل، قبل أن يتحول إلى منتدى للحوار وتبادل المعرفة والخبرات لتشمل الموسيقى والفنون الأدائية والفن التشكيلي.

ويضم فريق العمل في مؤسسة (بيسمنت) ثلاث فتيات وأربعة شبان، إضافة إلى 24 آخرين يعملون طوعياً.

“يمثل هذا الإسم بشكل ما معنى بيسمنت، بيسمنت الأساس الذي تقوم عليه دعائم مواهب وطاقات وقدرات تمتد عالياً”، تقول شيماء جمال، 25 عاما، لموقع (إرفع صوتك).

أجيال متسامحة

ووفقاً لشيماء، فإن أهم أهداف ورسالة مؤسسة بيسمنت الاهتمام بالفنون وبمجالات تغطي مساحات ثقافية ومعرفية واسعة. وأكدت أن الرؤية العامة للمشروع تتمثل في “إثراء الحياة الثقافية ورفع وعي المجتمع تجاه الفن ودوره في الحياة ونشر السلام، وخلق أجيال تؤمن بالمحبة والتسامح، بعيداً عن العنف والتطرف”.

ويوم الخميس الماضي (2 آذار/مارس الجاري)، استعرض خمسة شبان يمنيين يطلقون على أنفسهم “فريق السرد القصصي” قصصاً قصيرة من إبداعاتهم قالوا إنها تشجع على نشر الجمال والسلام في المدن اليمنية".

وتخلل البرنامج فقرة غنائية لشابه يمنية بعنوان “شرق وغرب”، وعلى هامشه استمر معرض تشكيلي وفوتوغرافي.

سينما

وبشأن أبرز أعمال المؤسسة الأخرى، تقول شيماء “لدينا شاشة سينمائية، ساهمنا من خلالها في عرض عدة أفلام لمخرجين يمنيين شباب.. أيضاً ورشة كتابة، لدعم من يريدون تنمية وتطوير موهبة الكتابة لديهم، بأساليب غير تقليدية”.

وأكدت شيماء، التي تدرس في قسم العلوم السياسية بجامعة صنعاء، أن (بيسمنت) حققت أهدافها إلى حد مقبول في ظل الإمكانيات المحدودة، وغياب شبه كامل للمؤسسات الثقافية.

أضافت الشابة التي كانت تتنقل بين صفوف جمهور مؤسستها وتلتقط صوراً فوتوغرافية، “أن تقف فتاة تغني وخلفها موسيقى فنية يعزف فيها خمسة شباب مثلاً، بينما الجمهور يصفق هذا شيء بديع.. هذا التقبل والتعايش الذي نحاول ترسيخه”.

وفوق ذلك، تقول شيماء جمال، إنهم فخورين كونهم يعززون كل يوم فكرة تقبل واحترام المجتمع للفنان ورسالته، خصوصاً في مجتمع قبلي كاليمن ينظر للفنان بنظرة دونية.

وتطرقت شيماء إلى قصص كثيرة لشباب كانوا يحضرون فعاليات مؤسستها وهم “يحملون السلاح”، بعقليات “متعصبة”، قبل أن يتغيروا تماماً بمجرد “اختلاطهم بشباب بيسمنت وجمهورها، واستماعهم للفنون، المحاضرات، والموسيقى، وتواصلهم مع الجنس الاخر”.

إبراز موهبتي

من جهته، يقول يزن القاضي، 26 عاما، “بيسمنت ساعدتني في إبراز موهبتي، عرضت وزملائي مسرحيات في منصتها، ولدينا أعمال أخرى قادمة.. هذا شجعني كثيراً. شيء رائع أن تجد جمهور يشاهد عملك ويتفاعل معك كما يحصل هنا”.

وأضاف القاضي، وهو طالب في كلية الإعلام بجامعة صنعاء، لموقع (إرفع صوتك)، “نعاني تجاهل تام من الجهات الرسمية والخاصة، وكالمثل يتعمد المسؤولون في اليمن تجاهل وتهميش دور الفن والثقافة، رغم أنهما أفضل وسيلة لمحاربة التطرف وتعزيز التعايش”.

سلام

بدوره قال عبدالجليل النمري، 27 عاماً، الذي يعمل منذ ثلاثة أشهر بشكل تطوعي في ذات المكان، “وجدت في بيسمنت بيئة حاضنة للإبداع”.

“التقي بالكثير من المبدعين واستفيد منهم خبرات وتجارب متعددة. أعيش هنا يومياً لحظات سلام وطاقات إيجابية”، أضاف النمري، لموقع (إرفع صوتك)، قبل أن ترتسم على وجهه ابتسامة أعقبها اعتذار عن مواصلة الحديث لانشغاله بخدمة رواد المؤسسة، بينما كانت القاعة تضج بتصفيق قرابة 150 شخصاً وهتافاتهم التشجيعية لأداء شابة يمنية، وهي تلقي فقرة غنائية عصرية.

زهو

من جانبه يقول الباحث اليمني البارز، وأمين عام مؤسسة السعيد للثقافة والعلوم والآداب، كبرى المؤسسات الثقافية اليمنية الأهلية، فيصل سعيد فارع، لموقع (إرفع صوتك)، “أشعر بالزهو والسعادة وأنا بين هؤلاء الشباب المبدعين متعددي الملكات والقدرات، من الفن التشكيلي إلى الندوات والمحاضرات وورش العمل والعروض السينمائية. هذه قدرة نحن بحاجة إلى أن تتوسع لكونها مهمة جداً”.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.