الأردن – بقلم صالح قشطة:
في بقعة شديدة الانخفاض على الأرض وعلى مسافة ليست بالبعيدة عن الضفة الشرقية لنهر الأردن، في قلب إحدى مزارع الخضروات ذات المساحات الشاسعة، يعيش لاجئون سوريون.
لا يمكن لأي مركبة دخول عمق تلك البقعة الضيقة، ما يضطر الزائر لدخولها مشياً، لتغوص أقدامه في أرض طينية لا توحي بوجود أشخاص تمكنوا من الوصول إلى هذا المكان سوى للزراعة وليس للعيش.
هناك تتجمع خيام بدائية، لا يتجاوز عددها 15 خيمة، يسكن بها عشرات النازحين الذين قدموا من ريف حماة الشرقي، بحثاً عن ملاذ آمن، بعيداً عن أيدي أفراد تنظيم داعش، ليواصلوا حياتهم في هذا المخيم العشوائي الذي يفتقر لأقل مقومات الحياة، فلا خدمات صحية، ولا بنية تحتية، ولا حتى مدارس ليلتحق بها الأطفال.
الحياة في ظل داعش
من خيمته المتواضعة، يتحدث عبد العزيز حسين (56 عاما)، وهو من منطقة السلمية الواقعة في ريف حماة الشرقي، إثر ما تعرضت له بلدته من إرهاب على يد داعش.
ويصف في حديثه إلى موقع (إرفع صوتك) صعوبة الحياة تحت قبضة التنظيم "تعرضنا لظلم كبير على أيدي داعش. فلو أرادت إحدى النساء الخروج لقضاء أي أمر طارئ بلا محرم، فسيعتبرونها مخالفة تستوجب إقامة الحد. ولو قام أحدهم بأي فعل يخالف فكرهم فسيعتبرونه كافراً".
ويروي أن عناصر التنظيم كانوا يجمعون الرجال والنساء والأطفال ليشاهدوا إنزال القصاص وتنفيذ الإعدام بقطع الرقاب أمام الجميع، حتى تدخين التبغ كان من الأمور التي تستدعي القصاص بالنسبة لداعش.
"أنت دائماً مخالف في نظرهم، حتى لو كنت قادماً من الحج. ولا مجال للنقاش"، يقول الرجل الذي يرى أن أفراد داعش يزيفون الدين وليس لهم علاقة به نهائياً.
"رغم إطالة لحاهم، إلا أنهم يحتفظون دائماً بآلة الحلاقة في جيوبهم. وعندما يشعرون بأن الإيقاع بهم بات قريباً، يحلقون لحاهم ويهربون كما لو كانوا أشخاصاً آخرين. لقد شوهوا صورة رجال الدين الحقيقية أيضاً".
"المهم الأمان"
وعن ظروف الحياة في هذا المخيم العشوائي، يشكو الرجل عدم الاعتراف بهم من قبل منظمات الغوث المعنية باللاجئين. ويشير إلى أن العمل في الزراعة بات الوسيلة الوحيدة التي تمكنهم من مواصلة حياتهم. ويقول "علينا أن نعمل لكي نتمكن من شراء الطعام والاستمرار في الحياة، نعمل في المزارع المحيطة بنا بأجرة لا تتعدى الدينار الواحد مقابل كل ساعة عمل".
هذا الدخل لا يؤمن لهم شيئاً من احتياجات العائلة ومصاريفها، ولا يمكنهم من إلحاق أطفالهم بالمدراس، لكن على حد قول الرجل "المهم الأمان".
أما الطفل فياض (14 عام)، وهو أحد أبناء عبد العزيز، فيتحدث إلى موقع (إرفع صوتك) عن الرعب الذي سيطر على حياته بسبب تنظيم داعش. ويقول "نحن لم نكن خائفين فقط، بل كدنا أن نموت رعباً لا سيما عندما رأيت أفراد داعش وقد ذبحوا رجلاً وتركوا رأسه ملقى على الأرض بين أرجله".
ويوضح أنه كان برفقة شقيقه الأكبر عند رؤيته لذلك المشهد، وأنهم أعلموه بأن هذا الرجل تم قتله بحجة أنه كافر، فقط لمعارضته لهم.
ويردف الطفل "ما زلت أذكر أشكالهم جيداً.. ملابسهم سوداء قصيرة. لحاهم طويلة، يذبحون الناس لأسباب كثيرة غالباً ما تكون بسيطة".
وبأعين تملؤها البراءة، يتحدث الطفل عن أمنيته، حيث يقول "أمنيتي الوحيدة هي أن أمتلك دراجة هوائية لأتمكن من ركوبها كبقية الأطفال، وعندما أكبر أتمنى أن أصبح طياراً لأقصف داعش وأخرجهم من البلاد، لأشمّت الجميع بهم".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659