صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:
يتردّد عبد الحكيم محمد، 67 عاما، وهو موظف يمني متقاعد، بشكل شبه يومي منذ شهور على مكتب البريد، في ميدان التحرير وسط العاصمة صنعاء، على أمل استلام راتبه التقاعدي، الذي لم يحصل عليه للشهر السابع على التوالي مثل مئات الآلاف من الموظفين الحكوميين في البلد العربي الفقير الذي يشهد حرباً طاحنة منذ عامين.
وعلى مسافة غير بعيده من المكان، في المقاهي الشعبية الشهيرة هناك، لا يخلو حديث الناس عن الإفلاس غير المعلن للبنك المركزي اليمني، وعجز سلطات الأطراف المتصارعة الوفاء بفاتورة رواتب الموظفين العموميين البالغ عددهم نحو مليون و200 ألف موظف منذ آب/أغسطس الماضي.
“حالتي لا يعلم بها إلا الله، هذا سابع شهر ننتظر استلام رواتبنا دون جدوى”، يقول عبد الحكيم، وهو أب لسبعة أبناء، اثنان منهم معاقان جراء تعرضهما للإصابة خلال مشاركتهما بالقتال مع الحوثيين في الجبهة الحدودية.
أضاف لموقع (إرفع صوتك) “أريد راتبي فهو المصدر الوحيد لإعالة أسرتي، هذه الحرب أرهقتنا”.
مجاعة
وقذفت الحرب المتصاعدة بملايين السكان إلى دائرة الجوع. وبات 12 مليون يمني على حافة “مجاعة وشيكة” بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
وضاعف من تفاقم الوضع الإنساني والمعيشي على نحو مريع تنازع السلطة المالية بين جماعة الحوثيين التي تسيطر على العاصمة صنعاء منذ أيلول 2014، وحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي المعترف بها دولياً، والتي أعلنت مدينة عدن الجنوبية عاصمة مؤقتة للبلاد.
وفي أيلول/سبتمبر الماضي، أصدر الرئيس هادي قراراً بنقل البنك المركزي اليمني، من صنعاء إلى عدن، بعد اتهام حكومته للحوثيين باستنزاف احتياطات المركزي اليمني من النقد الأجنبي، حوالي خمسة مليارات دولار عشية اندلاع الحرب الأهلية أواخر آذار/مارس 2015.
وتقول الحكومة إن الحوثيين سخروا تلك الأموال لصالح مجهودهم الحربي وهو ما تنفيه الجماعة الموالية لطهران.
مبررات
وعلى الرغم من التزام الحكومة اليمنية أمام المجتمع الدولي، عقب نقل البنك المركزي إلى عدن مباشرة، بدفع رواتب جميع الموظفين اعتباراَ من كانون الأول/ديسمبر 2016، إلا أن الغالبية العظمى منهم لم يتقاضوا رواتبهم حتى الآن، خصوصاً في مناطق سيطرة الحوثيين.
وأرجع غمدان الشريف، السكرتير الصحافي لرئيس الحكومة تأخر صرف الرواتب إلى عوائق، بينها استمرار “سيطرة الحوثيين على 50 في المئة من الموارد العامة للدولة، والعبث بكشوفات الموظفين”.
“للأسف تم إدراج أسماء من جماعة الحوثيين خلال الحرب بدلاً عن موظفين سابقين”، أضاف الشريف، لموقع (إرفع صوتك) عبر الهاتف من مدينة عدن الساحلية.
ومطلع الشهر الجاري طالبت الحكومة اليمنية الأمم المتحدة بالضغط على الحوثيين لتحويل الموارد المحصلة في مناطق سيطرتهم إلى البنك المركزي، وسط اختناقات تمويلية حادة في الإيرادات، تهدد بعجز في الإنفاق الجاري، على فاتورة المرتبات والأجور.
واضطرت الحكومة نهاية العام الماضي لطباعة نحو 400 مليار ريال يمني لتغطية الاحتياجات والنفقات لموظفي الدولة.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659