المغرب – بقلم زينون عبد العالي:
بكلمات ممزوجة بالحرقة والحسرة، تحكي خديجة ما تعرضت له في طفولتها من اغتصاب واستغلال، وكيف تنكّر لها الجميع ورأوا فيها مجرمة، فيما لا تعترف القوانين بحقوق الأمهات العازبات.
"لا ذنب لي سوى أني كتمت سر اغتصابي عن عائلتي لأجد نفسي مرمية في الشارع بعدما انتفخ بطني. كنت خائفة فعائلتي المحافظة، ولم أجد حلا سوى الهروب من البيت ومواجهة مصيري المجهول لوحدي"، تقول خديجة التي أصبحت تمتهن التسول في شوارع مدينة سلا.
اغتصاب في صمت
تعرضت خديجة، 23 عاماً، للاغتصاب من طرف ابن عمها الذي كان يقيم معهم بنفس المنزل بإحدى البوادي المجاورة لمدينة تمارة قرب الرباط. "اغتصبني في سن الـ16. تجنّبت الفضيحة وما قد ينجم عن ذلك من مشاكل فكتمت السر عن عائلتي، لكنه استغل ذلك وتمادى في أفعاله رغم توسلاتي التي لم تجد نفعا، إلى أن اكتشفت أني حامل منه"، تضيف خديجة والدموع تغمر عينيها.
وتتذكر خديجة ضحية الاغتصاب الصامت الذي تعرضت له لأربع سنوات متتالية على يد ابن عمها الذي كان الجميع يرى فيه أخا لها، ولم يكلف نفسه عناء الاعتراف بفعلته التي كلفتها الخروج من المنزل والعيش مشردة في الشوراع، لولا تدخل بعض أيادي الخير التي أنقذتها من الاغتصاب مجددا على يد المنحرفين.
خوفا من القتل
"هربت من منزلنا خوفا على حياتي وحياة الجنين في بطني، لأنه لو علم أبي وإخوتي بالأمر لقتلونا جميعا حفاظا على شرف وسمعة العائلة التي لن تتقبل ذلك"، تقول خديجة وهي تحمل بين يديها طفلها الصغير الذي تستعطف به الناس لمنحها ما تسد به رمقه.
وتقول خديجة لموقع (إرفع صوتك) إنّها بعد الخروج من المنزل، لم تجد مكانا تلجا إليه، فكانت تقضي الليل بالمحطات الطرقية وأحيانا في الحدائق العامة.
"تعرضت خلال أيامي الأولى لشتى أنواع المعاناة من تحرش وتعنيف وجوع، إلى أن انتبه لحالي بعض المواطنين وأرشدوني إلى مركز اجتماعي يستقبل الأمهات العازبات".
لم تستطع خديجة أن تبلغ الشرطة بما تعرضت له خوفا على تماسك أسرتها، إلا أنها لا تسامح من تسبب لها فيما تعيشه الآن في مجتمع لا يرحم المرأة المغتصبة ويرى فيها المذنبة التي تتحمل مسؤولية أفعالها، دون أن يكلفوا أنفسهم الاستماع لها ومعرفة حقيقة ما وقع، حسب تعبيرها.
وتضيف خديجة التي غادرت مركز الرعاية الاجتماعية الذي احتضنها إلى أن وضعت، "لم ترحمني نظرات الناس في الشارع ولا في أي مكان التجأت إليه. فكرت بالانتحار، لكني تراجعت عن تنفيذه لأحمي ابني الذي سيعيش يتيما مجهولا".
"وجدت نفسي في الشارع مرة أخرى أواجه مصيري المحتوم، فلا العائلة بحثت عني ولا المجتمع اهتم بي ورحمني".
حقوق مهضومة
"أصبحت أما عازبة، هذا توصيف لا يعرفه مجتمعنا ولا يتقبله. وهنا تضيع أرواح وحيوات نساء بريئات ذنبهن الوحيد أنهن ولدن في مجتمع لا يعتد برأي المرأة ولا يعترف بحقوقها"، تقول خديجة التي لم تجد من يشد بيدها لضمان حقوقها وحق ابنها في الحصول على نسب وهوية.
"لا يوجد أي قانون يحمينا أو يعترف بنا، حتى وإن تقدمت بشكاية للأمن والمحكمة ضد مغتصبي، فإن مصير ذلك حكم يقضي بتزوجينا وهو ما لا أريده، بل أريد حقي كامرأة كاملة"، قالت خديجة.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659