شارع في المغرب/Shutterstock
شارع في المغرب/Shutterstock

المغرب – بقلم زينون عبد العالي:

بكلمات ممزوجة بالحرقة والحسرة، تحكي خديجة ما تعرضت له في طفولتها من اغتصاب واستغلال، وكيف تنكّر لها الجميع ورأوا فيها مجرمة، فيما لا تعترف القوانين بحقوق الأمهات العازبات.

"لا ذنب لي سوى أني كتمت سر اغتصابي عن عائلتي لأجد نفسي مرمية في الشارع بعدما انتفخ بطني. كنت خائفة فعائلتي المحافظة، ولم أجد حلا سوى الهروب من البيت ومواجهة مصيري المجهول لوحدي"، تقول خديجة التي أصبحت تمتهن التسول في شوارع مدينة سلا.

اغتصاب في صمت

تعرضت خديجة، 23 عاماً، للاغتصاب من طرف ابن عمها الذي كان يقيم معهم بنفس المنزل بإحدى البوادي المجاورة لمدينة تمارة قرب الرباط. "اغتصبني في سن الـ16. تجنّبت الفضيحة وما قد ينجم عن ذلك من مشاكل فكتمت السر عن عائلتي، لكنه استغل ذلك وتمادى في أفعاله رغم توسلاتي التي لم تجد نفعا، إلى أن اكتشفت أني حامل منه"، تضيف خديجة والدموع تغمر عينيها.

وتتذكر خديجة ضحية الاغتصاب الصامت الذي تعرضت له لأربع سنوات متتالية على يد ابن عمها الذي كان الجميع يرى فيه أخا لها، ولم يكلف نفسه عناء الاعتراف بفعلته التي كلفتها الخروج من المنزل والعيش مشردة في الشوراع، لولا تدخل بعض أيادي الخير التي أنقذتها من الاغتصاب مجددا على يد المنحرفين.

خوفا من القتل

"هربت من منزلنا خوفا على حياتي وحياة الجنين في بطني، لأنه لو علم أبي وإخوتي بالأمر لقتلونا جميعا حفاظا على شرف وسمعة العائلة التي لن تتقبل ذلك"، تقول خديجة وهي تحمل بين يديها طفلها الصغير الذي تستعطف به الناس لمنحها ما تسد به رمقه.

وتقول خديجة لموقع (إرفع صوتك) إنّها بعد الخروج من المنزل، لم تجد مكانا تلجا إليه، فكانت تقضي الليل بالمحطات الطرقية وأحيانا في الحدائق العامة.

"تعرضت خلال أيامي الأولى لشتى أنواع المعاناة من تحرش وتعنيف وجوع، إلى أن انتبه لحالي بعض المواطنين وأرشدوني إلى مركز اجتماعي يستقبل الأمهات العازبات".

لم تستطع خديجة أن تبلغ الشرطة بما تعرضت له خوفا على تماسك أسرتها، إلا أنها لا تسامح من تسبب لها فيما تعيشه الآن في مجتمع لا يرحم المرأة المغتصبة ويرى فيها المذنبة التي تتحمل مسؤولية أفعالها، دون أن يكلفوا أنفسهم الاستماع لها ومعرفة حقيقة ما وقع، حسب تعبيرها.

وتضيف خديجة التي غادرت مركز الرعاية الاجتماعية الذي احتضنها إلى أن وضعت، "لم ترحمني نظرات الناس في الشارع ولا في أي مكان التجأت إليه. فكرت بالانتحار، لكني تراجعت عن تنفيذه لأحمي ابني الذي سيعيش يتيما مجهولا".

"وجدت نفسي في الشارع مرة أخرى أواجه مصيري المحتوم، فلا العائلة بحثت عني ولا المجتمع اهتم بي ورحمني".

حقوق مهضومة

"أصبحت أما عازبة، هذا توصيف لا يعرفه مجتمعنا ولا يتقبله. وهنا تضيع أرواح وحيوات نساء بريئات ذنبهن الوحيد أنهن ولدن في مجتمع لا يعتد برأي المرأة ولا يعترف بحقوقها"، تقول خديجة التي لم تجد من يشد بيدها لضمان حقوقها وحق ابنها في الحصول على نسب وهوية.

"لا يوجد أي قانون يحمينا أو يعترف بنا، حتى وإن تقدمت بشكاية للأمن والمحكمة ضد مغتصبي، فإن مصير ذلك حكم يقضي بتزوجينا وهو ما لا أريده، بل أريد حقي كامرأة كاملة"، قالت خديجة. 

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.