شارع في المغرب/Shutterstock
شارع في المغرب/Shutterstock

المغرب – بقلم زينون عبد العالي:

بكلمات لا تكاد تفهم منها شيئا، يظل الطفل أيوب (خمس سنوات) طوال اليوم يصيح ويصرخ، يكسر كل ما وجد أمامه، فيما تحاول أمه بجسدها المنهك وعينيها الجاحظتين من كثرة البكاء أن تضمه إلى صدرها لمحاولة التخفيف من النوبات التي تصيبه بين الفينة والأخرى. هذا هو حال أسرة مغربية ومعاناتها مع طفلها المصاب بالتوحد.

فقر يذكي المعاناة

لا تملك أسرة أيوب الموارد الكافية لتأمين العلاج والرعاية المناسبة للطفل في ظل قلة المراكز التي تعنى بمرضى التوحد وارتفاع تكالفيها بمدينة فاس، حيث تقطن الأسرة المغلوب على حالها.

"يطلبون مني مقابلا ماديا يفوق إمكانياتنا المتواضعة"، قال سعيد، وهو أب الطفل، قبل أن يضيف بحرقة "عملي كنجار يكفي بالكاد لتوفير متطلبات العيش والأدوية، فيما تطلب الجمعية التي تعنى بمرافقة أطفال التوحد مبالغ ماليا كبيرة تفوق قدرتي، مما اضطرني إلى الإبقاء عليه في البيت في انتظار الفرج".

ويحكي سعيد بمرارة كيف تدهورت حالة ابنه التي لم ينتبه إليها إلا بعد إكماله سنتين، "لتبدأ فصول معاناة أسرة كاملة، لا تزال مستمرة بعد أن استنفدنا جميع مدخراتنا في التكفل به، وها نحن نعاني في صمت دون أن نجد يدا تساعدنا"، قال الأب الذي أشار إلى أن أكثر ما يؤلمه هو أنه يرى نفسه عاجزا أمام ابنه.

سأتخلى عن ولدي

يرابط أيوب في بيت أسرته بعدما انقطع عن الذهاب إلى الجمعية التي كان يتلقى بها أبجديات الكتابة والمساعدة على النطق، ليظل حبيسا في غرفته طوال اليوم بعدما يئست الأسرة من حالته التي لم تتحسن، فيما يفكر الأب بالتخلي عنه لإحدى المراكز الخيرية أو الجمعيات التي تتبنى مثل حالات ابنه، بعد نفاذ صبره وحيلته.

قرار التخلي عن الطفل أيوب رغم صعوبته، إلا أنه يراود الأب كل حين، فيما ترفض الأم ذلك وتقول بأسى "لا يمكنني التفريط في فلذة كبدي. سأصبر معه وأعتني به إلى أن نجد حلا، إنه جزء مني ولا يمكن أن أتركه يواجه مصيره لوحده".

فيما يبرر الأب قراره بعجزه عن دفع مستحقات الرعاية التي تصل أحيانا إلى حوالي 5000 درهم في الشهر (ما يعادل 500 دولار أميركي تقريبا)، وعدم توفره على دخل ثابت.

معاناتهم صامتة

غياب الرعاية عن الأطفال المتوحدين وضعف الخدمات المقدمة من طرف المراكز المختصة في تتبع حالتهم، عجلت بخروج مسيرة وطنية أطلق عليها اسم "مسيرة زرقاء" هدفت إلى تسليط الضوء على ما تعانيه أسر المتوحدين، مطلع العام 2017، أمام البرلمان بالرباط، لكن لا شيء تغير، قال سعيد الذي شارك فيها.

أما آدم المقتضي، ناشط في تحالف الجمعيات العاملة في مجال التوحد بالمغرب، فيرى في حديث لموقع (إرفع صوتك) أن هناك جمعيات ومراكز تدعمها الدولة تستقبل هذه الفئات وتعتني بها، إما عن طرق المواكبة المستمرة، أو عبر المنح.

وأضاف الناشط أن الإحصائيات التقريبية تشير إلى وجود أكثر من 350 ألف طفل مصاب بالتوحد بالمغرب، لكن الرقم غير دقيق بسبب عدم إفصاح بعض الأسر عن مرض الأطفال. 

"التوحد ليس مرضا تتم معالجته بالأدوية بل هو خلل يلازم الإنسان طوال حياته"، قال آدم، "وهذا ما يحتم علينا جميعا أفرادا ومؤسسات ووسائل إعلام.. الانخراط في التخفيف من آثاره على من قُدر عليهم العيش معه".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.