شارع في المغرب/Shutterstock
شارع في المغرب/Shutterstock

المغرب – بقلم زينون عبد العالي:

"نروم من خلال منصة شباب بث المعرفة الدينية الآمنة على نطاق واسع وذلك للوقوف أمام انتشار خطاب الجماعات المتطرفة ومحاصرته، وكذلك قطع الطريق على المتاجرين بالدين والمشوهين لقيمه النبيلة"، يقول ياسين السويدي، الباحث في الرابطة المحمدية للعلماء متحدثا عن جهود الأخيرة في التصدي لانتشار الفكر المتطرف.

وكانت الرابطة المحمدية للعلماء قد أطلقت الموقع التابع لوحدة مكافحة السلوكيات الخطرة والتثقيف بالنظير سنة 2012.

يعتقد السويدي أنّ تفكيك الخطاب الديني المتطرف ليس وليد اللحظة، بل عملت الرابطة على مشروع يواجه هذا الفكر منذ 2012، حيث أطلقت النسخة الأولى للمنصة.

"تبيّن لنا بعد ذلك أن هناك مواضيع آنية تستحق الوقوف عندها، وضمنها التطرف والإرهاب واستقطاب التنظيمات الإرهابية للشباب عن طريق استغلال الدين"، يضيف المتحدث.

ويضيف السويدي في حديثة لموقع (إرفع صوتك) أنّ نتيجة عملهم مع الشباب أثمرت نتائج مهمة أبرزها إنتاج كتيبات حول تفكيك خطاب التطرف بشموليته، ذلك أن التطرف لا يرتبط فقط بالدين بل يشمل جميع مجالات الحياة. "كما أصبحنا ننتج خطابا بديلا هدفه شرح المفردات التي تعتمد عليها التنظيمات الارهابية لإقناع الشباب بتبني فكرها الضال".

خطر المعلومة الدينية

محمد أمين الناسيدي، 23 عاما، شاب مغربي يتابع دراسته في شعبة الدراسات الإسلامية، وجد ضالته فيما تقدمه المنصات الرقمية التي أطلقتها الرابطة المحمدية للعلماء، بعد أن وجد نفسه تائها بين كثرة المصادر المنتشرة عبر الإنترنت، وخصوصا تلك المتعلقة بمجال دراسته.

"وجدت ما أبحث في ما تقدمه منصة شباب وأكاديمية الرابطة التي فتحت أمامي وأمام كثير من الشباب بابا آمنا لنهل المعرفة الدينية الصحيحة".

ويرى المتحدث أن حرية التعبير المتاحة عبر الإنترنت تمهّد الطريق أمام انتشار المعلومة الدينية غير المستندة على أساس صحيح، وما تتضمنه من أفكار متطرفة، وهو ما يسهل تداولها وسرعة انتشار الإرهابيين بين الناس، وبالتالي تأثرهم بها، ومن ثم تتحقق غاية الواقفين وراء هذا الأمر لاستقطاب المزيد من الضعفاء.

أما نعيمة زياني، 26 عاما، وهي معلمة في مدرسة خاصة، فترى أن خطر انتشار المعلومة الدينية يكمن في أن كثيرين يثقون بها ولا يكلفون نفسهم عناء التأكد منها. "وهنا يجد التطرف سبيله إلى التوغل في عقول الناس، ممن غزا الجهل عقولهم، وغاب من ينير طريقهم نحو حقيقة ما يعتقدون"، تقول المتحدثة.

وتضيف نعيمة  لموقع (إرفع صوتك) أن تجفيف منابع الفكر المتطرف يجب ألا يقتصر فقط على الكتب المدرسية "بل حتى عقول الخطباء والفقهاء الذين يرفضون أي محاولة لنقد التراث الديني، باعتباره مقدسا، في حين أن المقدس هو القرآن والسنة النبوية".

فكر ما بعد داعش

"الأيديولوجيا لا يمكن مواجهتها إلا بالأيديولوجيا البديلة. وأي رهان أحادي لمجابهة وتفكيك والتصدي لخطاب داعش لن يكون مثمرا"، يقول الباحث في فكر الجماعات الدينية عبد الخالق بدري.

ويضيف المتحدث أننا اليوم أمام ترسانة فكرية مدعومة بأذرع إعلامية ونوافذ علمية قوية من هذا التنظيم الإرهابي، تنساب وسط الشباب عبر الوسائط المتعددة "وجب التصدي لها بالمثل".

ويقترح الباحث أن تتضافر جهود الجميع للوقوف سدا منيعا أمام استمرار فكر داعش في الانتشار "خاصة وأنه يستغل العاطفة قبل العقل".

"أصبحت الحاجة ملحة لاستنهاض الأكاديميين والفاعلين المدنيين وتعبئتهم للانخراط في هذا المسلسل التحصيني للمجتمع، واستثمار خريجي العلوم الشرعية وتأطيرهم للاستفادة مما راكموه من تجربة علمية معتدلة في تمليك معارفهم للتلاميذ والشباب في المجتمع المدني".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.