مقهى مون كافية عقب اعادة فتحه بعد الهجوم/تنشر بإذن خاص من صاحبه
مقهى مون كافية عقب اعادة فتحه بعد الهجوم/تنشر بإذن خاص من صاحبه

صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:

لم تستوعب الشابة اليمنية وحدة ناشر، 24 عاما، ما كان يحدث حولها عندما داهم​ 15 مسلحاً يرتدون بزات مدنية، مطلع شهر أيار/مايو، مقهى عاماً في حي حدة الراقي وسط العاصمة اليمنية صنعاء، في حملة لمنع الاختلاط بين الذكور والإناث، التي تقول الجماعات الدينية المتشددة بأنه “يخالف أمر الله ورسوله”.

وأجبر المسلحون الذين زعموا بأنهم ينتمون لجماعة أنصار الله (الحوثيين) التي تسيطر على العاصمة صنعاء منذ أيلول/سبتمبر 2014، زبائن المقهى الذي افتتح حديثاً، على مغادرة المكان تحت تهديد السلاح، وسط حالة من الذعر والفوضى وصراخ النساء والأطفال.

همجية

“تعرضت للشتم، لم يتركوا لفظاً قبيحاً إلا ونطقوه، قلت لهم أنا في الشارع العام، ردّ عليَ أصغرهم: الله يلعنك يا(...)، لسنا في لبنان، كيف سينصرنا الله وأنتم تختلطوا يا (...)”، قالت وحدة لموقع (إرفع صوتك)، وهي تصف ما حدث في ذلك اليوم “المشؤوم”، على حد تعبيرها.

وأضافت وحدة ناشر، التي كانت تعمل عند اقتحام مقهى “مون كافيه”، على تفريغ مادة صحافية قبل تحريرها لمجلة شهرية صادرة عن مؤسسة حكومية بصنعاء، “كنا نحمل لابتوبات، ودفاتر وأقلام وأفكار نقية، فيما كان الطرف الثاني مدججا بالسلاح ويحمل أفكاراً همجية”.

خسائر

و“مون كافيه” واحد من المقاهي المحدودة التي يرتادها شباب من الجنسين في العاصمة صنعاء.

لكن الأمر لم يقتصر على طرد الزبائن فقط، بل امتد إلى اغلاق المحل بالقوة والتهجم على العمال، فيما “تجاوز قيمة ما حطمه المسلحون من طاولات ومحتويات خاصة 200 ألف ريال (نحو 555 دولار أمريكي)”، حسبما أفاد مالك المقهى مأمون المقطري.

وافتتح المقطري المقهى في شباط/فبراير الماضي، بغرض إعالة أسرته المكوّنة من خمسة أفراد، بعدما اضطر وعائلته للنزوح من مدينة تعز نهاية أيلول/سبتمبر الماضي، بسبب الحرب الدائرة هناك منذ أكثر من عامين.

“لم يكتفوا بإغلاق المحل، بل تم اقتيادي واثنين من أشقائي وأحد أصدقائي لقسم الشرطة، حيث تم فتح محضر للتحقيق معنا كمتهمين”، قال المقطري لموقع (إرفع صوتك).

وتابع “اشترطوا منع الاختلاط، مقابل السماح بإعادة افتتاح المقهى”.

إفساد الشباب

وتصاعد نفوذ الجماعات الإسلامية المتشددة في اليمن على نحو لافت خلال السنوات الأخيرة، تغذيها حالة الفراغ السياسي والأمني وانهيار مؤسسات الدولة منذ اندلاع الجولة الأخيرة من الحرب الدامية في البلاد منتصف 2014.

ومطلع الشهر الماضي، هاجم زعيم جماعة الحوثيين الشيعية عبد الملك الحوثي معاهد تدرس اللغات الأجنبية في اليمن، قائلاً بأنها تلعب دوراً مشبوهاً من أجل إفساد الشباب “أخلاقيا”، وإيقاعهم في شرك “الرذيلة” من خلال برامج تساعد على “الاختلاط الفوضوي، وتعزيز الروابط خارج إطار الضوابط الشرعية”، على حد قوله.

غير مألوفة

وقبل ذلك بشهور، أثار رجل دين وبرلماني يمني بارز جدلاً واسعاً، حين خصص خطبة جمعة كاملة، للتحريض ضد ناشطين وناشطات جمعتهم جلسة شاي في كافتيريا عامة في مدينة تعز، جنوبي غرب البلاد.

واستغرب الشيخ عبدالله أحمد علي، وهو برلماني محسوب على حزب تجمع الإصلاح، الذراع المحلي لجماعة الإخوان المسلمين، كيف يلتقي شابان وثلاث فتيات في مقهى عامة ويشربون الشاي ويتناولون الطعام “على مرأى ومسمع من الناس”.

وفي أعقاب هذا الخطاب، اقتحم متشددون إسلاميون مشفى حكومي، ومدارس للتعليم الأساسي في مدينة تعز، للفصل بين الذكور والإناث ومنع ما أسموه بـ “الاختلاط”, في سابقة غير مألوفة في المدينة المضطربة التي تتنازعها فصائل مسلحة موالية للحكومة وأخرى تابعة لجماعة الحوثيين.

وفي مدينة عدن الساحلية الجنوبية التي أعلنتها الحكومة اليمنية عاصمة مؤقتة للبلاد، وزّع مسلحون ينسبون أنفسهم لتنظيم (داعش) مراراً منشورات تهدد بالضرب “بيد من حديد كل من يخالف أمر الله ورسوله بمنع الاختلاط، أو عدم ارتداء النقاب في جامعة عدن”.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.