مخلفات تفجير انتحاري سابق في عدن
مخلفات تفجير انتحاري سابق في عدن

صنعاء- غمدان الدقيمي:

“أُحبك لدرجة أنني في ذروة فترات ضعفي أستطيع إسنادك؛ وأسقطُ أنا”، كان هذا آخر ما كتبه الناشط اليمني أمجد عبدالرحمن (23 عاما)، على حسابه في فيسبوك، قبيل اغتياله يوم الأحد، 14 أيار/مايو، في مدينة عدن جنوبي غرب البلاد، في عملية بشعة أعادت إلى الأذهان جريمة اغتيال صديقه عمر باطويل (18 عاما)، على يد متطرفين إسلاميين بتهمة الإلحاد العام الماضي.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن اغتيال الشاب أمجد، الذي ينحدر من أسرة يسارية محدودة الدخل. لكن مصادر قريبة من العائلة قالت إن مسلحين متشددين منعوهم الأربعاء، 17 أيار/مايو، من دفن جثمان أمجد عبدالرحمن في مقبرة عامة في مدينة عدن.

وحذر المسلحون السكان المحليين من المشاركة في تشييع جثمان أمجد والصلاة عليه كونه “ملحد”، على حد وصفهم، ما اضطر عائلته لدفنه خارج المدينة الجنوبية، حسب ما ذكرت وسائل إعلامية محلية، في سابقة غير معهودة داخل المجتمع اليمني.

“المعطيات تؤكد أن هوية الجناة هم طيور ظلا  يسعون إلى نشر ظلامهم في هذه المدينة التي تحتفظ بكونها مركز إشعاع تنويري لكل محيطها”، قال محافظ عدن عبدالعزيز المفلحي في بيان رسمي.

وأطلق مسلحون مجهولون يستقلون دراجة نارية منتصف ليل الأحد (14 أيار/ مايو)، وابلاً من الرصاص على أمجد وأردوه قتيلاً في الحال أثناء تواجده في مقهى إنترنت يديره بمديرية الشيخ عثمان جنوبي شرق مدينة عدن التي أعلنتها الحكومة اليمنية عاصمة مؤقتة للبلاد.

نبذ الإرهاب

“لو قدر الله، وجرى لي شيء، فالمتهم الأول هم القاعدة وأنصار الشريعة”، هذ ما كتبه الشاب اليساري ذو التوجه الاشتراكي العلماني، أمجد في (فيسبوك)، في آب/أغسطس 2015، وكأنه يقرأ المستقبل.

كان ذلك بعد أقل من شهر على نجاح قوات حكومية بدعم من التحالف الذي تقوده السعودية في استعادة مدينة عدن من الحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح.

لاحقا، أسس أمجد، (نادي الناصية الثقافي) الذي بات يجتذب عشرات الشباب لتبادل ومناقشة أفكار جريئة للخروج من دوامة الصراعات التي تعصف باليمن، بما فيها خياري “العلمانية” و“الانفصال” بين الشمال والجنوب.

وعلى مدى فترة وجيزة، نظم النادي الثقافي عددا من الندوات حول قضايا التعايش وثقافة القبول بالآخر ونبذ التطرف والإرهاب.

شعبية

ورفضت أسرة أمجد التحدث لموقع (إرفع صوتك)، لكن صديق والده الصحافي أديب الجيلاني أكد أنه “كان (أمجد) يحظى بشعبية شبابية غير عادية، كان مثقفاً بشكل كبير جداً. لا أتذكر الآن أنه تلقى تهديدات بالتصفية الجسدية”.

وتابع الجيلاني عبر الهاتف من مدينة عدن الجنوبية، لموقع (إرفع صوتك) “جميع أفراد أسرته وأصدقاؤه منهارون. والده تحديدا تعرض لصدمة كبيرة جداً، وأصبح في حالة نفسية سيئة للغاية”.

المحبة والتعايش

من جانبه، يقول الناشط الجنوبي نشوان سالم إن “أمجد كان من أبرز الشباب الذين نشروا ثقافة المحبة والتعايش والقبول بالآخر”.

أضاف لموقع (إرفع صوتك) “استشهد أمجد بعد عام تقريبا من استشهاد عمر باطويل في سياق العنف الفكري، وفي المدينة عينها أيضاً..”.

وكان متطرفون إسلاميون في مدينة عدن، اغتالوا في 25 نيسان/أبريل 2016، المدوّن اليمني عمر باطويل (18 عاما)، بتهمة الإلحاد، بعد سلسلة منشورات له في “فيسبوك”، تدعو إجمالاً إلى السلام والحرية والمحبة.

وفي أعقاب جريمة الاغتيال التي طالت صديقه، باطويل، كتب أمجد على حسابه في (فيسبوك) آنذاك “قسما بتلك القطرات الحمراء لن نتنازل عن حريتنا. قسما سنظل ننخر في جدار التطرف والإرهاب حتى ننعم وينعم الوطن بالحرية”.

وأضاف في منشور آخر “يعتقدون أنهم باغتيالك سيرهبوننا، مثل ما كنت تتنفس حرية سنظل نتنفس حرية”.

جريئة

وقادت الجماعات الإسلامية المتطرفة خلال الفترة الماضية حملة مضايقات واسعة في مدينة عدن ومحافظات جنوبي البلاد، طالت كتّابا وصحافيين وناشطات حقوقيات بحجة الإساءة للدين الإسلامي والدعوة للحرية، فضلاً عن السفور وعدم ارتداء النقاب.

وأواخر كانون الأول الماضي، نجا الباحث اليمني محمد عطبوش، من محاولة اغتيال على يد مسلحين مجهولين، على أثر إصداره كتاب بعنوان “نقد الإعجاز العلمي”، وتعليقاته الجريئة حول بعض المسائل الدينية.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.