منارة جامع المخضار الشهير في تريم
منارة جامع المخضار الشهير في تريم

صنعاء- غمدان الدقيمي:

لا تزال مدينة “تريم” التاريخية، في محافظة حضرموت، كبرى المحافظات اليمنية جنوبي شرقي اليمن، تمثل حتى اليوم مركزا للإشعاع الديني الإسلامي المستنير، الأمر الذي شجع المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، على اختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية عام 2010.

ويرجع تاريخ مدينة تريم، التي تبعد نحو 356 كم، عن مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت، إلى القرن الرابع قبل الميلاد، لكن المدينة التي تضم أكثر من 360 مسجدا، وفقا للمصادر التاريخية، برزت منذ القرن الرابع الهجري، كمركز تنوير علمي وتربوي ودعوي.

محصن

“وسطية تريم ستجدها واضحة في قيم وأخلاق أبنائها، ستجدها مجسدة أيضاً في أسواقهم، حتى قيل قديماً إن شوارع تريم: شيخ من لا شيخ له”، قال أحمد الرباكي، وهو مدير مركز الرناد للتراث والآثار والعمارة (منظمة مجتمع مدني)، لموقع (إرفع صوتك).

وعلى خلاف كثير من المدن اليمنية، لا تزال مدينة تريم تحتفظ حتى اليوم بعاداتها وتقاليدها الشعبية وأجوائها الروحانية ونكتها الدينية الفريدة والمتميزة، خصوصا خلال شهر رمضان الفضيل.   

يؤكد الشاب أحمد الرباكي أن “العلم ليس مقتصرا على مدارس المدينة وأربطتها العلمية وزواياها الدينية المتخصصة بتحفيظ القران منذ 600 عام، بل تجده وتلمسه حتى لدى الرجل البسيط في الشارع، وبائع البضائع في دكانه”.

أضاف “من الصعب جدا أن تجد شاباً من تريم انخرط ضمن الجماعات الإرهابية، رغم محاولة الاستقطاب الحثيثة من قبل هذه الجماعات، لكن هذه المحاولات لا تلقى استجابة، لأن الإنسان التريمي محصن ببيئته التربوية والتعليمية، القائمة على الوسطية والاعتدال والدين السمح”.

شواذ

ويتفق معه في ذلك الشيخ عمر الخطيب، وهو مدير دائرة الفتاوى الشرعية والبحوث في دار المصطفى للدراسات الاسلامية، قائلاً “بالنظر إلى هيمنة وتعظيم الدين والصلاح في أوساط أهالي تريم، يكون تواجد هؤلاء (إرهابيين من السكان المحليين) أشبه بالشواذ والمعروفين بين الناس”.

ختومات

ولعل من أهم التقاليد الدينية المتوارثة التي تنفرد بها مدينة تريم خلال رمضان، ما يعرف بـ “الختومات”، وهو مصطلح يطلق على ختم قراءة القرآن الكريم.

يقول الرباكي “في رمضان يجتمع الناس لقراءة القران جماعيا في المساجد، حيث يتم ختم القران كل أربع ليال، تسمى ختومات”.

وتابع “لذلك تشهد المساجد في فترة ما بعد الظهر ازدحاما شديدا بسبب توافد الناس من شتى أرجاء المدينة للصلاة وختم القران والابتهال بالأدعية والأذكار”.

وتعود هذه المظاهر الدينية الشهيرة المعروفة بـ“الختومات”، والتي يحرص أهالي تريم على إحيائها سنويا بهدف تحري “ليلة القدر”، إلى أكثر من 700 عام.

ويتخلل هذه المناسبة، حسب الرباكي، مظاهر أخرى من قبيل التزاور بين الأهل وترديد الأهازيج والموشحات الدينية، والمدائح النبوية وتقديم لوحات من التراث، بينها العاب شعبية تدخل البهجة على قلوب الأطفال في ليالي رمضان.

كلها صلاة

وفوق ذلك يقول الشيخ عمر الخطيب، الذي يعمل أيضاً مديراً لمركز تريم للدراسات والاستشارات الفقهية، “ما يميز مساجد تريم ان ليالي رمضان فيها كلها صلاة”.

ويوضح لموقع (إرفع صوتك) “كل نصف ساعة تقام الصلاة في مسجد معين بدءا من الثامنة مساء وحتى الثانية بعد منتصف الليل”.

آسيا وأفريقيا

ويتفاخر أهالي تريم بدورهم في نشر الإسلام في جنوبي شرق قارة أسيا وشرقي افريقيا، ليس بالسيف، ولكن بأخلاقهم وحسن المعاملة، وفق تعاليم الإسلام وقيمه النبيلة السمحاء.

يقول محمد عبدالله الجنيد، وهو منسق عام مجلس المواصلة بين علماء المسلمين في إندونيسيا، لموقع (إرفع صوتك) إن “أهالي مدينة تريم خصوصاً، وحضرموت عموماً، كان لهم دور كبير جدا في نشر ثقافة التسامح والسلام والمحبة في عموم إندونيسيا، وأرجاء جنوبي شرق آسيا، حيث لا تزال توجد هناك الكثير من الأسر التي تنتسب إلى حضرموت واليمن عموما”.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.