ليان، فتاة فلسطينية من ضحايا تنظيم داعش
ليان، فتاة فلسطينية من ضحايا تنظيم داعش

بقلم صالح قشطة:

رغم مرور مدة تجاوزت ستة أشهر، إلا أن وقع الحادثة لا يزال مؤلماً وحاضراً كما لو أنها وقعت للتو بالنسبة لعائلة الفلسطينية ليان ناصر، التي قضت ضحية لاعتداء إرهابي نفذه أفراد تنظيم داعش في أحد الاحتفالات التي شهدتها مدينة إسطنبول التركية، بمناسبة "رأس السنة" الجديدة 2017. لتكون الفتاة التي لم يتجاوز عمرها 19 ربيعاً آنذاك واحدة من بين 39 ضحية فارقوا الحياة على أثر الهجوم.

"أينما ذهبت أشعر بوجودها معي.. صورتها.. صوتها يترددان بمخيلتي حتى اليوم"، تقول ليال مصاروة (34 عاماً)، وهي خالة ليان وصديقتها المقربة. بينما حال وجع الفراق دون أن تتمكن شقيقتها الصغرى نادين ناصر من الحديث بشأن الحادثة.

وتتابع الخالة حديثها إلى موقع (إرفع صوتك) بأنها كانت متحمسة لفكرة سفر ليان، التي ألحت كثيراً على عائلتها لتذهب في هذه الرحلة، رغم اعتراض والدها. موضحة أنها طلبت منها تغيير وجهة سفرها إلى دولة أخرى، لعدم ارتياحها لرحلة إسطنبول نظراً للظروف الأمنية المتوترة. مشيرة إلى أن الفتاة أجابتها قائلة "هل سيترك داعش الجميع ويأتي ليقتلني أنا!".

في ليلة رأس السنة، فزعت العائلة بخبر يتحدث عن وقوع هجوم إرهابي في إسطنبول، وبدأت الصحافة والناس بالتهافت على منزل أسرة ليان، الذين اعتقدوا أنها ستكون مصابة في أسوأ الأحوال، ولم يكن بحسبانهم أن الموت سيكون مصيرها. وبعد تمهيد طويل، تم إعلام الأسرة بأن ابنتهم قد فارقت الحياة.

وتشير الخالة إلى ما قاله والد ليان بعد تلقيه خبر وفاة ابنته "أتمنى أن تعود لأخبرها أن خوفي من وقوع ما حصل كان هو سبب محاولتي منعها من السفر. ولكن ليان لن تعود، للأسف!".

رسالة مبهمة!

كما تتطرق ليال خلال حديثها إلى رسالة مبهمة التفاصيل، وجدوها على هاتف ليان الذي تم تسليمه لعائلتها مؤخراً، تقول إنها كانت تحاول إرسالها لأسرتها يوم وقوع الحادثة، كتبت فيها "سائق التاكسي أخبرنا ألّا نذهب إلى هذا المكان، لوجود قنبلة أو شيء ما هناك.. صحيح أن الأجواء جميلة لكنني لا أشعر بالراحة.. خائفة".

وبحسب الخالة، فقد باتت الأسرة تعيش حزناً شديداً يفوق الوصف، "كل من أفراد العائلة يخفي دمعته كي لا تراها والدتها"، وتقول إن ارتداء اللون الأسود وزيارة المقبرة أصبحا من عاداتها اليومية.

"دائماً تخبرني أمها بأنها ذاهبة لشراء هدية لليان.. وتقول لي: بدلاً من أن أراها بالفستان الأبيض، أحضَروها لي بالكفن الأبيض!"، تقول الخالة مشيرةً إلى أن داعش "حرقنا بل قتلنا ودمرنا، وأفسد أحلام ليان وجميع أحلامنا"، تقول الخالة مشيرة إلى أن الفتاة كانت على وشك تحقيق حلمها بدراسة طب الأسنان بعد عودتها.

ستعود يوماً ما لتخبرنا..

أما مرح حسام (18 عاماً)، وهي صديقة الطفولة لليان، فتعبر خلال حديثها إلى موقع (إرفع صوتك) عن صدمتها التي وصلت لدرجة أنها لم تصدق خبر رحيل صديقتها، وتقول "حتى اليوم نشعر بأنها ستعود يوماً ما لتخبرنا بما حصل معها، فهي اعتادت أن تأتي دائماً لتخبرنا بكل ما يجري".

وتقول إن ليان كانت "العقل المدبر" بين صديقاتها، وتردف "كانت هي من تقرر أين نذهب وماذا نفعل.. وكانت تخطط لأن نحتفل بعيد ميلاد صديقتنا (لمفاجأتها) بعد عودتها من تركيا..". إلّا أن مرح لم تتوقع أن تكون المفاجأة هي عدم عودة صديقة طفولتها من رحلتها على الإطلاق.

 

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.