قاد أبو حفص مراجعات جذرية داخل السجن وأفرج عنه سنة 2011/صفحة أبو حفص على فيسبوك
قاد أبو حفص مراجعات جذرية داخل السجن وأفرج عنه سنة 2011/صفحة أبو حفص على فيسبوك

المغرب - زينون عبد العالي

قادهم تشددهم إلى السجن سنوات طويلة، قبل أن يعلنونها "توبة نصوحا". وهم يقدمون الآن وصفة لمحاربة الفكر المتطرف أساسها الانفتاح على كتب التاريخ ومؤلفات النقد والاعتدال.

يرصد موقع (إرفع صوتك) تجربة سلفيين مغاربة قاموا بمراجعات عميقة، تمكنوا بفضلها من الحصول على عفو ملكي ليطلق سراحهم.

المراجعات سبيل للحرية

يحكي محمد عبد الوهاب رفيقي، المعتقل السلفي السابق بتهمة الإرهاب على خلفية تفجيرات الدار البيضاء سنة 2003، لموقع (ارفع صوتك) تجربته مع المراجعات الفكرية التي قام بها داخل زنزانته.

يقول محمد، الذي يرأس اليوم مركزا لمحاربة التطرف، "كنا نقوم بنقاشات فكرية عميقة تمتد لساعات نناقش فيها مضامين الكتب التي نقرأ. وكان لذلك أثر بارز على العديد من المنتمين لتيار السلفية الجهادية وأغلبهم بدون مستوى علمي أو معرفي لم يتبينوا حقيقة ما هم عليه إلا بفضل هذه القراءات والمناقشات التي ساعدتهم على التوبة".

أما يوسف مكور المعتقل السلفي على خلفية نفس الأحداث، فقام بدروه بمراجعات عميقة شملت ما يصفه بـ"الحشو السلفي" الذي غسل دماغه قبل دخوله السجن وخلال مخالطته بعض السلفيين بالسجن المركزي بالقنيطرة (غرب المغرب).

قرر يوسف القطع مع ماضيه. فكانت البداية بمطالعة كتب فكرية فتحت شهيته للغوص في عوالم الدين، ومنحته صفة "تائب" ليغادر بعد ذلك السجن قبل انتهاء مدة حكمه المحددة بـ15 سنة، قضى منها ثمان سنوات.

ماذا قرأ التائبون؟

رغم فقر خزانة السجن المركزي بالقنيطرة، واحتوائها على كتب لا تفيد في الراغبين في القيام بمراجعات فكرية جذرية، حسب يوسف، إلا أنه استطاع الحصول على عدة مؤلفات من بعض رفاقه السلفيين الذين انخرطوا في المراجعات.

يقول يوسف "استفدت كثيرا من كتاب (الثوابت والمتغيرات في العمل الإسلامي)، لصاحبه صلاح الصاوي، الذي تناول فيه عدة أمور كنت أجهل حقيقتها بسبب تحجر عقلي وهروبي من استخدام عين النقد والفحص".

ويضيف "كما كانت لرسائل النور لسعيد النورسي التي شملت تفسيرات مهمة للقرآن والفقه والعقيدة فضل كبير في اختياري منهج الوسطية والاعتدال، واجتناب الفكر المتشدد الذي دمر حياتي، إضافة إلى كتاب (مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين) لأبي الحسن الأشعري، ومؤلفات الداعية المغربي فريد الأنصاري".

كنوز معرفية منسية

 قراءة كتب التاريخ الإسلامي قادت أبا حفص إلى تدشين صفحة جديدة في حياته داخل السجن، رغم صعوبة الحصول على ما يريده من الكتب بسبب الرقابة.

"كان لكتب ومراجع التاريخ الإسلامي أثر بالغ في فهمي لحقيقة الفكر الديني، والشوائب التي علقت به وهو منها براء، حيث اطلعت على عشرات الكتب والمؤلفات التي ساهمت في تكويني لنظرة أخرى للتراث الديني، ومن ذلك كتاب سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي"، يقول أبو حفص.

ويتابع المعتقل السلفي السابق أنه اطلع على كتب قيمة لا يعرفها الكثير من الباحثين عن التوازن الروحي والعقدي ككتاب (العلم الشامخ في تفضيل الله ورسوله على الآباء والمشايخ) لمؤلفه اليمني صالح المقبل، وهو كتب يصفه أبو حفص بالقيم.

تضييق ورقابة

"كانت مندوبية السجون تحرمنا من الحصول على ما نريده من الكتب، وهو ما اعتبرناه تضييقا علينا، لندخل في إضراب عن الطعام مقابل رفع الحظر عن إدخال الكتب إلى الزنازين، وهو ما تأتى لنا حيث استجابت إدارة السجن إلى مطالبنا وسمحت بإدخال الكتب بشروط"، يؤكد أبو حفص، مضيفا أن مندوبية السجون كانت تفرض رقابة على الكتب التي يطلبها السلفيون.

ومن ضمن هذه الشروط، حسب أبي حفص، ضرورة مراجعة الإدارة لمضمون الكتاب، إضافة إلى عدم السماح بإدخال أكثر من كتاب إلى الزنزانة، واسترجاعه قبل الاستفادة من كتاب آخر.

من جهتها، تؤكد المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج أن جميع السجناء، بمن فيهم المتابعون في قضايا التطرف والإرهاب، يحق لهم الاستفادة من الكتب المتوفرة في المؤسسات السجنية، إضافة إلى الكتب والمطبوعات التي تندرج في إطار الدروس الجامعية وتخص السجناء الذين يتابعون دراستهم في المؤسسات التعليمية.

وتوضح المندوبة أن الكتب الممنوعة تشمل الكتب التي تشجع على العنف والتطرف، مشيرة إلى أن ذلك يتم وفق ضوابط وآليات قانونية.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.