بقلم رحمة حجة:
في زيارة مؤخرا للأردن، دار حديث بيني وبين سائق سيارة أجرة شعرت بضرورة أن أنقله لكم كما هو.
ودعتُ المدرج الروماني في العاصمة الأردنية عمّان، لأنتقل إلى جولة أخرى في حي اللويبدة. ومن أمام البازار السياحي الصغير بأسعاره الزهيدة، أوقفت مركبة أجرة (تاكسي). ولأنني لم أحفظ العنوان بالضبط، قلت له "اللويبدة بجانب الكنيسة" فضحك ساخرا بأن الكنائس عديدة هناك منها البشارة (البشارات) والروم الكاثوليك والأقباط، مضيفا "ما تقولينه يصلح نكتة". وصار يحدثنا عن قصص مشابهة لركاب يحددون منطقة ما بشيء عام دون تخصيص. فضحكتُ بالفعل، وأخبرته أنني سأعرف طريقها حالا بمجرد دخولنا الحي.
اقرأ أيضاً:
امرأة عزباء وحيدة في أميركا.. كيف تبدو الحياة؟
وفي السياق قال "عندهم كنائس كتير الله يهدهم"، وأتبعها بضحكة، وضحكت معه باعتبارها مثل إحدى الطرائف التي يتبادلها مسلمون عن مسيحيين والعكس حتى أمام بعضهم البعض. فأتبعها بقصة لرجل مسلم تزوج بمسيحية وكان يرافقها للكنيسة في صلواتها، مستنكرا هذا الفعل بشدة، لأرد بعبارة طبيعية "هذا شكل من أشكال التعايش والتسامح بين الأديان" ليقول "في القرآن إن الدين عند الله الإسلام وغير هيك ما في" ثم بدأ الحوار –إن جازت التسمية- بيننا.
أقول له إن لهم دينهم ولنا ديننا والقرآن نفسه يسميهم "أهل الكتاب" ثم يرد بآية تصفهم بالكفار وبأنهم في نهاية المطاف سيدخلون النار. وأبدى استغرابه من كلامي بالقول "هذا قرآن بدك تكذبي القرآن؟".
قلت "ومن منّا ضمن الجنة؟". فأجاب "كل مسلم سيدخلها لمجرد أن قال لا إله إلا الله ولو ارتكب كل المعاصي سيعذب قليلًا في النار لكن مصيره الجنة في النهاية".
وتصاعدت وتيرة الكلام بيننا بهذا الشكل.
أنا: اليهودية والمسيحية تاريخيا قبل الإسلام.
هو: الإسلام آخر دين وهو الأساس.
- هناك مئات الديانات حول العالم وأشخاص ادعوا أنهم أنبياء بعد ظهور الإسلام
- ديننا الصحيح وأديانهم محرّفة.. هل المسلم كالمسيحي؟
- وما الفرق؟
- المسيحيون دائما سكرانين من شرب الخمر
- يوجد مسلمون أيضا يشربون الخمر
- مهما شربوا هم في النهاية مسلمون وسيدخلون الجنة
- هل لك أصحاب مسيحيين؟
- نعم
- وتقول لهم يوميا "صباح الخير"
- نعم
- وتؤمن أنهم سيدخلون النار لا محالة!
- نعم، وعلاقتي بالمسيحيين هذه فقط. لا نتزوج منهم ولا نبارك لهم في أعيادهم
- أنا لا مانع عندي في تهنئتهم بأعيادهم
- أنتِ مسلمة؟ قرأتِ القرآن؟
- أنا مسلمة وقرأته وليس لدي يقين بمن سيدخل الجنة ومن سيدخل النار.. العمل والأخلاق هي الأساس وليس الشهادتين
علا صوته في الحوار وكان يتحدث بنبرة ساخرة جدا، فطلبت منه إنهاء الحوار وإتمام السياقة حتى وُجهتنا، مردفةً "أتمنى أن تحترم زبائنك وغير هذا سينفر الناس منك". لكنه استمر في الحديث وصار يستفز بأسئلة مثل: "أنا لا أستبعد أن تتزوجي مسيحيا، أليس كذلك؟". فأجبته "هذا شأن شخصي ولو تزوجتُ بوذيا ليس من شأنك". فارتفع صوته مستهجنا "أنتي كافرة إذن..".
- في الإسلام لا يجوز لك التكفير
- أنت تقولين لا مانع لديك بالزواج من بوذي
- أنا قلت إن هذا شأنٌ خاص
- لكنك ستذهبين إلى النار
- وأنت ستذهب إلى الجنة..
- الحوار معكِ لا يوصل لشيء
- لذا ربما من الأفضل أن نتوقف هنا
- الله يستر عليك ويهديك
- وما رأيك بداعش؟
- خارجون عن سنة النبي محمد
أضحك "شكرا لك، أنت على الأقل لست معهم..". وأفكر بهذه المُفارقة التي يعيشها الكثير منا مثل هذا السائق تمامًا، إذ نعرف ونقرأ كل ما قاله ويؤمن بتطبيقه البعض، وفي نفس الوقت يستهجنون جرائم داعش كأنهم غريبون عن مجتمعاتنا.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659