صورة تعبيرية/Shutterstock
صورة تعبيرية/Shutterstock

صنعاء - غمدان الدقيمي:

تلقى الحرب المتصاعدة في اليمن منذ ثلاثة أعوام بظلالها المأسوية على كل مناحي الحياة الإنسانية في البلد العربي الفقير، لتمتد إلى العلاقات الزوجية التي شهدت خلال الفترة الأخيرة تفاقما لافتا في حالات الفسخ والطلاق.

وحسب إحصائيات متداولة سجلت محكمة واحدة فقط في العاصمة صنعاء أكثر من 560 حالة فسخ وطلاق منذ بداية العام الجاري.

اقرأ أيضاً:

في اليمن.. تباين بشأن زواج المسلمة من شخص غير مسلم

سيدة يمنية: مستقبلي مرهون بمصير زوجة أخي

ويقدر عز العرب العبسي، وهو محام يمني ، زيادة نسبة حالات الطلاق والفسخ في المجتمع اليمني خلال فترة الحرب والأزمة القائمة بأكثر من 75 في المئة مقارنة بالفترة السابقة.

وقال مصدر قضائي في وزارة العدل الخاضعة لسلطة الحوثيين في صنعاء، لموقع (إرفع صوتك)، إنهم كانوا يوثقون “ما بين أربعة آلاف إلى ستة آلاف حالة طلاق سنويا في اليمن”، قبل اندلاع النزاع الدامي الذي يعصف بالبلاد منذ سنوات، لكنه أفاد أن معدل حالات الطلاق في الواقع كبير جدا ”لأن غالبية الأشخاص لا يوثقون الطلاق لدى المحاكم الرسمية”.

وأكد المصدر القضائي ذاته ارتفاع نسبة حالات الطلاق والفسخ إلى مستويات مثيرة للقلق جراء تردي الأوضاع الاقتصادية وعدم قدرة الكثير من أرباب الأسر على تحمل النفقات خلال فترة الحرب التي خلفت واحدة من “أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ”.

وارتفع عدد السكان الذين يعانون من “ضائقة غذائية” في اليمن، إلى نحو 21 مليون شخص، بينهم سبعة ملايين شخص لا يعلمون من أين سيحصلون على وجبتهم التالية، وفق أحدث التقارير الأممية.

محاكم مكتظة

وقال المحامي العبسي لموقع (إرفع صوتك) إن "انقطاع رواتب الموظفين الحكوميين منذ عام وتسريح مئات آلاف العمال في القطاع الخاص وتردي الأوضاع الاقتصادية وعجز الأزواج عن الإنفاق على أسرهم ضاعفت المشاكل الأسرية. وهذا سبب رئيس للزيادة في طلبات الطلاق”.

وأشار المحامي إلى أن غالبية المحاكم في العاصمة صنعاء مكتظة منذ بداية الأزمة الحالية بدعاوى الفسخ والطلاق بسبب عدم الإنفاق، “نحن كمحاميين نلاحظ ذلك بوضوح، أصبحت القضايا الشخصية هي الأكثر في المحاكم، مقابل نقص في القضايا التجارية”.

وأوضح عز العرب العبسي أن رفع دعاوى قضائية ضد الأزواج هو الطريق الأسهل والأسرع للزوجات وأهاليهن بهدف الضغط على الأزواج العاجزين عن الإنفاق “خاصة وأن القانون اليمني واضح ويلزم الزوج بالنفقة على الزوجة وأطفاله تحت أي ظرف كان”.

عواقب

من جانبه، يعتقد مروان المغربي، وهو باحث اجتماعي يمني، أن إطالة أمد الحرب زاد من مستوى حالات الطلاق في اليمن بشكل مقلق، لكنه أعرب عن أسفه لعدم توفر إحصائيات رسمية حول حجم هذه الظاهرة.

أضاف لموقع (إرفع صوتك) “هذا مؤشر خطير على تراجع الرباط الأسري في المجتمع اليمني، وينذر بعواقب كارثية على مستقبل البلاد. المشاكل الناتجة عن الفقر والصراع القائم وتداعياته أسباب رئيسة للمشاكل الأسرية وينتج عنها الطلاق”.

وقال “الطلاق من أهم المشاكل التي تهدم الأسرة والأسرة نواة المجتمع. إذا أخذنا خمسة من عشرة في المئة كمتوسط بسيط من الطلاق حاليا سنجد بعد 5 إلى 10 أو 15 سنة بأنه لدينا أكثر من 10 الاف إلى 15 ألف طفل مشرد، وإذا أضفنا خمس سنوات سنجد حينها من بين 15 ألف طفل مشرد 10 ألف طفل على الأقل مجرم في المجتمع”.

وهناك العديد من الخطوات التي يمكن اتخاذها، برأي المغربي، للحد من هذه الظاهرة في مقدمتها وبشكل عاجل “توفير أدنى سبل الاستقرار المعيشي وصرف مرتبات الموظفين، لتحقيق الأمن الغذائي، ولاحقا مطلوب من منظمات المجتمع المدني إقامة حملات لتوعية الأسر (الزوج والزوجة) بكيفية إدارة خلافاتهما واحتوائها”.

وشدد على أهمية دور وسائل الإعلام والمساجد والمدارس للتوعية بمخاطر الطلاق باعتبار تداعياته تؤثر سلبا على المجتمع ككل.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.