بقلم صالح قشطة:
"ألو.. أنا مالك.. عنّا بيتزا.. ولبنة.. وجبنة.. وهوت دوغ.. تعال عنّا.."، يقول الشاب مالك سرحان (18 عاماً) بسعادة غامرة، في اتصال هاتفي أجراه موقع (إرفع صوتك)، معبراً عن سعادته بعمله الجديد في المطعم الذي افتتحته له أسرته في العاصمة الأردنية عمّان، ليكون فرصة لتطوير شخصيته وتحسين نفسيته ووضع حد لعزلته النسبية عن المجتمع، وكل ما يعانيه أقرانه من مصابي متلازمة داون الي تعرف أيضا بثلاثي الصبغي 21.
وعقب دعوته فريق العمل لزيارة مطعمه الجديد، يعرّف مالك على نفسه "أنا بحب البلاي ستيشن.. وبحب فريق ألمانيا.. وبحب كرة القدم والمباريات..".
اقرأ أيضاً:
عار اسمه النظرة القاصرة لذوي الاحتياجات الخاصة
محنة امرأة تمنح عملاً لغيرها من النساء في سلفيت
بدورها توضح والدة مالك، وداد ملحس، لموقع (إرفع صوتك) أن مالك -أصغر أفراد أسرتها- قد أتم 18 عاماً من عمره، ما دفعها لاتخاذ قرار انخراطه بسوق العمل، "ليكون مع الناس ويتفاعل معهم. فليس معقولاً أن يقضي حياته بين ألعاب الفيديو والنوم"، تقول الأم.
اعتذروا عن توظيفه..
وتتابع السيدة "حاولنا توظيفه في عدة متاجر، واعتذر الجميع عن ذلك. فاتخذنا قراراً لتأسيس عمل صغير خاص ليلتحق به. فجهزنا المطعم وباشر مالك العمل".
وبينما قد يتردد بعض الأهالي باتخاذ خطوة كالتي اتخذتها أسرة الشاب، تؤكد والدة مالك أن الناس "تقبلوه بشكل رائع"، وتضيف "الجميع يأتون ليطلبوا طعامهم منه شخصياً وليس مني، وهو سعيد جداً بذلك"، مشيرة إلى امتلاكه لمهارات عالية في العمل وقدرة على تلبية طلبات الزبائن المختلفة، بالإضافة إلى ترتيب المنتجات وتنسيق المطعم.
وبحسب الأم، فإن شخصية مالك "اجتماعية جداً.. هو شاب كأي شاب آخر"، مشددة على ضرورة أن يقوم أهالي من لديهم متلازمة داون "بفرضهم" على المجتمع.
كما تشير إلى أن ابنها بات يشهد تحسناً ملحوظاً من الناحية النفسية، "بنسبة لا تقل عن 90 في المئة، أصبح يخرج من المنزل ويلتقي أشخاصاً أكثر. لم يكن لديه أصدقاء سوانا".
لدي نقود.. سأذهب إلى السينما
وخلال حديثها، توضح الوالدة أنها تحرص على أن يتقاضى مالك منها مرتباً يومياً يحفزه للذهاب إلى العمل في اليوم التالي. وتعبر عن سرورها بقدومه إلى والده بعد أيامٍ من افتتاح المطعم، حيث أخرج محفظته وقال له "انظر.. لدي نقود.. سأذهب إلى السوق والسينما"، بسعادة غامرة كونه سيخرج على حسابه هذه المرة، وليس بنقود منا.
كما تتطرق السيدة إلى زيارة الأميرة بسمة بنت طلال لمطعم مالك، والتي اعتبرتها لفتة ملكية هامة تحفز مصابي متلازمة داون. وتصف الزيارة أنها "كانت زيارة بحجم الدنيا بالنسبة لنا، وكانت الأميرة فرحة أيضاً. فقد قدمت لترى من هو مالك، بلا موعد وبلا سابق إنذار".
يمتلكون القدرة
وتتمنى السيدة من كل أسرة لديها شخص يعيش مع متلازمة داون "ألّا تضع ابنها في قوقعة داخل المنزل"، كونهم طيبون ويملكون العديد من الصفات الجميلة، بالإضافة إلى القدرة على العطاء والقدرة على فعل كل شيء.
وفي ختام حديثها، تشير إلى أن هدفها هو "أن يكبر المطعم لنفتتح سلسلة من الفروع، لنتيح الفرصة لاحتضان عشرة من مصابي متلازمة داون بالعمل في كل فرع".
من جهتها، تؤكد المتخصصة التربوية نور رياض لموقع (إرفع صوتك) أن مجرد خروج مالك إلى العمل وانخراطه بالمجتمع يعتبر خطوة إيجابية، ستقدم انعكاساتٍ إيجابية عدة على شخصيته.
وتشير إلى الضرورة الملحة لانخراط أصحاب متلازمة داون مع المجتمع والعمل في سن مبكرة، لما لذلك من أثر سيعزز لديهم الثقة في أنفسهم، ويشعرهم أنهم أشخاص منتجون بطريقة تخلق لديهم دافعاً وطموحاً يجعلهم يستيقظون من النوم صباحاً لتحقيقه.
وتضيف "هكذا لن يشعر الشخص بأنه أقل ممن هم حوله". وتتابع "عندما قررت والدة مالك تشغيله بهذا المطعم فإنها رفعت لديه ثقته بنفسه ما سيوقفه عن المقارنة بينه وبين بقية الأفراد في محيطه".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659