طفلة يمنية تقف أمام مدرستها المدمرة في مدينة تعز - أرشيف
طفلة يمنية تقف أمام مدرستها المدمرة في مدينة تعز - أرشيف

صنعاء - غمدان الدقيمي:

منذ زفافها قبل نحو أربعة أشهر، تحاول علياء، 18 عاما، عبثا التأقلم مع واقعها الجديد في عصمة شخص لا تطيق حتى النظر إليه، كما تقول الفتاة اليمنية التي أجبرتها أسرتها على الزواج برجل متوسط الدخل "للتخفيف من الأعباء المعيشية"، على حد تعبيرها.

تقول علياء التي طلبت عدم نشر اسمها كاملا، إنها فقدت أكثر من خمسة كيلوغرامات من وزنها منذ أن تركت منزل والدها في نيسان/أبريل الماضي.

"أصبحت نحيلة جدا، لست سعيدة بهذا الزواج"، أضافت الشابة التي تنتمي إلى أسرة فقيرة تتحدر من محافظة تعز، جنوب غرب البلاد.

وتذكر علياء أن والديها يعتقدان أنها "مسحورة"، وتقول إنهما "لا يريدان الاعتراف بأنهما ظلماني بهذا الزواج".

ظاهرة تتصاعد

وتصاعدت ظاهرة الزواج القسري في اليمن على نحو لافت مؤخرا بسبب الضغوط المعيشية وتراجع مستوى دخل الأسر، نتيجة التداعيات الاقتصادية للحرب التي تعصف بالبلاد منذ ثلاثة أعوام، والتي خلفت واحدة من "أكبر الأزمات الإنسانية"، حسب وصف الأمم المتحدة.

وتؤكد أفراح قائد حماد، مديرة الإعلام والتثقيف في المجلس الأعلى للأمومة والطفولة (منظمة حكومية)، أن النزاع الدامي فاقم من هذه الظاهرة "لأن كثيرا من الآباء يريدون التخلص من مسؤولياتهم تجاه بناتهم".

وتعرف الأمم المتحدة الزواج بالإكراه، أو الزواج القسري، بأنه "أي زواج يحدث من دون موافقة أحد الطرفين أو الطرفين معا موافقة تامة وحرة و/ أو حين لا تكون لدى أحد الطرفين أو الطرفين معا القدرة على إنهاء الزواج أو الانفصال، لأسباب منها الإكراه أو الضغط الاجتماعي أو الأسري الشديد".

أرقام

ويقول ناشط حقوقي يمني فضل عدم ذكر اسمه، إن من الصعب الحصول على أرقام حول عدد حالات الزواج القسري في اليمن، لعدم وجود سجلات زواج أو طلاق، وأكد أن نسبة حصول هكذا زيجات زادت خلال الحرب الحالية.

وخلصت دراسة أجرتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في أيلول/ سبتمبر 2016، وشملت ست محافظات يمنية، إلى أن 66 في المئة من الفتيات في اليمن تزوجن قبل بلوغهن سن 18 عاما، مقارنة بـ50 في المئة قبل تفاقم الصراع.

وحسب المنظمة الدولية فإن 44.5 في المئة من تلك الفتيات القاصرات تم تزويجهن في سن 15 سنة، أو ربما أقل.

القاعدة

وفي منتصف عام 2014، اتهمت "يونيسف" تنظيم القاعدة باستغلال الأطفال جنسيا، في جنوب اليمن.

وقالت المنظمة الدولية إن تنظيم القاعدة أجبر عام 2012 نحو 100 يمنية لا يتجاوز عمر بعضهن 13 عاما، على الزواج من مقاتليه وقياداته في محافظة أبين الساحلية على بحر العرب، قبل أن تتمكن قوات حكومية بدعم من تحالف إقليمي بقيادة السعودية من طرده من محافظات جنوب وشرق البلاد العام الماضي.

ووثقت "يونيسف" سبع حالات زواج قسري لفتيات تقل أعمارهن عن 13 عاما، لافتة إلى أن "فتاتين قدمتا كهدية" إلى عناصر في القاعدة من جانب أشقائهما الذين انضموا إلى صفوف التنظيم.

وفي حالات أخرى، دفع مقاتلون أموالا تصل قيمتها إلى خمسة آلاف دولار، لعائلات لا يتجاوز دخلها الشهري 12 دولارا للزواج من فتيات.

نصوص لا تطبق

ولا يقتصر الزواج القسري في اليمن على الفتيات، لكنه يطال أيضا بعض الفتيان، وفق ما ذكرت فتحية عبد الله، رئيسة "اتحاد نساء اليمن"، إحدى المنظمات غير الحكومية.

وقالت إن الاتحاد يعتبر إجبار الفتاة أو الشاب على الزواج "خطأ كبيرا وكارثيا على صعيد العلاقات الأسرية، كونه من أهم أسباب التفكك الأسري".

وتعزو أسباب الزواج القسري إلى العادات والتقاليد والفقر والأوضاع الاقتصادية المتردية لكثير من الأسر اليمنية، إذ يجبر بعض الآباء على تزويج بناتهم لأشخاص يدينون لهم بالمال، حسبما قالت.

وينص قانون الأحوال الشخصية اليمني على أن "كل عقد زواج بني على إكراه الزوج أو الزوجة لا اعتبار له"، لكن فتحية عبد الله تقول إن هذه النصوص "لا تطبق على أرض الواقع".

خاص بموقعي الحرةإرفع صوتك

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.