المغرب- عبد العالي زينون:
أطلقت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج في المغرب برنامج "مصالحة" لفائدة نزلاء المؤسسات السجنية المدانين في إطار قضايا الإرهاب، بشراكة مع الرابطة المحمدية للعلماء والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ومختصين في علم النفس الاجتماعي.
المصالحة طريق العفو
يرتكز البرنامج، حسب المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، على ثلاثة محاور: المصالحة مع الذات، المصالحة مع النص الديني، والمصالحة مع المجتمع. وأوضحت المندوبية أن "برنامج مصالحة يتميز عن غيره من المبادرات السابقة، من حيث تأطيره الشمولي للسجناء وتأهيلهم نفسيا وفكريا وسلوكيا للتعامل بطريقة سليمة مع نظم المجتمع وفعالياته والبشرية بما يسمح لهم الاندماج الكامل والفعال".
اقرأ أيضا:
مدير جهاز مكافحة الإرهاب في المغرب: فككنا 52 خلية لداعش
عودة المقاتلين المغاربة من داعش.. السجن في الانتظار
وكانت وزارة العدل المغربية أشارت سابقا إلى أن عددا من السجناء المتابعين في قضايا الإرهاب استفادوا من عفو ملكي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب (20 آب/أغسطس)، بعد مشاركتهم في برنامج "مصالحة" الخاص بفئة السجناء المتطرفين.
وذكرت الوزارة أن 13 معتقلا ممن أدينوا بعقوبات في قضايا إرهابية "أعلنوا بشكل رسمي تشبثهم بثوابت الأمة ومقدساتها وبالمؤسسات الوطنية، وبعد مراجعة مواقفهم وتوجهاتهم الفكرية، ونبذهم للتطرف والإرهاب، وأكدوا أنهم رجعوا إلى الطريق القويم (...)".
مجرد تسويق إعلامي
على الطرف، ينفي عبد الرحيم الغزالي، الناطق باسم "اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين"، استفادة المعتقلين من برنامج "مصالحة". يقول "لم يعلن مطلقا عن أي برنامج داخل السجون اسمه برنامج "مصالحة"، كما أن الذين شاركوا فيه حينها لم يكونوا يعلمون أنهم يشاركون في برنامج بهذا الاسم".
واعتبر الغزالي أن "الصورة التي روجتها مندوبية السجون عن البرنامج لا أساس لها من الصحة، وهي مجرد تسويق إعلامي، مشيرا إلى أن المندوبية سبق لها أن أكدت في بيان رسمي أن الدولة لم تفتح أي حوار مع المعتقلين الإسلاميين، بل هي مجرد دورات تكوينية قصد محاصرة الفكر المتطرف داخل السجون".
وقالت مندوبية السجون إن سجناء مدانين في ملفات الإرهاب والتطرف، يمثلون عينات من مختلف الاتجاهات الجهادية، والمحكوم عليهم بعقوبات سجنية متفاوتة، استفادوا من النسخة الأولى من برنامج "مصالحة" التي انطلقت خلال الفترة الممتدة ما بين 29 أيار/مايو و25 تموز/يوليو الماضي، مشيرة إلى أنهم "عبروا عن رغبة أكيدة في المشاركة في هذا البرنامج بشكل اختياري وعن طواعية".
لكن الغزالي يوضح ما حدث كما يلي: "هناك سجناء سلفيون سبق لهم أن تقدموا بطلبات للرابطة المحمدية للعلماء قصد التوسط في الملف... فتمت دعوتهم إلى دورة تكوينية ليس إلا، فإذا بهم يفاجؤون ببلاغ العفو يتضمن مسمى برنامج مصالحة".
مبادرات شاملة
يشدد محمد حقيقي، المدير التنفيذي للرابطة العالمية للحقوق والحريات، على ضرورة إجراء مصالحة وطنية شاملة لفائدة معتقلي السلفية الجهادية. "نادينا بمصالحة وطنية تشمل المعتقلين الإسلاميين، وطالبنا بنموذج ثان لهيئة الإنصاف والمصالحة التي أنشئت (سنة 2004) لتصيفه ملفات سنوات الرصاص (ملفات الانتهاكات الجسمية لحقوق الإنسان من سنة 1956 إلى 1999) من أجل جبر الضرر وإعادة الإدماج، لكن هناك جهات تتدخل وتعرقل مسار المصالحة وتؤول إلى الفشل"، يقول محمد حقيقي.
ويشير المتحدث إلى أن المراجعات يجب أن تشمل جميع المتابعين في قضايا الإرهاب والتطرف وليس فئات محددة. "لقد تفاجأنا بإطلاق سراح معتقلين سلفيين قيل أن استفادوا من مبادرات للمصالحة والمراجعة، لكن بعض السجناء نفوا وجود هذه المبادرات ولم يعلموا بوجودها حتى يستفيدوا منها".
ويشدد حقيقي أن "أي مبادرة للمصالحة يجب أن تكون لها آفاق واضحة، وآليات للتأكد من أن الذين استفادوا منها تابوا حقيقة وتراجعوا عن أفكارهم المتطرفة، وليس فقط تبني خطاب مضاد للتطرف، والقول بأن مبادرات المصالحة آتت أكلها".
ويوجد في سجون المغرب حوالي 890 سجينا على ذمة قضايا تتعلق بالإرهاب، ضمنهم 132 معتقلا على خلفية أحداث 16 أيار/مايو 2003 الإرهابية في مدينة الدار البيضاء.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659