القاهرة - الجندي داع الإنصاف:
النقاش حول النقاب في مصر ليس جديدا. فعلى فترات متباعدة، يشتد الجدل حول شرعية هذا اللباس الذي يتمسك به كثير من المصريين المحافظين، سواء في الجماعات الإسلامية، خاصة السلفية، أو خارجها، فيما يؤكد الأزهر أنه "عادة وليس عبادة".
لكن ما يميز الأمر هذه المرة هو وجود دعوى قضائية من أجل حظر ارتداء النقاب رفعها المحامي المعروف سمير صبري أمام مجلس الدولة. وهو ما أثار جدلاً دستوريا وقانونياً ودينياً واسعاً. وحددت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة تاريخ أول جلسة في 14 تشرين الثاني/نوفمبر.
الجريمة والنقاب
يؤكد المحامي سمير صبري صاحب الدعوى أنه راجع الأبحاث الدينية بشأن النقاب قبل إقامته الدعوى وأسفر بحثه عن التوصل إلى أن "النقاب ليس عبادة ولا يعد فرضاً على الإطلاق".
يقول صبري لموقع (إرفع صوتك) "على هذا الأساس، بدأت أنظر إلى وجوب حظر النقاب نظراً للأوضاع الأمنية التي تمر بها مصر، وهي الأولى بالرعاية، خاصة بعد ملاحظتي أن مئات الجرائم يتم ارتكابها تحت ستار النقاب. ومنها جرائم سرقة الأطفال والتحرش والهجوم على محلات الذهب وغيرها، بالإضافة إلى الجرائم الإرهابية".
ويشدد سمير صبري أن دافعه من وراء إقامة دعوى الحظر هو "الحفاظ على سلامة المجتمع وحماية الأمن القومي المصري"، معتبرا أن "كل محاولة للتغيير أو الإصلاح تُقابل بمعارضة من المستفيدين من الوضع القائم. وبالتالي فمن يهاجم حظر ارتداء النقاب هم من يرتكبون الجرائم بارتدائه".
اقرأ أيضا:
جدل حاد في المغرب حول منع البرقع
قرارات سابقة
وكان رئيس جامعة القاهرة السابق جابر نصار أصدر، عام 2015، قراراً بمنع العاملين وأعضاء هيئة التدريس من ارتداء النقاب خلال فترات العمل.
وحاز قرار نصار تأييد محكمة القضاء الإداري التي أكدت أن قرار رئيس الجامعة لا تشوبه شبهه إساءة استعمال السلطة. وبدورها، سبق أن أكدت المحكمة الدستورية العليا أن تنظيم الإدارة للزي لا يخالف حرية العقيدة.
ومن جهته، سبق للمجلس الأعلى للأزهر، على عهد شيخه السابق محمد سيد طنطاوي، أن منع ارتداء النقاب عام 2009 في جميع الفصول الدراسية. وأصدرت الجامعة الأميركية أيضا قرارا مماثلا عام 2001.
حرية شخصية
يبني المعترضون على منع ارتداء النقاب في مصر اعتراضهم على حجتين اثنتين. الأولى: ملابس المرأة حرية شخصية. والثانية: مخالفة دعاوى الحظر للدستور المصري (الباب الثالث) وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المواد من 1 إلى 7).
أما من الناحية الشرعية، فيرى سالم الهنداوي وهو أحد علماء الأزهر أن ارتداء النقاب من عدمه يبقى اختيارا شخصي، مشددا على وجود شبه إجماع على أن "وجه المرأة ليس بعورة. وما دام الأمر كذلك فلها أن تستره ولها أن تكشفه".
ويوضح الهنداوي، أنه على العكس من الدعاوى المؤيدة للنقاب، يكره المذهب المالكي تغطية الوجه لما فيه من غلو، في حين أن ظاهر مذهب ابن حنبل يرى أن "كل المرأة عورة بالنسبة للأجنبي".
ويخلص العالم الأزهري إلى أنه "لا يوجد إجماع على وجوب تغطية وجه المرأة وارتداء النقاب".
ويتابع "من هنا، إذا ثبت استخدام النقاب فعليا في ارتكاب الجرائم، وكان من أدواتها، فلولي الأمر أن يمنعه من باب أن له تقييد المباح. وتصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659