وقفة احتجاجية لبهائيين وناشطين أمام المحكمة الجزائية المتخصصة بصنعاء مطلع نيسان/ أبريل 2016
وقفة احتجاجية لبهائيين وناشطين أمام المحكمة الجزائية المتخصصة بصنعاء مطلع نيسان/ أبريل 2016

صنعاء - غمدان الدقيمي:

لا يزال مصير وليد عياش (51 عاما) مجهولا حتى اليوم، منذ أن اعتقلته عناصر استخباراتية تابعة لسلطة الحوثيين بصنعاء أواخر نيسان/ أبريل الماضي. وبحسب مقربين منه ومنظمات حقوقية محلية ودولية، اعتقل هذا المواطن اليمني الذي يعتنق الديانة البهائية على خلفية معتقداته الدينية.

"لا نعلم عنه أي شيء. السلطات ترفض الإدلاء بأية معلومات عنه"، قال شقيقه أكرم عياش.

وأضاف "تدهورت صحة والداي، وأصيب أبي بجلطة وبات عاجزا عن النطق".

وأكد أن مطالبات العائلة بالكشف عن مصير ابنها كثيرا ما تصطدم بتهديدات لهم بالتصفية الجسدية.

"كل من وسطناهم للبحث والإفراج عن شقيقي يعودون إلينا بالقول إن قضيتكم كبيرة، فقط لأننا بهائيون"، تابع شقيق وليد عياش.

انتهاكات وملاحقات

وإلى جانب وليد عياش هناك ستة بهائيين معتقلون لدى الاستخبارات اليمنية في صنعاء، اثنان منهم مخفيين قسرا منذ نيسان/ أبريل الماضي، وفقا لعبد الله العلفي، المتحدث باسم الجماعة البهائية في اليمن.

ويمثل حامد كمال بن حيدرة، وهو بهائي أيضا، أمام القضاء اليمني منذ سنوات باتهامات خطيرة تصل عقوبتها إلى الإعدام ومن بينها "التخابر مع إسرائيل" و"الردة". غير أن منظمات حقوقية محلية ودولية تقول إن معظم التهم الموجهة إليه تتصل بمعتقداته الدينية، وتتصادم مع التزامات اليمن بموجب المواثيق الدولية التي تؤكد الحرية الدينية.

وقفة احتجاجية لبهائيين وناشطين أمام المحكمة الجزائية المتخصصة بصنعاء مطلع نيسان/ أبريل 2016

​​

وعلى الرغم من مصادقة اليمن على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية عام 1987، والذي تنص المادة 18 فيه على حق كل إنسان في حرية الفكر والوجدان والدين، يتضمن قانون العقوبات اليمني أحكاما تفرض عقوبات جنائية على تحول المسلمين إلى أديان أخرى.

ويقول عبد الله العلفي "محمود حميد، ووائل العريقي، ووليد عياش مخفيون قسرا. السلطات في صنعاء ترفض الحديث عنهم، كما تتعمد المماطلة في قضية حامد بن حيدرة لعدم وجود أدلة في الاتهامات المزعومة".

ورفضت النيابة العامة مرارا الإفراج بكفالة عن بن حيدرة المعتقل منذ الثالث من كانون الأول/ ديسمبر 2013، رغم حصوله على تقرير طبي رسمي يؤكد تدهور حالته الصحية ومعاناته من أمراض مزمنة.

ويؤكد العلفي أن "البهائيين اليمنيين يتعرضون لانتهاكات وملاحقات منذ عام 2008، لإجبارهم على ترك ديانتهم" التي يعود تاريخها إلى عام 1844.

"أخذوا زوجتي وأطفالي مني"

وداهمت السلطات بصنعاء منازل عدد من البهائيين وصادرت أجهزة كمبيوتر شخصية ووثائق وجوازات سفر تابعة لهم خلال الفترة الماضية.

ويكشف عبد الله الديلمي، وهو أحد معتنقي البهائية في اليمن، وموظف حكومي في صنعاء، عن تعرض البهائيين لمضايقات كثيرة بسبب قناعاتهم الدينية.

"بعدما التحقت بالديانة البهائية قبل حوالي ثلاث سنوات، اعتبرني أهلي وأنسابي كافرا وأخذوا زوجتي وطفلي الاثنين مني"، قال الديلمي (45 عاما)، مؤكدا أن زوجته لا تزال في منزل أسرتها حتى اللحظة.

وأضاف "لا توجد حرية دينية في اليمن. المجتمع لا يعترف بنا وكذلك السلطات، والبعض يعتبرنا كفارا ويعتبر أن دمنا مباح".

"داهموا تجمعنا كما يداهمون الإرهابيين"

في أغسطس 2016، اعتقلت أجهزة الاستخبارات نحو 68 شخصا غالبيتهم من البهائيين خلال مؤتمر شبابي نظمته الجماعة الدينية بهدف "إشاعة السلام والتعايش والتسامح". وقد أفرج عنهم في غضون أسابيع باستثناء شخص لا يزال محتجزا حتى اليوم، يدعى كيوان قادري (44 عاما).

يقول محمد، الذي طلب عدم نشر اسمه كاملا "داهموا المؤتمر بذات الطريقة التي تداهم فيها أماكن الخلايا الإرهابية. كنت أحد المعتقلين ولم تعلم أسرتي بمكان احتجازي لأيام. ومؤخرا غادرت منزلي خوفا من سلطات صنعاء".

وقبل إطلاق سراحه، أجبر محمد مثل بقية البهائيين المعتقلين على توقيع تعهد بعدم ممارسة أية أنشطة بهائية مرة أخرى، حسب ما ذكر عبد الله العلفي.

دور العبادة

ويرفض عبد الله العلفي ما ينسبه البعض إلى الديانة البهائية من اتهامات بـ"الكفر والزندقة"، ويؤكد أن أتباع البهائية يؤمنون بوجود الله ووحدانيته.

ويقدر عدد البهائيين في اليمن بنحو ثلاثة آلاف شخص ينتشرون في المحافظات اليمنية وبدرجة رئيسية في العاصمة صنعاء.

ويشير العلفي إلى تحديات كثيرة تواجه البهائيين في اليمن "من بينها الافتقار إلى دور العبادة، التي تسمى مشارق الأذكار"، مضيفا أنه من الصعب تأسيس دور عبادة خاصة بالبهائيين في اليمن "نتيجة العداء القائم ضدنا".

مطالب أممية

في نهاية الشهر الماضي، أعرب مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، عن قلقه البالغ إزاء القيود الشديدة المفروضة على حرية الدين في اليمن.

ودعا المجلس إلى الإفراج عن "جميع المعتقلين البهائيين في اليمن بسبب معتقدهم الديني، ووقف إصدار مذكرات توقيف بحقهم، ووقف المضايقات التي يتعرضون لها".

وقالت ممثلة الجامعة البهائية العالمية في مكتب الأمم المتحدة بجنيف ديان علائي إن "الشعب اليمني بأكمله يعاني تحت وطأة أوضاع إنسانية غاية في السوء. وبالإضافة إلى هذه الظروف القاسية فإن البهائيين اليمنيين يعانون أيضا ضغوطا وتحديات إضافية لمجرد كونهم بهائيين".

وبينما يتم استهداف البهائيين اليمنيين من طرف سلطات تحالف الحوثيين والرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، فإن الجامعة البهائية العالمية تقول إن السلطات الإيرانية تقف في واقع الأمر خلف هذه الاضطهادات.

خاص بموقعي الحرة/ إرفع صوتك

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.