المعوق أسامة الوصابي يجلس أمام مركز الأطراف الصناعية بصنعاء
المعوق أسامة الوصابي يجلس أمام مركز الأطراف الصناعية بصنعاء

صنعاء - غمدان الدقيمي

عند أحد التقاطعات الرئيسية وسط العاصمة اليمنية صنعاء، يحاول عبد العزيز الصبري (35 عاما) جاهدا الوقوف على عكاز خشبي باسطا يده لما قد يجود به عليه المارة وسائقو المركبات من نقود.

لم تترك الحرب الدائرة في اليمن منذ ثلاث سنوات أمام الصبري أي خيار آخر غير التسول كما يقول. هذه هي الوسيلة الوحيدة للحصول على رزق يسير لسد رمق أسرته المكونة من زوجة وطفلين، وتقطن منزلا صغيرا غربي صنعاء، بالكاد يستطع سداد إيجاره البالغ شهريا 15 ألف ريال (38.5 دولارا)

فقد الشاب اليمني ساقه اليسرى في نيسان/ أبريل 2015، إثر انفجار ضخم خلفته غارة جوية لمقاتلات التحالف الذي تقوده السعودية على مخازن للسلاح، في منطقة عطان جنوبي العاصمة صنعاء، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، معظمهم من المدنيين، وألحق دمارا هائلا بالأحياء السكنية المجاورة.

يقول الصبري "الحرب دمرت حياتي. يوم الحادثة كنت أعمل في ورشة لإصلاح السيارات. الآن لم أعد قادرا على العمل".

"أعيش ظروفا قاسية ومؤلمة في الشارع"، تابع الرجل الذي ذكر بأنه تلقى بعض المساعدة عقب الحادثة لفترة وجيزة، لكنه لم يحظ بعد ذلك بأية رعاية من جهة محلية أو دولية، ما اضطره إلى مغادرة منزله للتسول، حسب قوله.

الإعاقات بالأرقام

وخلفت الحرب في اليمن أكثر من 56 ألف معوق حركيا وذهنيا على الأقل، انضافوا إلى حوالي ثلاثة ملايين شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة كانوا موجودين قبل اندلاع الجولة الأخيرة من النزاع الدامي، وفقا لرئيس الاتحاد الوطني لجمعيات المعوقين في اليمن عثمان الصلوي.

قسم تصنيع الأطراف والأجهزة التعويضية بمركز الأطراف الصناعية والعلاج الطبيعي بصنعاء ‬

​​

ويعتقد الصلوي أن الرقم الحقيقي أكبر من هذا بكثير، نظرا للافتقار إلى إحصاءات دقيقة بسبب استمرار الحرب.

"الأعداد تتصاعد يوما بعد يوم وبشكل مخيف"، أكد الصلوي الذي قدر أن هناك ما بين 50 إلى 100 شخص ينضمون يوميا إلى فئة المعوقين في اليمن لأسباب كثيرة، أبرزها الحرب الحالية، والتقزم وسوء التغذية لدى الأطفال والتشوه الخلقي.

وتشير التقديرات الدولية إلى أن نسبة الإعاقة في اليمن تتراوح ما بين 10 إلى 13 في المئة من إجمالي السكان الذين يتجاوز عددهم 27 مليون شخص، وهي من أعلى النسب في العالم.

خسرت الكثير

وفاقمت الحرب التي تسببت بواحدة من "أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم"، بحسب توصيف الأمم المتحدة، من معاناة المعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة في ظل انهيار شبه كلي للخدمات والنظام الصحي في البلاد.

ولم يخف أمين أحمد، وهو شاب في العقد الرابع من العمر استياءه الشديد من طرفي الصراع لعدم مساعدته باعتباره أحد المقعدين عن الحركة، بعد بتر ساقيه بسبب إصابة تعرض لها إثر إسقاط مقاتلة حربية تابعة للتحالف طردا ثقيلا يحتوي على منشورات تحذيرية على منزله بصنعاء في نيسان/ أبريل 2015، على حد قوله.

​​

"لم أتلق أية مساعدة منذ الإصابة. فقدت عملي وخسرت الكثير وطلقت زوجتي لعدم قدرتي على رعايتها"، قال أمين أحمد، وهو أب لطفلة في الخامسة من العمر، بينما كان يجلس على كرسي متحرك.

توقف عمل مراكز الرعاية

وأشار عثمان الصلوي إلى أن الحرب تسببت بتوقف عمل معظم مراكز ومؤسسات الرعاية المتخصصة بتدريب وتأهيل المعوقين (نحو 300 مؤسسة).

وأوضح أن "ذوي الإعاقة الحركية في مراكز النازحين، لا يحظون بأي شكل من أشكال الرعاية. هناك من انقطع عن الدراسة بسبب النزوح أو تهدم مدارس أو توقف الدعم والمخصصات المالية التي كانوا يحصلون عليها قبل الحرب".

ويلتحق أكثر من 250 ألف معوق يمني بمدارس التعليم العام والجامعات اليمنية، حسب إحصاءات رسمية.

جهود دولية

وتبذل منظمات دولية جهودا متواضعة لمساعدة المعوقين في اليمن.

ويقول المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن عدنان حزام "إن ما يقارب 41 ألف معوق حصلوا على خدمات التأهيل الحركي التي تدعمها اللجنة الدولية في خمس محافظات يمنية منذ مطلع العام الجاري".

ويؤكد المدير التنفيذي لصندوق رعاية وتأهيل المعوقين المهندس محمد الديلمي تراجع موازنة الصندوق من حوالي ستة مليارات ريال سنويا (16 مليون دولار) قبل اندلاع الحرب إلى نحو المليار ونصف المليار ريال (أربعة ملايين دولار) في الوقت الحالي.

وحسب الديلمي فإن عدد المعوقين المسجلين رسميا في الصندوق حتى عام 2015 بلغ 120 ألف شخص.

وأوضح أنه تم تسجيل نحو ثمانية آلاف شخص من ذوي الإعاقة الجدد حتى نهاية 2016، غالبيتهم من ضحايا النزاع الدامي في البلاد.

خاص بموقعي الحرة/ إرفع صوتك

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.