الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز يستقبل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي/وكالة الصحافة الفرنسية
الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز يستقبل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم علي قيس:

في زيارته الثالثة إلى الرياض خلال العام الحالي، أكد وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، في كلمة له أثناء الجلسة الافتتاحية لـ"مجلس التنسيق" الذي أعلن عنه الأحد، 22 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، بين المملكة العربية السعودية والعراق، أن "إنشاء مجلس التنسيق هذا وإعادة فتح العلاقات بين المملكة العربية السعودية والعراق أمر بالغ الأهمية لاستقرار المنطقة ولمستقبل العراق"، مضيفا بحسب ترجمة وزارة الخارجية الأميركية لكلمة تيلرسون، "أعتقد أنّ العراق يتطلع نحو مستقبل أفضل (...)، وأعتقد أنّ ذلك يتطلب إصلاح وإعادة بناء العلاقات التاريخية بين العراق وجيرانه العرب".

اقرأ أيضاً:

هل استقرار الشرق الأوسط مرهون بالعلاقات السعودية الإيرانية؟

السعودية وإيران.. مَن سيهزم داعش سيحكم المنطقة؟

ماذا يعني المجلس للعراق؟

ويهدف مجلس التنسيق، الذي أقره مجلس الوزراء السعودي، منتصف أغسطس/آب الماضي، إلى تعزيز التواصل بين البلدين على المستوى الاستراتيجي، وتعميق الثقة السياسية المتبادلة، وفتح آفاق جديدة من التعاون في مختلف المجالات، منها: الاقتصادية والأمنية والسياحية والثقافية والإعلامية، وتعزيز التعاون المشترك بين الجانبين في الشؤون الدولية والإقليمية المهمة، وحماية المصالح المشتركة، وتنمية الشراكة بين القطاع الخاص في البلدين، وإتاحة الفرصة لرجال الأعمال للتعرف على الفرص التجارية والاستثمارية، وتبني الوسائل الفاعلة التي تساهم في مساعدتهم على استغلالها.

ويرى الخبير الاستراتيجي هشام الهاشمي أن "المجلس له أبعاد اقتصادية وسيسمح للعراق بالعودة إلى محيطه العربي من جديد"، متوقعا في حديث لموقع (إرفع صوتك) أن يكون للعراق طموح أكبر بعد تأسيس هذا المجلس، متمثلا "بعضوية في مجلس التعاون الخليجي، معوضا عن قطر، أو حتى كعضو جديد له أهمية اقتصادية وجغرافية وسياسية".

المليشيات الإيرانية؟

لكن كلمة تيلرسون لم تنته قبل التطرق إلى إيران ودورها في العراق، "ناقشنا في خلال تلك الاجتماعات السياسة الجديدة للرئيس ترامب تجاه إيران. وقدم الملك سلمان تأييداً قوياً جداً لهذه السياسة لمواجهة السلوكيات الخبيثة لإيران في المنطقة"، يقول وزير الخارجية الأميركي، مضيفا "لا شك في أنه ينبغي للميليشيات الإيرانية الموجودة في العراق أن تغادر البلاد الآن وقد انتهت الحرب ضد داعش".

فيما أصرّ العبادي على التمسك بسياسة الحياد، لكسب رضا الطرفين (الإيراني والأميركي)، رافضا دعوة تيلرسون، والتشديد خلال لقائه بالوزير الأميركي في بغداد على أن "قوات الحشد الشعبي هي قوات عراقية، وليس هناك نية لتحجيمها".

وعن تأثير الإشارة إلى إيران في كلمة تيلرسون على وضع العراق في مجلس التنسيق، يقول الهاشمي "ليس من مصلحة إيران الوقوف بالضد من هذا المجلس إذا ما بقي اقتصاديا"، مضيفا "أما إذا ما أصبح هناك فرض بعض الأجندات السياسية، ستقف إيران بالضد منه".

واختتم حديثه بالقول "الولايات المتحدة ستضغط باستمرار على العبادي، لكن لا أعتقد أنه سيتراجع".

إيران قد تتدخل

ما أورده الهاشمي أيده رئيس "المركز العربي للدراسات الإيرانية" في طهران محمد صالح صدقيان، مضيفا في حديث لموقع (إرفع صوتك) "إيران تعتقد إن هذا المجلس شأن داخلي يخص السيادة العراقية سواء مع الولايات المتحدة أو مع أي دولة عربية".

ويرى صدقيان أن "القيادات الأميركية عندما تنطق بمثل هذه الدعوات، يعني بأن واشنطن تريد أن تتناغم وتعمل مع الدول الخليجية للضغط على إيران لتغيير سياستها في المنطقة".

ويرجع رئيس مركز العربي الدراسات الايرانية الإيراني بالتاريخ إلى ما بعد 2003، موضحا أن "السعودية وبقية الدول منذ ذلك العام هي من ابتعدت عن العراق"، وهذا ما يدفع بصدقيان إلى عدم التفاؤل في الصفحة الجديدة التي أعلنت عنها الرياض في العلاقات مع بغداد، مؤكدا "أعتقد إن هناك سياسة سعودية تتعارض مع السياسة العراقية، لم يبدُ أن هناك قناعة لدى الدول الخليجية أن هناك عراقا جديدا ودستورا جديد".

لكن قناعة الرياض بالنظام الجديد في العراق، ستخدم الأمن والاستقرار في المنطقة، وفقا لصدقيان، الذي يرجح أن دور السعودية سيقتصر على "الدخول في السوق الاقتصادية أكثر من دخولها بالسياسة".

وكانت اجتماعات الأطراف الثلاثة (واشنطن، بغداد والرياض) قد أفضت إلى: الاتفاق بشأن فتح المنافذ الحدودية وتطوير الموانئ والطرق والمناطق الحدودية، وهو ما قد يساهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية في تفعيل الشراكة للقضاء على الإرهاب، وفق ما ذكرت صحيفة "عكاظ" السعودية.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 001202277365

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.