ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ومدير عام صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد/وكالة الصحافة الفرنسية
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ومدير عام صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم علي قيس:

بدا الهجوم الذي شنه ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، على أصحاب الأفكار المتشددة في المملكة، عملا نادرا من قبل مسؤول رفيع المستوى في الدولة التي ارتبطت أسماء متطرفين من مواطنيها بالعديد من الاعتداءات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط والعالم.

وجاء هجوم ولي العهد السعودي (32 عاما) الثلاثاء 25 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، متزامنا مع بوادر انفتاح اجتماعي، قد يكون الأبرز بينها السماح للمرأة بقيادة السيارة.

وتعهد بن سلمان بـ"قيادة مملكة معتدلة ومتحررة من الأفكار المتشددة"، فيما بدا موشرا لمساحة أوسع من الحرية لمجتمع سعودي شاب.

إقرأ أيضاً:

ثنائية الأميرين بن سلمان وبن نايف في السعودية

قرارات غير مسبوقة في السعودية تتجاوز قيادة المرأة

نيوإسلام؟

وفي هذا الشأن، يؤكد الخبير بشؤون الجماعات المسلحة والباحث العراقي، هشام الهاشمي، أن المنطقة متجهة مع أفكار جيل الشباب، سواء في الامارات أو السعودية، اللتين تسعيان للتحول نحو منهجي "النيوإسلام" و"الليبروإسلام"، مضيفا في حديث لموقع (إرفع صوتك) "أظن أن جيل الشباب من الحكام الجدد سوف ينجح بتغيير المناهج والمؤسسات التي انتخبت مادة عقائدية أنتجت السلوك والأفكار المتطرفة".

وستشمل مرحلة التغيير في الخليج مناهج التطرف والغلو الإسلامي بشقيه السني والشيعي، وفقا للهاشمي، الذي يعتبر أن "السلوك المحافظ في الخليج العربي، سوف يكون داعما مهما لمرحلة التغيير".

ويرى الخبير بشؤون الجماعات المسلحة أن الدعوة إلى التغيير في السعودية قد سبقتها إجراءات تمهيدية، أبرزها "مركز الاعتدال الذي افتتحه الرئيس الأميركي ترامب مع الملك السعودي سلمان".

من جهته، رأى ستيفان بوتر وهو صاحب شركة استشارات مالية أميركية في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية، إن التصريحات "تظهر شجاعة الأمير ورؤيته، وتوجه رسالة قوية ليس إلى السعوديين فقط بل إلى العالم كله بأن المملكة تستعد للتغيير".

سعودية جديدة!

كما أكد بن سلمان في كلمته "نريد أن نعيش حياة طبيعية، حياة تترجم ديننا السمح وعاداتنا وتقاليدنا الطيبة (...) وهذا أمر أعتقد أنه اتخذت (في إطاره) خطوات واضحة في الفترة الماضية، وأننا سوف نقضي على بقايا التطرف في القريب العاجل"، موضحا "نحن نمثل القيم المعتدلة (...) والحق إلى جانبنا في كل ما نواجهه، ولذا فلا أعتقد أن هذا الأمر سيكون مصدر قلق".

وفي هذا السياق، يرى الخبير في الشؤون الخليجية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ومقره في القاهرة، محمد عز العرب "لأسباب عدة، سوف نشهد دولة سعودية جديدة في المرحلة المقبلة"، موضحا تلك الأسباب في حديث لموقعنا، بقوله:

- هناك نخبة جديدة تشكلت خلال السنوات الماضية، أبرز ملامحها تولي شاب موقع الرجل الثالث في المملكة ثم أصبح الشخص الثاني، ما يشير إلى أن المملكة تتغير جيليا في نخبة الحكم.

- هناك فكر متطرف ساد المملكة خلال العقود الماضية من خلال جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والممارسات التي كانت تتخذ للتضيق على الصعيد الاجتماعي، وهذا تغير بدليل قرار السماح للمرأة بالقيادة.

- سمة الإرهاب المتصاعد في المنطقة وخاصة داخل المملكة، ستواجه تنمويا وفكريا عبر دعم الشباب واستثمارهم في المجال الاقتصادي.

- الانفتاح الفكري مرتبط بالتوجه الاقتصادي الليبرالي الانفتاحي داخل السعودية.

ويعتبر عز العرب التحول في السعودية "مثالا للدول المجاورة للمملكة، كسلطنة عمان والكويت، بأن الأجيال الشابة هي من تقود دولها نحو مراحل متطورة".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.