طالبات في مدرسة ابتدائية تابعة للأونروا بمخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين في الأردن
طالبات في مدرسة ابتدائية تابعة للأونروا بمخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين في الأردن

بقلم صالح قشطة:

حتى هذا اليوم، تشهد الأردن تصاعداً لأصوات ناشطين ومختصين تربويين يطالبون بتعديل المناهج المدرسية، بل وإصلاحها بشكل كامل، لا سيّما بما تحمله كتب المدارس من معلومات وتمارين يرونها "لا تحفز التفكير النقدي والإبداعي لدى الطالب"، كونها تعتمد على التلقين والحفظ، بالإضافة إلى ما يؤكده خبراء بأن بعض ما تقدمه المناهج "يغذي العنف والتطرف، ويعزز الكراهية ضد الآخر".

 

غياب للهوية الإنسانية

وفي حديث إلى موقع (إرفع صوتك)، يوضح الخبير التربوي المتخصص في شؤون المناهج الدراسية، ذوقان عبيدات، نتائج تحليله للكتب المدرسية الأردنية الجديدة الصادرة عام 2017، مشيراً إلى وجود "تركيز شديد على الهوية الإسلامية، مقابل تركيز ضعيف جداً على الهوية الوطنية، وغياب للهوية العربية والإنسانية".

 

اقرأ أيضاً

بعد داعش.. مناهج حكومية لرياض الأطفال

في غزة: معلمة تمثل مشهداً لذبح طفل أمام زملائه!

 

وعلى حد تعبير عبيدات، فإن "المرأة لم يتحسن وضعها على الإطلاق في الكتب الجديدة، وقضايا حقوق الإنسان لم تناقش بشكل جدي"، منوهاً إلى أن الاهتمام بالبيئة فيها كان ضعيفاً، بينما غابت "قضايا الجمال والذوق" بشكل كامل عن المناهج.

وبحسب الخبير عبيدات، فإن قضايا التفكير النقدي والإبداعي "لم تتقدم خطوة واحدة"، مؤكداً أن معظم الأسئلة والتمارين في المساقات المختلفة لا تزال قائمة على الحفظ والتذكر، وتطلب من التلاميذ القيام بنشاطات شكلية غير حقيقية.

وخلال حديثه، يتطرق التربوي الأردني إلى بعض الملاحظات التي دونها خلال مراجعته للمناهج. ويقول: "في أحد الكتب تجد 50 اسماً مذكراً مقابل أربعة أسماء مؤنثة. ولدى استخدام أمثلة فيها نساء، يقولون مثلاً: استعارت سعاد وعاءً للطبخ من جارتها، وهذا خطير، إذ يثبت صورة عن المرأة: أن تكون في المطبخ".

 

تخويف ورعب.. وأفكار داعشية

ويشير عبيدات إلى ما وصفه بأنه "مثال داعشي" في أحد كتب المرحلة الأساسية، حيث يتم تلقين الطالب قصيدة تقول له: "حاور وانصح صديقك، وإذا لم يجد الكلام نفعاً فلا تبق السيف في غمده!".

وفي أحد كتب الصف الخامس، سجل عبيدات ملاحظة حول وجود "50 آية فيها تهديد بالعذاب والنار"، مؤكداً أنه نوّه مسبقاً لوزارة التربية والتعليم بوجود آيات للرحمة وللأخلاق من الممكن استخدامها في المناهج، بدلاً من آيات العذاب.

وبحسب عبيدات، فإن أساليب التربية القائمة على الإكراه والتخويف والرعب "لا تنمّي شخصيات واثقة وقوية"، ليؤكد أن بناء المواطن لا يكون سوى بالطرق التربوية والإنسانية، وبأن تضعه أمام خيارات ليختار منها بعيداً عن المخاوف. ويتابع "أعتقد أن الإسلام الحقيقي يعطي الشخص فرصة للتفكير، وهناك آيات عدة في القرآن عن التفكير وعدم الإكراه".

أما الخبيرة التربوية والمتحدثة باسم "مجتمع النهضة التربوية" دارة طاهر، فتؤكد لموقع (إرفع صوتك) أن عدم اتخاذ خطوات جدية في إصلاح المناهج ستكون له انعكاسات عدة على المجتمع، أبرزها "اهتزاز الثقة بالدولة وبوزارة التربية والتعليم وبمشروعات الإصلاح"، وزيادة الجدل بين الاتجاهات التقليدية والحداثية، بالإضافة لاستمرار التطرف والكراهية والعنف في المجتمع.

وعلى مستوى الطلبة، تؤكد التربوية طاهر، أن "المناهج الحالية قد تنعكس عليهم بإنتاج تلاميذ ينتمون للماضي، وستؤدي إلى غياب العقلية الناقدة المفكرة بينهم، وستقلل من مهارات الحوار، ما سيزيد من مستويات التطرف والكراهية لديهم"، لافتة إلى انعكاسات قد تظهر بضعف اهتمام الطالب بحقوق الإنسان، واستمرار النمطية الجندرية والذكورية وإهمال المرأة.

تجديد مناهج الثقافة الإسلامية

ويذهب منسق المشاريع في "الرابطة العربية للتربويين التنويريين"، عبد الله الجبور، فإن معظم حالات الفشل في حقل التربية والتعليم كانت نتيجة مباشرة لـ"فشل المناهج" في التجاوب مع المتغيرات الاجتماعية المحيطة بسبب اعتمادها على تلقين الطلبة لموضوعات وضعت لـ"أجيال انقرضت".

ويتطرق الجبور خلال حديثه إلى موقع (إرفع صوتك) لمساقات التربية الدينية المدرسية، ويقول "من أخطر مخرجات التعليم الديني اليوم انها لا تعرف التعددية". وعلى حد تعبيره، فإن الحال مماثل في مناهج الطوائف الأخرى التي تعمل على خلق ثقافة كراهية تجاه الآخر، وقد ينتج عنها العنف في أي وقت.

وبحسب الجبور، فإنه "لا بدّ من الخروج عن المناهج والأسس وأدوات التفكير الموروثة وعباءة هذا الموروث الثقيلة".

ويختم الجبور حديثه بالإشارة إلى أن أبرز العقبات التي تواجه الأصوات التنويرية التي تنادي بالتحديث تتمثل في المهاجمة المستمرة التي يتعرضون لها، بسبب " العقل الذي لا يقبل الجديد فهو غير معتاد عليه بسبب التلقين وإعادة تدوير الأفكار".

 

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.