قوات عراقية اتحادية قرب معبر فيشخابور على الحدود السورية/وكالة الصحافة الفرنسية
قوات عراقية اتحادية قرب معبر فيشخابور على الحدود السورية/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم علي قيس:

تستمر إجراءات الحكومة العراقية بفرض سلطتها على المناطق المتنازع عليها، ليرتفع معها سقف دعوات رئيس الوزراء حيدر العبادي، والتي كان آخرها "إخضاع قوات البيشمركة الكردية إلى السلطة الاتحادية"، في وقت وافقت سلطة الإقليم على الانسحاب من أهم معبرين حدودين يربطان العراق بتركيا، وهما معبر إبراهيم الخليل و فيشخابور اللذين كانت أربيل تسيطر عليهما وترفض حتى وقت قريب اخلائهما لصالح الحكومة الاتحادية في بغداد.

 

إقرأ أيضاً:

بعد استفتاء إقليم كردستان: من الأقوى بغداد أم أربيل؟

بغداد تبسط سيطرتها على معظم المناطق المتنازع عليها مع الكرد

 

ففي مقابلة مع صحيفة "إندبندينت" البريطانية، يشكك العبادي في العدد الحقيقي لقوات البيشمركة بالقول: "وردتني معلومات من قبل المسؤولين الكرد تفيد بأن عدداً قليلاً جداً من مقاتلي البيشمركة فقط يعملون فعلياً، والبقية جالسون في منازلهم".

2014: فساد الجيش العراقي والبيشمركة؟

الأمر ذاته يحصل في صفوف الجيش العراقي، بحسب ما يؤكد العبادي، لافتا إلى أنه حينما تولى منصب رئاسة الحكومة العراقية استغرب من انسحاب قوة كبيرة من الموصل دون مقاومة داعش، عازيا ذلك إلى الفساد داخل الجيش "حيث أن عدداً كبيراً من المقاتلين كانوا يستلمون الرواتب دون القيام بعمل فعلي".

ويتابع "نفس الشيء ينطبق على البيشمركة التي لم تستطع حماية إقليم كردستان عام 2014 بسبب الفساد، لذا طلبت حكومة الإقليم المساعدة من إيران والولايات المتحدة".

ويضع العبادي مقترحين أمام حكومة الإقليم، مقابل دفع رواتب قوات البيشمركة "أنا مستعد لدفع رواتب مقاتلي البيشمركة الذين يعملون تحت أمرة الحكومة الاتحادية ويتلقون الأوامر من القيادة العامة للقوات المسلحة"، وفي حال "أرادوا (أصحاب القرار في إقليم كردستان) امتلاك قوة محلية، فيجب ألا يكون عددها كبيراً وأن يدفعوا الرواتب بأنفسهم".

 

تصريحات استفزازية

بالمقابل، يصف الجانب الكردي مقترحات العبادي بـ"الاستفزازية"، ويقول عضو برلمان كردستان فرصت صوفي "ضمن الدستور العراقي لإقليم كردستان حق امتلاك حرس الإقليم والبيشمركة وقوات أمنية داخلية،"، مضيفا في حديث لموقع (إرفع صوتك) "هذه قوات نظامية لا تلغى أو تدار بقرارات فردية من قبل العبادي".

ويتابع إنه "سبق لحكومة الإقليم أن أكدت بأن قوات البيشمركة هي جزء من المنظومة الدفاعية العراقية، لكن الحكومة العراقية ليس لديها أي استعداد لتجهيز وتسليح هذه القوات".

وحيث يعترف عضو برلمان كردستان بوجود "مخالفات وحالات فساد ومشاكل في البيشمركة كما هو الحال في الجيش العراقي"، يؤكد في الوقت ذاته أن حكومة الإقليم والبرلمان فيه "ونحن جادون لإصلاح البيشمركة وتنظيمها بشكل قانوني وعسكري ونظامي".

 

خيارات الكرد باتت محدودة؟

"دعوة العبادي دستورية"، يؤكد أستاذ الأمن الوطني في جامعة النهرين حسين علاوي، موضحا في حديث لموقعنا "لأن حرس الإقليم لكردستان هو البيشمركة، ولا يجوز دستوريا لها تجاوز حدود الإقليم باتجاه الأراضي الاتحادية، خصوصا وإن الوضع الأمني في الإقليم مصان".

وفي سياق ذي صلة، صوّت مجلس النواب العراقي في جلسته التي عقدت الثلاثاء 31 تشرين الأول/ أكتوبر، بالموافقة على قرار "يحصر التواجد الأمني في محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها مع إقليم كردستان، بالقوات العراقية الاتحاية فقط".

وتضمنت صيغة القرار حظر أي تواجد أمني غير تابع للحكومة الاتحادية في كركوك والمناطق المتنازع عليها.

هذا القرار يغلق الطريق أمام عودة أي قوات تابعة لإقليم كردستان التي كانت تنتشر منذ 2003 إلى جانب القوات العراقية في المناطق المتنازع عليها، وفق ما يرى أستاذ الأمن الوطني في "جامعة النهرين"، د. حسين علاوي، موضحا "قرار مجلس النواب مهم، لأنه يلزم السلطة الاتحادية بتعزيز فرض القانون في كركوك والمناطق المتنازع عليها".

ولا يمكن أن تسير عجلة قرار دون مواجهة معرقلات، يجدها علاوي في "الحساسية القومية لدى جزء من القوات الكردية وخصوصا الأسايش والتي تدفع بها بعض الأحزاب الكردية في الإقليم"، مضيفا في تصريح إلى موقعنا، "العبادي سيمضي في فرض خطة قوة القانون في كركوك والمناطق المتنازع عليها وتعزيز العلاقة بين القوات الاتحادية والمواطنين".

كما إن عدم اقتصار إجراءات الحكومة المركزية على التحرك العسكري واحتوائها على خطوات لتعزيز التنمية داخل كركوك، وبالتالي الوصول إلى المواطن، "هو الذي سيسكت بعض الاخوة الأكراد المعترضين والمؤثرين في الإقليم"، وفق ما يرى حسين علاوي، مشددا "ليس أمام الاكراد سوى الموافقة على وجود القوات الاتحادية في كركوك والمناطق المتنازع عليها".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.