معبد بهائي في شيكاغو/Shutterstock
معبد بهائي في شيكاغو/Shutterstock

عمان – راشد العساف:

احتفل البهائيون حول العالم، مؤخرا، بالذكرى المئوية الثانية لمولد بهاء الله، مؤسس الديانة البهائية في منتصف القرن التاسع عشر، والذي نُفي من إيران إلى العراق ثم تركيا ليستقر في عكا بفلسطين حيث توفي. لكن البهائيين في الأردن منعوا من إقامة احتفال بذكرى مولد بهاء الله من قبل السلطات المحلية، بحجة الخوف على حياتهم والسلم المجتمعي.

ولا تزال الذاكرة الحكومية الأردنية الحديثة تأخذ بعين الاعتبار أحداث عبدون - غرب جنوب العاصمة- عام 2012 حين قام محتجون بالاعتداء على حفل "هالوين" كان مقاما بأحد المقاهي هناك. وأثارت المسألة جدلا واسعا في المجتمع الأردني. وهذا ما دفع إلى التخوف من اعتداء مماثل على البهائيين، مع إن الموضوعين مختلفان بالكامل، فالأول له علاقة بثقافة غربية حديثة، فيما الثاني يتصل بمعتقد ديني يمتد إلى نحو قرن ونصف.

ويعتقد البهائيون أن بهاء الله نبي، وأن النبوة متواصلة ولا تتوقف. واتخذوا عكا قبلة لهم في الصلاة حيث دفن نبيهم هناك عام 1892، في حين تعتبر حيفا مقرا رئيسيا لقيادة البهائية في العالم.

الهوية الوطنية

وعلّق نائب رئيس الوزراء وزير الدولة لشؤون رئاسة الوزراء الدكتور ممدوح العبادي على المنع، قائلا إن "الدولة الأردنية تتغاضى عن نشاطات الطائفة البهائية في الأردن ولا تحظر فعالياتهم إلا في الحالات التي ترى أنها قد تشكل خطرا على حياتهم".

وأضاف العبادي في حديث لموقع (إرفع صوتك) أن الدولة الأردنية "تتعامل بحذر مع الطائفة البهائية التي ترفض أن تنطوي تحت الدين الإسلامي أو المسيحي ليتم التعامل معها بشكل رسمي، معللة بأنها ديانة مستقل". ويعتقد العبادي أنّ "الهوية الوطنية لا يمكن أن تتأثر بأتباع ديانة أو طائفة، فهناك شعوب منتمية لأوطانها وهي لا تنتمي لأي دين".

اقرأ ايضا:

بالفيديو: ماذا تعرفون عن البهائية؟

10 حقائق عن بهائيي العراق

الحقوق المدنية

لكن الناشط الحقوقي وممثل منظمة "صحافيون من أجل حقوق الإنسان في الأردن"، محمد شما يؤكد أن "على الدولة الأردنية توفير الحقوق المدنية الكاملة للأردنيين مهما اختلفت انتماءاتهم الدينية".

ويقول شما لموقع (إرفع صوتك) إنه "من حق أبناء الطائفة البهائية كأردنيين أن يمارسوا نشاطاتهم بكل حرية بما لا يضر الصالح العام، وبما لا يخل بالقوانين والأنظمة، في وقت كان الأردن (ستينيات القرن الماضي) يسجل الطائفة البهائية في الوثائق المدنية على غرار الطائفة الدرزية".

ويشير إلى أن  منع اقامة احتفالية الطائفة البهائية بذكرى المئوية الثانية على مولد بهاء الله، يؤثر سلبا على حالة الحريات في المملكة.

البهائيون في الأردن

تقول تهاني روحي، وهي من أتباع الديانة البهائية والناطقة باسم الطائفة في الأردن، إنها تنتمي للجيل الخامس القادم من إيران.

وتشير في حديث لموقع (إرفع صوتك) إلى أن عدد أتباع الدين البهائي في الأردن يصل إلى ألف شخص، "وهم يمارسون شعائرهم الدينية بكل حرية دون أن يشعروا بضغوط تمارس ضدهم من قبل المجتمع أو الدولة".

وتعتبر روحي أن البهائيين في الأردن "يدينون بالانتماء والولاء للأردن وقيادته، كونهم من مكونات البلاد الأساسية".

وتشرح أن البهائيين سكنوا الأردن منذ نحو قرن ونصف القرن في قرية العدسية بمنطقة الأغوار الأردنية، وتوزعوا لاحقا في مناطق السلط وعمان وإربد ومحافظات الجنوب، في حين أن الديانة البهائية تملي على أتباعها إطاعة ولي الأمر في البلدان التي سكنوها.

اقرأ ايضا:

إيران.. منع عشرات البهائيين من الالتحاق بالجامعات

المواطنة

سعى البهائيون في الأردن لإنشاء مجلس طائفي، لكن جهودهم باءت بالفشل لكثرة الوعود من قبل الحكومة الأردنية بتحقيق مطالبهم من دون تنفيذ فعلي، وتقاعس المطالبين من البهائيين في متابعة ما يريدون.

لا تعترف الأردن سوى بثلاثة أديان فقط هي الإسلام والمسيحية واليهودية. وتنص المادة 14 من الدستور على أن الدولة احترام "حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقاً للعادات المرعية في المملكة ما لم تكن مخلة بالنظام العام او منافية للآداب".

وتشير روحي إلى أن البهائيين يعانون من بعض المشاكل في الحصول على حقهم بالمواطنة الكاملة في موضعين:

الأول، هو الزواج، إذ لا تعترف دائرة الأحوال المدنية بعقد زواج الديانة البهائية، إنما تكتفي بإصدار دفتر عائلة للزوجين وتسجيل الأبناء فيه، دون الحصول على عقد زواج رسمي.

ويترتب على عدم إصدار شهادة زواج لأتباع الطائفة البهائية في الأردن، حرمان الأزواج البهائيين الأردنيين من منح زوجاتهم الأجنبيات الجنسية الأردنية.

الثاني، ويتعلق ويتمثل بعدم تسجيل الأوقاف باسم الطائفة البهائية لعدم اعتراف الأردن بها، لذا يضطر أتباع الديانة البهائية بتسجيل أوقافهم بأسماء أشخاص، ما قد يترتب عليها مشاكل فيما يتعلق بالميراث، لاعتبارها أملاك خاصة وليست وقفا للطائفة.

وتنوه تهاني إلى أن مسؤولية ترسيخ مفهوم المواطنة هي مسؤولية مجتمعية مشتركة ما بين الإعلام وقادة الأديان والمفكرين لإعادة النظر في بعض المفاهيم السائدة بالمجتمع.

وتقول "ما يسعى له البهائيون هو البحث الجاد عن قواسم مشتركة للعمل مع الجميع لبناء مجتمع سلمي ومزدهر أخلاقيا واجتماعيا وروحانيا وفكريا".

الأوقاف البهائية

قردس أبو القاسم من أتباع الطائفة البهائية، وهو مسؤول عن المقابر. يقول إن البهائيين ساهموا في إصلاح المجتمع منذ تأسيس الدولة الأردنية، فقد وضعوا خبراتهم لخدمة المجتمع.

اقرأ أيضا:

البهائيون في اليمن.. انتهاكات وملاحقات لإجبارهم على ترك ديانتهم

يقول ابو القاسم لـموقع (إرفع صوتك) إن لدى الطائفة البهائية أربع مقابر أولها القديمة والموجودة في منطقة العدسية وهي تحت إشراف وزارة الأوقاف، والثانية مقابر طبربور شمال عمان، ومقبرتين في إربد هما تحت إشراف الطائفة البهائية.

ويضيف أنه لا يوجد من يمثل الطائفة البهائية في التصرف بأملاكهم بموجب القوانين الأردنية التي لا تسمح بذلك، فقد سُجلت الأراضي الثلاث والتي استعملت كمقابر باسم الطائفة في سبعينيات القرن الماضي بشكل استثنائي.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.