أرغفة خبز/Shutterstock
أرغفة خبز/Shutterstock

عمان – راشد العساف:

عام 1996، حين قرّرت الحكومة الأردنية رفع أسعار الخبز من 16 قرش (0.2 دولار أميركي) إلى 25 قرش (0.35 دولار أميركي)، في عهد حكومة عبد الكريم الكباريتي، انتفض الأردنيون وقابلوا القرار برفض مطلق.

وشهد الشارع الأردني آنذاك موجات غضب عرفت حينها بـ"انتفاضة الخبز". ولم تنتهِ الانتفاضة إلا عند عندما قررت حكومة عبدالسلام المجالي والتي تلت حكومة الكباريتي تثبيت سعر الخبز عند 16 قرش للكيلو، والذي لا يزال مستمرا حتى يومنا هذا.

لكن يبدو أن الخبز لم يعد خطا أحمر في الأردن، إذ تبحث الحكومة جدّيا إيجاد مقترحات لتوجيه الدعم للمواطن الأردني مباشرة بدلا من دعم السلع التي يستهلكها أيضا غير الأردنيين الذين يشكلون ثلث السكان.

ومن أبرز هذه السلع الخبز الذي تدرس الحكومة إلغاء الدعم عنه، حيث أشار الناطق الرسمي باسم وزارة الصناعة والتجارة والتموين الأردنية ينال البرماوي لموقع (إرفع صوتك) إلى أنه من المتوقع ارتفاع أسعار  الخبز بين 30 قرشا – 36 قرشا (حوالي نصف دولار أميركي) للكيلو بعد إلغاء الدعم عن مادة الطحين .

وبيّن أن الحكومة ما زالت تدرس إمكانية تغيير آلية دعم الخبز والتي تقوم حاليا على دعم الطحين الذي يُباع للمخابز بأسعار مخفّضة حتى تبقى أسعار الخبز 16 قرش للكيلو .

ولم تتخذ الحكومة أي قرار نهائي بهذا الشأن، إذ لا يزال الموضوع في إطار التشاور مع مجلس النواب والجهات ذات العلاقة من القطاع العام والخاص.

ويقول البرماوي إن هذا الطرح من قبل الوزارة والحكومة جاء لمعالجة العديد من الاختلالات نتيجة دعم الطحين، وخاصة في الاستخدامات غير المشروعة لهذه المادة الأساسية، إضافة إلى أن أكثر من 30% من دعم الطحين يذهب إلى سكان الأردن من غير المواطنين الأردنيين والذين يشكلون نحو 30-35% من سكان الأردن.

اقرأ ايضا:

الأردن.. قرار صعب ينتظر اللاجئين

140 مليون دولار من أميركا لمساعدة اللاجئين السوريين في لبنان

التوقيت المناسب

وبدأت الحكومة الأردنية بتهيئة الرأي العام من خلال سلسلة من التصريحات والتسريبات عن الأوضاع الصعبة التي تواجه الموازنة والتكلفة المالية التي أثقلت كاهل الحكومة بسبب تقديم الدعم للاجئين والمقيمين في البلاد.

ويرى الخبير الاقتصادي حسام عايش أن على الحكومة اختيار التوقيت الصحيح لاتخاذ القرار لرفع الدعم عن مادة الخبز، والذي يراه قرارا صحيحا لمعالجة العجز في الموازنة، "وذلك تجنبا لإحداث فوضى قد تشكل عبئا إضافيا على الأجهزة الأمنية لتوفير الأمن".

ويضيف عايش في حديثه لموقع (إرفع صوتك) أن الحكومة ملتزمة أمام صندوق النقد الدولي بتوفير 1.5 مليار دولار بين عامي 2017 و2019، ووجدت إلغاء الدعم عن الخبز وتوجيهه للمستفيدين خيارا لها.

وبيّن أن القرار ليس سهلا، فقد كان قرارا تتهرب منه الحكومات السابقة تجنبا لإحداث فوضى، كون الخبز عنصر غذائي أساسي في البلاد التي يذهب نحو 40% من دخل أُسرها للطعام والشراب.

اقرأ ايضا:

"الخليج" و"صندوق النقد" أبرز تحديات الأردن لعام 2018

المقيمون واللاجئون

وأشار التعداد السكاني للعام 2015 إلى أن سكان المملكة الأردنية وصل إلى 9.5 ملايين نسمة، منهم نحو 3 ملايين غير أردني، معظمهم من اللاجئين والعمالة الوافدة، يستفيدون من الدعم الحكومي للخبز.

وكما سبق للحكومة أن وجهت رسائل مفادها أنها ستوجه الدعم للمواطن الأردني مباشرة، لمّح الملك عبدالله الثاني المح في أيلول/سبتمبر الماضي إلى أن المجتمع الدولي مقصر مع الأردن في تحمل جزء من كلفة استضافة اللاجئين السوريين، ما دفعه للقول "بالنهاية يجب أن نحمي (المواطن) الأردني أولا وعلى ضيوفنا أن يتحملوا قليلا".

وأثار النقاش حول رفع أسعار الخبز مخاوف وسط اللاجئين السوريين، ومن بينهم محمد بركات الذي عبّر عن قلقه من القرار. وقال محمد "أنا أؤمن معيشة عائلة مكونة من ستة أفراد يحتاجون لنحو كيلو ونصف من الخبز يوميا على أقل تقدير. كيف سأتحمل المزيد من النفقات؟".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.