الموصل ـ صالح عامر:
منذ ثلاثة أعوام، ينتظر سعيد غانم في الموصل راتبه وهو مصدر دخله الوحيد.
سعيد موظف في المديرية العامة للكهرباء، لكنه لم يستطع خلال المدة الماضية سوى تأمين القليل من احتياجات عائلته، معتمدا على أقاربه الذين يقدمون له المساعدة بين الحين والآخر، حتّى أنّ أحد أقاربه أعطاه حقائب مدرسية مستعملة لأطفاله مع بدء العام الدراسي الجديد لأنه لم يستطع شراءها، لكن الأمر أثار غصّة في داخله وتركه يشعر بالعجز أمام أبنائه.
اقرأ أيضاً:
بالصور: هذه هي مطالب أساتذة وموظفي جامعة الموصل
بعضهم يستدين من والديه.. قصص موظفي الموصل
يواظب غانم على عمله في مديرية كهرباء الموصل لعدة ساعات يوميا، لكنه يعود إلى منزله في حي الحدباء في الجانب الأيسر من الموصل خاوي اليدين.
يجلس في زاوية من زوايا غرفة الجلوس التي باتت شبه خالية، إذ لم يتمكن هذا المواطن الموصلي حتى الآن من تأمين احتياجات المنزل من الوقود والمدافئ والسجاد استعدادا لفصل الشتاء القارص.
يقول غانم لموقع (إرفع صوتك) إنّه كسائر الموظفين، كان ينتظر أن يستلم راتبه بعد تحرير الموصل من داعش، لكنه لم يتسلم الراتب حتى الآن، "فالإجراءات الخاصة بالتدقيق الأمني في أسماء الموظفين لمعرفة فيما إذا كانوا منتمين لداعش أم لا أخّرت رواتبنا".
خلل في الإجراءات الإدارية
تحاول مدينة الموصل منذ تحريرها من داعش قبل أشهر استعادة عافيتها، لكن الأمر ليس بسيطا. فأثر التنظيم لم ينتهِ بانتهاء المعارك، بل رسمت مرحلة ما بعد التحرير ما يشبه خارطة من التحديات على مختلف الأصعدة، سواء من ناحية البنى التحتية أو من الناحية الاجتماعية وإعادة الثقة بين مختلف المكونات في المدينة أو الجوانب الاقتصادية التي تمثل أزمة الرواتب أحد أوجهها.
يستبعد نوفل وحيد وهو معاون طبيب يعمل في قسم التخدير في مستشفى السلام، ترك العمل بسبب عدم استلامه الراتب. ويقول "لا أستطيع ترك العمل لأن عملي إنساني والموصل بحاجة إلينا". لكنّه يؤكد على تمسّكه بحقه، مشدّداً على حاجته للراتب لكي يستطيع أن يلبي مطالب الحياة اليومية.
ممارسة أعمال أخرى
ويلجأ الموظفون إلى ممارسة أعمال أخرى كحل مؤقت لتسيير أمورهم الحياتية، من بينهم أيمن عمران، الموظف في المديرية العامة للماء والمجاري في الموصل، والذي يضطر للعمل أيام العطل الرسمية في مهنة ترميم المباني ليوفر مصدر دخل لعائلته.
ويسجل اعتراضه على تأخر الرواتب أثناء حديثه لموقع (إرفع صوتك)، متسائلا "لماذا يطلبون منا العمل والانتظام قبل صدور التصريح الأمني، وهم لا يصرفون لنا الرواتب إلا بعده؟!".
آلاف الموظفين من دون رواتب
ويعزو نقيب ذوي المهن الصحية في الموصل، معتز الحيالي، سبب تأخر الرواتب إلى سوء الإجراءات الإدارية في دائرة الصحة. ويوضح لموقع (إرفع صوتك) أن هذه الإجراءات تتمثل في سوء تنظيم قوائم الرواتب كتكرار الأسماء فيها أو إضافة أسماء أخرى مكررة، ما يتسبب بتأخر التصاريح الأمنية.
ويشتكي موظفون حكوميون في مختلف دوائر محافظة نينوى من توقف رواتبهم منذ ثلاث سنوات رغم التحاقهم بالدوام الرسمي بعد تحريرهم من داعش مباشرة. ففي المديرية العامة لصحة محافظة نينوى التي يعمل فيها نحو ٢٣ ألف موظف، لم يستلم من هذا العدد نحو ثمانية آلاف موظف رواتبهم حتى الآن.
وتوقفت الحكومة العراقية عن دفع رواتب المؤسسات الحكومية في الموصل على مدى ما يقارب العامين ونصف، بسبب سيطرة تنظيم داعش على المدينة في صيف 2014، ومن ضمنها المؤسسات الصحية والمستشفيات. وبعد بدء عمليات تحرير الموصل اشترطت الحكومة حصول الموظف على التصريح الأمني الذي يثبت سلامة موقفه من الانتماء للتنظيم.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659