تسبب قصف بلدة الأتارب في مقتل أكثر من 60 شخصا حسب نشطاء محليين/ وكالة الصحافة الفرنسية
تسبب قصف بلدة الأتارب في مقتل أكثر من 60 شخصا حسب نشطاء محليين/ وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم أحمد المحمود:

لا تحتضن بلدة الأتارب السورية، في ريف حلب الغربي، أي فصيل عسكري. وهي جزء من مناطق خفض التصعيد بموجب اتفاق أستانة في شهر أيلول/سبتمبر الماضي.

لكن هذا لم يشفع لها في أن تظل بمنأى عن غارات الطائرات الحربية. فقبل يومين استهدف قصف جوي سوقا شعبية في البلدة، ما أدى إلى مقتل أكثر من 60 شخصا.

وتعد الأتارب، التي يقودها مجلس مدني منتخب، من البلدات النادرة الخالية من المظاهر العسكرية في سورية.

وفي شهر آب/أغسطس، شدد المجلس المحلي في بيان أصدره حينها أن "بلدة الأتارب لا تتبع لأي فصيل عسكري. وتعتبر إدارة مدنية مستقلة ذاتياً، من حيث القرار والمحاكمة والإدارة والخدمات، ويشرف على إدارتها المجلس المحلي، والشرطة الحرة".

طردت داعش

خرجت بلدة الأتارب عن سيطرة النظام السوري مبكرا، سنة 2012.

ومع محاولة تنظيم داعش اقتحامها في كانون الثاني/يناير 2014، "تم تشكيل مجلس عسكري لقتاله. بعد خسارة داعش في الأتارب، حل المجلس العسكري وعاد المجلس المحلي. وأصدر الأخير قرارا بخروج جميع الفصائل العسكرية"، يقول الناشط المدني، محمد شاكردي وهو أحد أبناء البلدة.

ويؤكد محمد "منذ ذاك الوقت لا يوجد أي فصيل عسكري في الأتارب. تتكفل الشرطة الحرة بإدارة المرور وحماية المدنيين من السرقات".

وتشكلت "الشرطة الحرة" من أبناء البلدة الذين كانوا سابقاً ضمن الشرطة السورية قبل أن ينشقوا.

ويتابع الناشط المدني "البلدة ليست محسوبة على أي فصيل عسكري.. الأهالي يؤكدون على سلميتها".

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي أنباء مفادها أن القصف استهدف تجمعا لهيئة تحرير الشام وحركة نور الدين الزنكي، غير أن الصحافي السوري أحمد بريمو، مدير مؤسسة "تأكد" المتخصصة في تعقب الأخبار المنشورة في وسائل الإعلام السورية ومواقع التواصل الاجتماعي، يقول إن "هذه الشائعات مصدرها إعلام النظام السوري. الأتارب كانت تضم مبادرة ليس لحل الخلاف بين الفصيلين المذكورين، وإنما من أجل تحييد مناطق الخلاف من المدنيين".

وخلال الفترة الماضية، شهد مناطق مختلفة في ريف حلب مواجهات مسلحة بين حركة نور الدين الزنكي وهيئة تحرير الشام.

ويتابع بريمو "إذا كان النظام صادقا بادعائه بقصف جماعات مسلحة، فيمكنه على الأقل استهداف مقرات جبهة النصرة أو حركة نور الدين الزنكي. هو يعرف أماكنها".

وكشف الصحافي السوري أن هذه هي المرة الثالثة التي يتعرض فيها السوق الشعبي في البلدة للقصف بعد عامي 2014 و2016.

الفاعل مجهول

ولم يعلن لحد الساعة الكشف عن هوية منفذ الغارات. وقال المتحدث باسم البنتاغون لشؤون الشرق الأوسط إريك باهون، في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام، "لا نعرف من نفذ الغارات. ولا توجد لدينا معلومات بهذا الصدد، ومن ثم لا يمكننا الإشارة بأصابع الاتهام لروسيا أو النظام السوري".

ومع مضي أكثر من 24 ساعة على القصف ارتفع عدد القتلى إلى أكثر من 60 شخصا و100 جريح، سبعة منهم في حالة حرجة.

وتعرض السوق الشعبي للقصف في موقعين، إضافة إلى استهداف مخفر "للشرطة الحرة" الموجود داخله، حسب الناشط المدني محمد شاكردي.

ويرجع مدير مؤسسة "تأكد" أحمد بريمو استهداف بلدة الأتارب إلى أنها صارت، وفق وصفه، "أيقونة الثورة في الشمال السوري". فهذه البلدة "تضم عددا كبير من التكتلات المدنية والمنظمات العاملة في المجال الانساني والتربوي والثقافي".

ويشرف المجلس المدني المحلي المنتخب على تسيير شؤون البلدة مدعوما من منظمات دولية، كما يشرف على أوضاع النازحين القادمين من ريف إدلب الجنوبي وحماة الشمالي وريف حلب الجنوبي.

ويؤكد أحمد بريمو أن الأتارب باتت مركز الثقل التجاري والاقتصادي للمناطق الخارجة عن سيطرة النظام بعد سقوط مدينة حلب في كانون الأول/يناير 2016.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

 

 

 

 

 

مواضيع ذات صلة:

عائلة سورية في منطقة الغوطة الشرقية قرب العاصمة دمشق
عائلة سورية في منطقة الغوطة الشرقية قرب العاصمة دمشق

أعلنت منظمة العفو الدولية الاثنين أن حصار النظام السوري للسكان المدنيين قبل التوصل إلى اتفاقات "مصالحة" مع المعارضة يشكل جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.

وفي تقرير حمل عنوان "نرحل أو نموت" حللت المنظمة الدولية أربعة اتفاقات محلية تقول إن عمليات حصار غير مشروعة وقصف بهدف إجبار المدنيين على ترك منازلهم قد سبقتها.

وقال التقرير إن "عمليات الحصار والقتل غير المشروع والترحيل القسري من قبل القوات الحكومية هي جزء من هجوم ممنهج وواسع النطاق على السكان المدنيين، وبالتالي فإنها تشكل جرائم ضد الإنسانية".

وجاءت اتفاقات المصالحة التي عقدت بين آب/أغسطس 2016، وآذار/مارس 2017 بعد عمليات حصار دامت لوقت طويل هاجمت خلالها القوات الحكومية وأيضا قوات المعارضة المدنيين بدون تمييز.

​​وأورد التقرير أن "الحكومة السورية، وبدرجة أقل جماعات المعارضة المسلحة فرضت حصارا على مناطق مكتظة سكنيا وحرمت المدنيين من الطعام والدواء وحاجات أساسية أخرى في انتهاك للقانون الإنساني الدولي".

ومثل هذه الأعمال ارتكبتها النظام السوري في داريا ومضايا وشرق مدينة حلب وحي الوعر في حمص تشكل جرائم حرب.

وقد وجد التقرير أيضا أن نفس التكتيكات استخدمتها جماعات المعارضة التي حاصرت كفريا والفوعة، وارتكبت أيضا جرائم حرب من خلال هجماتها التي لم تميز بين المدنيين والعسكريين.

شاهد خريطة تفاعلية للتهجير القسري في سورية.

​​ووثقت المنظمة الدولية 10 هجمات في شرق حلب بين تموز/يوليو وكانون الأول/ديسمبر 2016، وقالت إن النظام استهدف خلالها أحياء "بعيدة عن خطوط الجبهات وبدون أي هدف عسكري ظاهر في محيطها".

ووثق التقرير أيضا ما مجموعه ثماني هجمات شنتها قوات المعارضة في غرب مدينة حلب وشمالها بين آب/ أغسطس وتشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي، واستخدمت فيها أسلحة وصفت بأنها "مدافع جهنم" ضد المدنيين.

واعتمدت المنظمة الحقوقية في تقريرها على الصور عبر الأقمار الصناعية وتسجيلات الفيديو، إلى جانب مقابلات مع 134 شخصا منهم سكان ومسؤولون في الأمم المتحدة بين نيسان/أبريل وأيلول/سبتمبر هذا العام.

وناشدت منظمة العفو المجتمع الدولي إحالة القضية في سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية وطلب حق دخول غير مشروط لهؤلاء الذين يحققون في انتهاكات حقوق الإنسان.

المصدر: منظمة العفو الدولية