نازحون من مناطق غرب سامراء في محافظة صلاح الدين/وكالة الصحافة الفرنسية
نازحون من مناطق غرب سامراء في محافظة صلاح الدين/وكالة الصحافة الفرنسية

علي عبد الأمير و هشام الجبوري:

الخامس عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي لم يكن موعداً اعتياديا في حسابات المواطن النازح مصلح رشيد، وهو واحد من آلاف تغيرت حياتهم بقسوة، وصاروا موزعين بين مناطق النزوح ومخيماته. التاريخ كان قد حدده مجلس محافظة صلاح الدين "يوماً لعودة جميع نازحين المحافظة"، الذين مضى على هجرة قسم كبير منهم أكثر من ثلاث سنوات.

موعد انتظره النازحون بفارغ الصبر، لكنهم صدموا بخيبة أمل كبيرة جراء عدم تنفيذه كما يقول المواطن مصلح رشيد، الذي يحمّل مجلس محافظة صلاح الدين وحكومتها، المسؤولية الكاملة عن عدم استطاعتها تنفيذ هذا القرار، أضافة إلى "لعبها بمشاعر المواطنين المتشبثين بآخر أمل يعيدهم إلى ديارهم"، كما يوضح النازح من بلدة عزيز بلد الواقعة جنوب المحافظة.

الحكومة: ندعو مرجعية النجف للتدخل؟

ويقول رئيس مجلس محافظة صلاح الدين أحمد الكريم إن إدارة المحافظة ومجلسها ماضيان في "تنفيذ هذا القرار الإنساني والإيفاء بالوعود التي قطعت بغية أنهاء هذا الملف والالتفات إلى تقديم الخدمات للمواطنين والارتقاء بها".

الكريم كشف في حديث لموقع (أرفع صوتك) عن وجود "معرقلات كبيرة في بعض المناطق الجنوبية والغربية في المحافظة تتمثل برفض بعض العشائر لعودة نازحي مناطق معينة، وهذا الأمر  يشكل عاملاً سلبياً في القضية، ويتطلب تظافر جهود الجميع لرأب الصدع الحاصل في مناطق معينة تسبب به داعش"، في إشارة إلى رفض عشائر شيعية عودة أبناء عشائر سنية اتهمت بالتعاون مع التنظيم الإرهابي، وهو ما دفع الكريم إلى مطالبة الحكومة المركزية والمرجعية الدينية في النجف بالوقوف مع قرار مجلس المحافظة بعودة النازحين جميعا، بغية أنهاء هذا الملف الذي يعني محنة آلاف العوائل النازحة وما تعيشه من ظروف مأساوية قاهرة في معسكرات النزوح القسري، فضلا عن فقدان دورهم و ممتلكاتهم وضياع مستقبل أبنائهم وما لحق بهم من ضرر نفسي واجتماعي.

المواطن: الحل دولي!

ويشير النازح غازي سليمان إلى فقدانه الأمل بعودته الى مدينته التي تحررت حديثا بعد انتهاء المهلة التي حددتها إدارة المحافظة، معتبرا أن وعودا كهذه " وجدت لتحقيق مكاسب انتخابية ولإشغال الرأي العام بإنجازات المحافظة التي لم يرها حتى أهالي النازحين العائدين إلى مدنهم المحررة قبل أكثر من عامين".

اللافت أن ما قاله المواطن غازي اليائس من حل عراقي، ينسجم معه كثيرون ممن عانوا محنة النزوح، وتحدثوا إلى موقعنا مخاطبين المنظمات الدولية بالعمل على إيجاد حل لقضيتهم التي تتفاقم مع اقتراب الشتاء، الفصل الأصعب للنازحين داخل المخيمات.

وفي سياق قدرة الحكومة المحلية في صلاح الدين على تغيير واقع المحافظة وتأمين عودة نازحيها، يقول الصحفي والناشط المدني علي البيدر إن نسبة الأضرار التي حدثت في بعض المناطق جراء العمليات العسكرية في المدن لاسيما بيجي والصينية كبيرة جدا، وتصل في بعض المناطق إلى 95 بالمئة، وبالتالي "لا يمكن عودة أهالي هاتين المدينتين إليهما ما لم يتم  إعادة إعمارها وتوفير الخدمات وتأمينها بشكل كامل، وحكومة محافظة صلاح الدين أضعف من تنفيذ قرار كونه أكبر من إمكانياتها".

الحكومة تقاضي الحكومة!

 وبعد انتهاء المدة التي حددها مجلس محافظة صلاح الدين لعودة النازحين إلى مناطقهم المحررة، تعتزم الحكومة المحلية في المحافظة تقديم شكوى للمحكمة الاتحادية لإلزام الحكومة المركزية بضرورة تطبيق قرارها الخاص بعودتهم دون أي قيود أو شروط .

 

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.