بقلم علي قيس:
ليس جديدا أن يضرب تفجير بسيارة مفخخة أو حزام ناسف أو عبوة مزروعة سوقا في العراق، بل يكاد يكون أمرا متوقعا بعد الضربات التي تعرض لها تنظيم داعش في عمليات التحرير.
مشهد التفجيرات يعود إلى الشارع العراقي، هذه المرة بأسلوب "الانغماسي الجوال"، وهو أسلوب جديد اعتمده تنظيم داعش في عمليات القتل، يعتمد فيه على إرسال انتحاريين يبدأون هجومهم رميا بالرصاص على المجاميع المدنية، ثم يفجرون أنفسهم وسط تلك المجاميع، وفقا لخبراء أمنيين.
وهذا ما بدا واضحا في هجوم تبناه تنظيم داعش استهدف منطقة النهروان (جنوب شرق بغداد)، وسبقه بهجوم مماثل في ناحية المقدادية بمحافظة ديالى منتصف أيلول/سبتمبر الماضي.
وباكتمال عمليات تحرير المناطق من سيطرة داعش، تتوقع القيادات الأمنية أن يكثف تنظيم داعش من هجماته المسلحة. ويؤكد المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة يحيى رسول الزبيدي وجود معلومات استخبارية "عن نوايا التنظيم الإرهابي، وأجهزتنا الاستخبارية أفشلت العديد من الهجمات التي كان ينوي تنفيذها".
الجبهات الثلاث
وبنهاية الصفحة العسكرية، تبدأ مرحلة جديدة في مكافحة الإرهاب على ثلاث جبهات، هي المعلومات الاستخباراتية والساحة السياسية وملف مسك الحدود.
ويقول الخبير الأمني الفريق الركن المتقاعد عبد الكريم خلف إن معركة الجهد الاستخباري هي التحدي الأكبر "لأن القوات الأمنية ستبحث عن عناصر موجودة بيننا، كخلايا نائمة في المدن"، على عكس الصفحة العسكرية التي انتهت حيث كان فيها "داعش معروف ومكشوف الأماكن والحدود".
وبقدر حاجة العراق إلى تنمية نشاطه الاستخباراتي في اختراق الحاضنات ورصد تحركاتها، إلا أن حاجته للتوافق السياسي لا تقل أهمية عن ذلك.
ويؤكد خلف أن معظم الحاضنات للإرهاب، كان الجدل والخلاف معها سياسيا، لذلك يجب أن يحصل تقدم في الجانب السياسي.
ويتم تجاوز التحدي السياسي من خلال تطمين أهالي المناطق الغربية والشمالية عبر سلسلة من الإجراءات تتلاءم مع ظروفهم الحالية، كعودة النازحين وتوفير الحد الأدنى من المعيشة، وهذا يقلل التعاون مع داعش بشكل كبير، وفقا للفريق الركن المتقاعد.
وتنتهي الرؤية لدى الخبير الأمني عبد الكريم خلف في "مسك الحدود بقوة"، التي يعتبرها شرطا يتحقق من خلاله منع دخول الدعم لتنظيم داعش في العراق. وفي هذا الصدد يحتاج الأخير إلى "التعاون الإقليمي في تبادل المعلومات الاستخبارية".
تكنولوجيا في تأمين الحدود
في هذه الأثناء، تستمر عمليات التطهير التي تقوم بها القطعات العسكرية المشتركة في عمق الصحراء وصولا إلى الحدود السورية، حيث تمكنت حتى الآن من تطهير 50 في المئة من تلك المساحة.
ويوضح المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة "طهرنا 14100 كيلو متر مربع من المساحة الصحراوية البالغة 29 ألف كيلومتر مربع"، لكن الوصول إلى الشريط الحدودي البالغ نحو 667 كيلومترا، والممتد بين منفذي ربيعة والوليد، هو المهمة الأساسية لتلك القطعات.
ويلفت العميد الزبيدي إلى أن عملية تأمين الحدود والمناطق الصحراوية ستجري من خلال "استخدام الكاميرات الحرارية والطائرات المسيرة إضافة إلى طيران الجيش العراقي".
وما بعد عمليات التحرير، ستنفذ القوات الأمنية مرحلة جديدة، تعتمد على عمليات تفتيش مفاجئة، واستطلاع جوي مستمر، إضافة إلى التواجد العسكري للقطعات العسكرية في الصحراء، وفقا للمتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة.
مسؤولية المؤسسة الدينية
وإلى جانب الجهد الأمني، تتحمل المؤسسة الدينية مسؤولية تشخيص جذور المجموعات المتطرفة والقضاء على تطرفها الفكري، عبر تثقيف الشارع.
وفي هذا الشأن، يقول الخبير بشؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي "في المرحلة الحالية، لا نريد من المؤسسات الدينية غير تشجيع المؤمنين على أخذ موقف قوي من التكفيرين والمتطرفين. هذه بداية لبناء مجتمع نظيف".
"وعبر التاريخ كان الخطر الذي يحيط بالمجتمعات هو الجدري والطاعون، لكنه الآن صار التطرف والتكفير، فالتكفيري والمتطرف الديني لا يريد هداية الآخرين، بل يريد قتلهم وتدميرهم... إنه ماكينة قتل تزكي نفسها باسم الله"، يقول الهاشمي.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659