إحدى ساحات بيع وقود التدفئة في الجانب الأيسر من مدينة الموصل
إحدى ساحات بيع وقود التدفئة في الجانب الأيسر من مدينة الموصل

"ضاقت صدورنا بدخان الخشب الذي كنا نحرقه للتدفئة والطبخ داخل المنزل، لأننا لم نتمكن من شراء وقود التدفئة".

الموصل - صالح عامر:

خلال الأعوام الثلاثة الماضية أحرق الموصليون الخشب، الملابس القديمة، والعلب الكارتونية، وحتى الأثاث المنزلي للحصول على الدفء في شتاء المدينة البارد.

تحت سيطرة داعش، كان النفط الأبيض الذي يستخدم في العراق للتدفئة، سلعة مقتصرة على الموصليين ميسوري الحال، وقيادات التنظيم بالطبع أيضا، وحتى هؤلاء كانوا يحصلون على نفط يستخلص محليا من النفط الخام الذي تهربه داعش من الحقول التي كانت تحت سيطرتها.

كان نفطا رديئا، بثمن يصل إلى ضعفي سعر النفط الأبيض في باقي المدن العراقية. أما الباقون، فكانوا يستخدمون "الحراقية"، وهي موقد خشبي مصنوع محليا، يفترض أن يساعد بنقل الدخان ومخلفات الاحتراق إلى خارج المنازل من خلال مدخنته، ويبقي الدفء داخلها.


أحرقنا الملابس

لكن الحراقية لم تكن ناجحة دائما.

يقول أسامة ذنون، وهو مواطن من الموصليين الذين بقوا في المدينة خلال فترة داعش في حديث لموقع (ارفع صوتك) "ضاقت صدورنا بدخان الخشب الذي كنا نحرقه للتدفئة والطبخ داخل المنزل، لأننا لم نتمكن من شراء وقود التدفئة".

الحصول على الخشب لم يكن سهلا أيضا، فقد اضطر الكثير من الموصليين إلى استخدام "الملابس والأثاث لإشعال الموقد وتدفئة المنازل".

تقول رغود برتقالي إن "بعض الأهالي من الطبقة المتوسطة كانوا يستخدمون مواقدا سورية الصنع يستخدم النفط أو الخشب في إشعالها".

وتضيف برتقالي في حديث لموقع (ارفع صوتك) "أهلي استخدموا كل شيء قابل للاشتعال، حتى البلاستك والمطاط".


100 لتر حكومي

الآن استلم الموصليون 100 لتر من النفط الأبيض.

آخرون استلموا 250 لترا منذ بداية التحرير، وزعت إليهم في سيارات حكومية تابعة لوزارة النفط العراقية.

تؤكد برتقالي التي تسكن في الجانب الأيسر للمدينة "استلمنا 150 لترا بعد فترة قليلة من التحرير، وقبل أسبوعين استلمنا 100 لتر أخرى".

بالنسبة لعائلة من خمسة أفراد، ستكفي كل مئة لتر من النفط أسبوعا تقريبا، بشرط استخدام مدفأة نفطية واحدة، ولساعات محددة من اليوم.

يقول غسان عبد القادر، وهو مواطن موصلي آخر “الكمية التي استلمتها من النفط الأبيض لا تكفي لتدفئة المنزل لشهر واحد من شتاء الموصل القارس". ويؤكد "وضعي المادي لا يسمح بشراء النفط من الأسواق لأن ثمنه باهض".

يتحدث عبد القادر عن أسعار تصل أحيانا الى ثمانين سنتا للتر الواحد.

هذه الأسعار، ودرجات الحرارة التي تصل في شتاء مدينة الموصل إلى ما دون الصفر المئوي أحيانا، تجعل من سياسة داعش بالسيطرة على النفط ومنافذ بيعه مفهومة للغاية، كانت هناك أموال كثيرة تتدفق بيد التنظيم من خلال بيع المشتقات النفطية.


550 لترا لكل عائلة

يقول مدير فرع محافظة نينوى في الشركة العامة لتوزيع المنتوجات النفطية (إحدى تشكيلات وزارة النفط العراقية)، فلاح حسن المنديل، إن الشركة وزعت حتى الآن مادة النفط الأبيض على نحو 55 في المائة من سكان الموصل بمعدل 100 لتر لكل عائلة.

يقول المنديل "بعد استكمال هذه العملية سنباشر بتوزيع الحصة الشتوية على سكان المدينة بمعدل 550 لترا لكل عائلة".

ويبرر المنديل التأخر في إكمال التوزيع إلى "انعدام وجود السيارات الحوضية التي تنقل النفط، لأن داعش دمر كل ما كانت المدينة تملكه من هذه السيارات"، إضافة إلى صعوبة استحصال الموافقات الأمنية لدخول السيارات المحملة بهذه المنتجات القادمة من خارج المدينة"، وبالتأكيد فهناك مشكلة "الطرق المغلقة داخل المدينة والجسور المدمرة" كما يقول المنديل.


يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.