طلاب من الجامعة التقنية في بغداد أثناء حفل تخرجهم/وكالة الصحافة الفرنسية
طلاب من الجامعة التقنية في بغداد أثناء حفل تخرجهم/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم علي قيس:

يضم العراق 66 جامعة وكلية أهلية معترف بها رسميا من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بينها ثماني جامعات في إقليم كردستان. وتضم تلك الجامعات والكليات أكثر من 570 قسما في اختصاصات شملت المجموعات الطبية والهندسية والإنسانية.

لكن يترافق مع هذا العدد فوضى لا تفيد واقع التعليم الأهلي في البلاد. وبدلا من أن يؤدي العدد إلى خريجين أكثر وفرص عمل أفضل، "تنتج تلك الجامعات أجيالا من العاطلين عن العمل"، حسب ما يقول عميد كلية الإعلام في جامعة بغداد هاشم حسن.

غياب الاستراتيجية العلمية

ويعزو حسن تقديره هذا إلى غياب الاستراتيجيات والخطط في منح الإجازات لتلك الجامعات وفق دراسة الاختصاصات المتخرجة.

ويقول في حديث لموقع (ارفع صوتك) "لا توجد خطط تدرس واقع المجتمع الحالي ومتطلبات المستقبل وما هي الكفاءات التي سيحتاجها، هنالك فوضى في السياسة التعليمية تتماشى مع رغبة المتنفذين والمستثمرين".

وبسبب توقف التعيينات الحكومية واقتصار فرص التوظيف على الاختصاصات الطبية، أصبح هناك توجه لدى الطلبة للحصول على مقاعد في أقسام المجموعة الطبية.

يقول نقيب لأطباء العراقيين عبد الأمير الشمري "بسبب اقتصار الوظائف على خريجي الطب، أصبح هناك توجه لفتح الكليات الطبية الأهلية، والتي هدفها الأول هو الربح المادي".

ورغم وجود أكثر من 20 كلية طب حكومية في العراق، بينها ست كليات طب في العاصمة بغداد، وهي تسد حاجة البلاد، لكن "عملية فتح الأقسام المختصة بمجال الطب في الكليات الأهلية مستمرة، من قبل ناس متنفذة، بإمكانها الحصول على الموافقات بسهولة، وهذا يضر بالعملية التعليمية وبواقع الطب"، وفقا للشمري.

ويعمل الدكتور عبد الأمير الشمري إضافة إلى رئاسته لنقابة الأطباء، مدرسا في كلية الطب بجامعة بغداد.

ويضيف الشمري "أنا أدرس في كلية عمرها 90 سنة، وما زلنا نرى أنفسنا متأخرين عن دول العالم في وسائل التعليمية الحديثة ونبحث عن تطوير إمكانياتنا، فكيف عندما تأتي كليات جديدة".

ويؤكد نقيب الأطباء أن النقابة ناقشت هذا الموضوع مع المسؤولين في الوزارة، "لكن تبقى قرارات فتح الأقسام الطبية الأهلية أقوى من إرادتنا"، بحسب تعبيره.

الوزارة تؤكد

ما ورد على لسان حسن والشمري، يؤكده مستشار وزارة التعليم العالي لشؤون التربوية في تطوير المناهج محسن عبد علي، موضحا أن الوزارة بحاجة إلى قسم متخصص في رسم سياسة القبول في دائرة التعليم الأهلي الجامعي، "خصوصا وأن الكليات الأهلية باتت تضاهي وزارة من حيث العدد".

وأضاف أن الكليات والمعاهد الأهلية تحتاج إلى ملاكات متقدمة في مجال التقويم والقياس ووضع سياسات القبول.

هجرة المعاهد الحرفية

وعلى الرغم من أن الدول النامية تركز عادة على المعاهد الفنية والإعداديات المهنية والحرفية والصناعية، لوجود ميول لدى نسبة كبيرة من الشباب في الحصول على أسرع فرصة عمل، إلا أن "الدولة العراقية غيبت بشكل كامل مؤسسة المعاهد الفنية، وجعلت طموح الشباب التقديم مقتصرا على الجامعات"، لذلك تضاعفت الأعداد ولم تستوعبهم الجامعات الرسمية، ما أدى إلى "فتح أبواب الاستثمار إلى الكليات الأهلية، التي لا يتوفر فيها الحد الأدنى للدراسة"، وفقا لحسن.

لكن مستشار الوزارة يؤكد أن عمداء الكليات الأهلية هم حصرا أعضاء في "لجنة العمداء" التابعة لوزارة التعليم العالي، وبالتالي هم ملزمون بتنفيذ المنهج الذي يتفق عليه ويقر في اجتماعات اللجنة.

ويلفت عميد كلية الإعلام إلى حلقة أخرى يصفها بـ"الأكثر خطورة" في المؤسسة التعليمية الجامعية، وهي أن مقياس اختيار طلبة الدراسات العليا يعتمد على التمييز العلمي حصرا، لكن الآن وضعت "11 قناة تستثني شرط التميز"، يحصل الطالب من خلالها على مقعد في الدراسة العليا دون منافسة علمية.

يقول عميد كلية الإعلام "جامعة بغداد بكل كلياتها كانت تقبل 1500 طالب في الدراسات العليا، الآن 3335 طالب، وهو رقم مرعب".

وينتقد حسن "من هذا الرقم الهائل 10 في المئة فقط يتحدثون اللغة الإنجليزية"، فيما يشترط على طلبة الدراسات العليا إتقان اللغة الإنجليزية!

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.