جامع ذي النورين شمالي العاصمة صنعاء/إرفع صوتك
جامع ذي النورين شمالي العاصمة صنعاء/إرفع صوتك

صنعاء - غمدان الدقيمي:

على مدى أكثر من 15 عاما، واظب الشاب اليمني مروان حمزة (35 عاما) على الصلاة في جامع “ذي النورين” شمالي العاصمة اليمنية صنعاء. لكنه لم يعد يرتاد المسجد للصلاة منذ فرض الحوثيون عليه إماما وخطيبا جديدا، عقب اجتياحهم للعاصمة في أيلول/سبتمبر 2014.

منذ ذلك الوقت، بات يفضل أداء معظم فروضه الدينية في بيته، فهو يعتقد أن “خطبة الجمعة أصبحت تعبر دائماً عن المواقف السياسية والمذهبية للحوثيين، وليست خطابا جامعا لكل اليمنيين بكافة أطيافهم المذهبية والسياسية”.

وأشار الشاب الذي يعمل في القطاع الخاص بصنعاء إلى أن جامع “ذي النورين” الذي عمدت جماعة الحوثيين إلى تغيير اسمه، “تحول إلى أشبه ما يكون بثكنة عسكرية، بعد أن تم وضع حواجز اسمنتية حوله، وباتت تردد فيه الصرخة (شعار الحوثيين) عقب كل صلاة”.

اقرأ أيضاً:

الخطاب الديني في اليمن والصراع السياسي

مدينة الوسطية والتسامح والسلام في اليمن... هل تعرفها؟

تغذية النزاع الديني

وينطبق الأمر ذاته على المناطق الخاضعة لسلطة الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا جنوبي البلاد، حيث يسيطر حزب تجمع الاصلاح الذراع المحلي لجماعة الإخوان المسلمين، وفصائل دينية سلفية بعضها متشددة على معظم المساجد ودور العبادة.

وإلى وقت قريب، كانت مساجد العاصمة اليمنية صنعاء ومدن يمنية أخرى تعج بمئات المصلين أثناء صلاة الجمعة، على نحو يضطر فيه كثيرون للصلاة في الشوارع المحيطة، لكن الأمر لم يعد كذلك اليوم، بعد تحول عدد كبير منها إلى منابر للتحريض والاستقطاب السياسي والمذهبي.

يقول مرزوق راشد، وهو صحافي يمني يعيش في مدينة تعز جنوبي غرب اليمن، إن جوامع المدينة المضطربة تتقاسمها فصائل دينية وسياسية مختلفة، وذلك حسب سيطرة كل جماعة على الأرض.

وأفاد أن هذا الحال جعل كثيرا من الناس يعزفون عن ارتياد المساجد خاصة يوم الجمعة، لأسباب كثيرة أهمها “التحريض وتغذية النزاع الديني والتعبئة الخاطئة التي يقوم بها الخطباء، والحالة الاقتصادية الصعبة، والنزوح والمخاوف الأمنية من قبيل تفجيرها بعمليات إرهابية”.

وأشار إلى أن الخطاب الديني لم يعد يلبي مقاصد الدين الإسلامي، بقدر ما يلبي رغبات سياسية لجهات محلية أو عربية واقليمية.

وضرب مثالاً على ذلك بأن أحد خطباء المساجد بتعز كان مؤيدا للحملة العسكرية السعودية التي تقودها ضد الحوثيين في اليمن، لكن عندما بدأ الخلاف بين السعودية وقطر تغير موقف الرجل، وبدأ بمهاجمة السعودية باعتبارها الخطر الحقيقي بالنسبة لليمنيين، على حد قوله.

كان لدينا ميثاق

ولم ينكر الشيخ جبري إبراهيم، وهو وكيل وزارة الأوقاف والإرشاد بصنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين في صنعاء، تصاعد وتيرة الخطاب الديني التحريضي، قائلا إن “الوضع السياسي القائم انعكس سلبا على الخطاب الديني”.

وأضاف لموقع (ارفع صوتك) “في فترات سابقة كان لدينا ميثاق شرف للخطباء والدعاة، لكن للأسف توجد شخصيات خالفت ذلك ولم تلتزم به”.

ويوجد في اليمن أكثر من 75 ألف مسجد، حسب إحصائيات رسمية تعود لسنوات قليلة مضت، يخضع أقل 50 في المئة منها فقط لإشراف وزارة الأوقاف.

ولا يرى الشيخ جبري مانعا في الحديث عن السياسة في المساجد، لكنه شدد على ضرورة تكثيف كل ما يجمع الناس، ويعزز قيم التعايش بين الجميع.

مخاوف

وعبر مرزوق راشد، في حديثه لموقع (إرفع صوتك)، عن أسفه لاختفاء التوجه الصوفي الذي كان قائما في غالبية مساجد مدينة تعز خلال الفترة الماضية.

“كانت المساجد تتحدث عن الزهد والقيم والأخلاق والسلام والمحبة والدين السمح، لكن بعد بروز الصراعات المحلية والاقليمية والدولية تغير الوضع”، قال راشد، الذي أكد أنه يخشى أن تشهد الأشهر والسنوات القادمة أعمال عنف خطيرة بشكل أكبر مما هو عليه الآن، بسبب تصاعد وتيرة التحريض الديني والمذهبي والطائفي في البلاد، وفي ظل غياب أي دور رقابي رسمي على دور العبادة.

انزعاج

وفي السياق ذاته يقول مازن أنعم، وهو شاب يمني يقطن مدينة عدن جنوبي غرب اليمن، إنه غالبا ما يجد صعوبة عند البحث عن مسجد يخطب فيه رجل دين غير مسيس، لذا فهو يقيم صلاته في منزله.

وأضاف لموقع (ارفع صوتك) “يزعجني جدا مهاجمة الأطراف المتحاربة لبعضها عبر منابر المساجد واستخدامها لأغراض سياسية، بدلاً من جعلها منابر متزنة تنويرية لنشر قيم المحبة والسلام والتسامح مع الآخر حتى غير المسلم”.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.