يمكن الحصول على جواز سفر سوري مزور بأقل من 1000 دولار/ Shutterstock
يمكن الحصول على جواز سفر سوري مزور بأقل من 1000 دولار/ Shutterstock

خاص - ارفع صوتك:

في مدينة كلِّس، جنوب تركيا، قد يشمل التزوير كل شيء: وثائق هوية، جوازات سفر، وحتى دفتر الخدمة العسكرية.

وتنتشر في المدينة الحدودية مع سورية مكاتب للتزوير، تحت غطاء "مكاتب تسيير معاملات"، يلجأ إليها كثير من اللاجئين السوريين للحصول على وثاثق رسمية مزورة.

في هذه المكاتب يمكن أن يسألك "الموظف": "ماذا تريد؟ ختم القنصلية، السفارة أو وزارة الخارجية؟"، "هل أضع على الوثيقة تاريخا قبل الثورة أم بعدها؟".

يمكنك أيضا أن تختار اسمك وتاريخ ميلاد ومعدلك في الثانوية العامة.

بطاقة هوية =  50 دولارا

فقد اللاجئ السوري سليم عبسي، جميع وثائقه الثبوتية أثناء محاولته العبور إلى الأراضي التركية، سنة 2016. فصار لا يملك دليلا يثبت هويته في تركيا.

على إحدى صفحات موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وجد الشاب السوري، 29 عاما، إعلانا لأحد هذه "المكاتب" يقول إنه يصدر "جميع الوثائق والشهادات العلمية السورية، وبجودة عالية تشابه الأصلية".

توجه سليم إلى مكتب التزوير. ومقابل 50 دولارا فقط استصدر بطاقة هوية جديدة، مكنته من التقدم بطلب لدى السلطات التركية للحصول على بطاقة الحماية المؤقتة التركية، وهي بمثابة بطاقة اللاجئ.

وينتشر امتهان التزوير في العديد من المدن التركية التي تضم أعدادا كبيرة من اللاجئين السوريين، مثل غازي عنتاب وإسطنبول وأورفا.  لكن "عاصمة التزوير" تبقى هي مدينة كلس، في جنوب البلاد.

"عندما أعطيت الشاب (المزور) معلوماتي، سألني هل تريد اسمك الحقيقي أم اسما آخر على بطاقة الهوية؟ طلب مني أيضا أن أختار سنة الإصدار التي أريد"؟، يقول سليم.

ويتابع "وضع لي رقما وطنيا لهويتي الجديدة، بشكل عشوائي لأني لم أتذكر رقمي المؤلف من 11 رقما".

في اليوم الموالي، عاد سليم إلى "المكتب" وحصل على هويته المزورة مقابل 150 ليرة تركية (50 دولارا تقريبا).

مكاتب التزوير

يعمل عبد الكريم (اسم مستعار) في أحد "مكاتب تسيير المعاملات" في منطقة غازي مختار، وسط مدينة غازي عنتاب.

وتقدم هذه المكاتب في الأصل خدمات قانونية لزبائنها، كالمساعدة في تأسيس شركة أو شراء عقار أو الحصول على الإقامة، لكن المزورين يستغلونها لتقديم "خدماتهم".

يقول الشاب السوري المنحدر من ريف حلب إنه يعمل في "إصدار الأوراق الثبوتية للسوريين"، منذ ثلاث سنوات. وهو يعتبر ما يقوم به نوعا من "المساعدة".

​​​​"العديد من السوريين فقدو شهاداتهم العلمية في الحرب بسورية، رغم امتلاكهم لها. نحن نساعدهم في استعادتها"، يقول عبد الكريم في حديثه لـ(ارفع صوتك).

تختلف أسعار الوثائق الرسمية المزورة من مكتب إلى آخر. يكشف عبد الكريم الأسعار في مكتبه: الشهادة الجامعية 150 دولارا، شهادات القيادة المختلفة بين 50 و75 دولارا. جواز السفر السوري يكلف بين 800 و1000 دولار، ويكلف تجديده حوالي 75 دولارا. أما بطاقة الهوية فلا تتعدى 50 دولارا.

ويوضح الشاب السوري، قائلا "الأسعار في تغير مستمر، حسب الطلب والعرض في السوق، وحسب توفر المواد اللازمة للطباعة".

شهادات جامعة كلِّس!

يثير موضوع تزوير الوثائق الرسمية، خاصة الشهادات الجامعية، حفيظة الكثير من السوريين، وبالذات في صفوف الطلبة الحاصلين على شهادات حقيقية من جامعات سورية.

يقول مالك سيرجيه، وهو طالب في كلية الهندسة المدينة بجامعة غازي عنتاب، "يدرس معي طالب زور شهادته. أعرفه قبل دخولنا إلى الجامعة. مجموع درجاته في الثانوية العامة لا يؤهله لدخول كلية الهندسة، لكنني علمت أنه قام بتزوير شهادته".

ويتابع مالك، مبديا تبرمه، "في المقابل، يوجد الكثير من الطلاب الذين كانوا يدرسون الهندسة في سورية، وانقطعوا عن التعليم (بسبب الحرب). هؤلاء لم يحصلوا على فرصهم، في إكمال تعليمهم"، رغم أن شهاداتهم حقيقية.

ويستطيع اللاجئ السوري تزوير شهادة أي جامعة سورية يريد، كما يمكنه أن يختار معدله في الثانوية العامة لدخول كبريات الجامعة التركية.

وصار الأمر مثار تندر وسخرية في صفوف الطلبة السوريون. باتوا يسألون بعضهم: "أنت خريج جامعة دمشق أم جامعة كلس؟"، في إشارة إلى المدينة التركية حيث تتركز أغلب مكاتب التزوير.

الترحيل في الانتظار

ألقت السلطات التركية في الآونة الأخيرة القبض على العديد من حاملي جوازات سفر مزورة. ويشتبه اللاجئون السوريون أن حكومة النظام السوري عممت أرقام الجوازات الصادرة عن مديرياتها على المطارات الدولية.

المحامي السوري حسام سرحان يؤكد، في حديثه لموقع (ارفع صوتك)، أن القانون التركي على التزوير بعقوبات تصل إلى السجن والترحيل من أراضيها.

يقول "وفق قانون العقوبات التركي، يُعاقَب بالسجن مدة ستة أشهر كحد أدنى وحتى سنتين كل من يقوم بأعمال التزوير على الأراضي التركية أو من يتداولها".

ويضيف المحامي "أي سوري حامل لجواز سفر أو دفتر عائلة أو هوية مزورة، واكتشف أمره، هناك تعليمات لوزارة الداخلية بترحيله فورا إلى سورية".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.