أحد مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية في الرقة/وكالة الصحافة الفرنسية
أحد مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية في الرقة/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم علي قيس:

تتهيأ سورية لإعلان أراضيها خالية من داعش، بعد أن سبقها العراق بإعلان الانتصار في حربه ضد التنظيم.

ووفقا لمحللين سياسيين ومراقبين سوريين، فإن "داعش قد تحول من مشروع خلافة إلى مجموعة عصابات متفرقة وخائرة القوى في مناطق مختلفة من سورية".

ولم يعد التنظيم يسيطر على أي مدينة في سورية، لكنه يحتفظ بقرى وبلدات وجيوب ينتشر فيها بضعة آلاف من المقاتلين، من دون أن يكون لهم أي مقرات أو دواوين اعتادوا أن يديروا "الخلافة" منها.

ويقول المحلل السياسي عفيف دلة لموقع (ارفع صوتك) إن الحرب ضد داعش تحتاج إلى وقت "لن يكون بالطويل".

 

هجمات مضادة

وأبرز الفصائل التي ما زالت تقاتل في سورية هي جبهة النصرة وفيلق الرحمن وجيش الإسلام وأحرار الشام. ورغم أن هذه الفصائل لن تكون قادرة على إعادة اجتياح مناطق معينة، لكن باستطاعتها إحداث أضرار من خلال هجمات مضادة وتفجيرات متفرقة على نمط حروب الميليشيات، وفقا لدلة.

ويتوقع مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن تتسارع العمليات العسكرية في الفترة المقبلة "في محاولة من كل طرف لتحقيق نصر قريب بالقضاء على التنظيم"، مرجحاً أن "يواصل التنظيم عمله عبر خلايا نائمة".

 

"روسيا استعجلت"!

وفي هذا السياق، سارعت روسيا الأسبوع الماضي إلى الإعلان أن سورية "تحررت بالكامل" من التنظيم المتطرف، لكن المحلل السياسي السوري يقول "لا تستطيع أي جهة أن تعلن خلو سورية بشكل كامل من داعش".

وأبرز المناطق التي ما زالت تحت سيطرة التنظيم هي أجزاء من مخيم اليرموك وحيي التضامن والحجر الأسود في جنوب دمشق، فضلا عن بعض القرى في ريفي حمص الشرقي وحماة الشرقي (وسط)، الواقعة في دائرة العمليات العسكرية التي يقودها الجيش السوري بدعم جوي روسي.

ويسيطر داعش أيضا على نحو 18 قرية وبلدة على الضفاف الشرقية لنهر الفرات، حيث يتقاتل مع قوات سورية الديمقراطية، إضافة إلى سيطرته على منطقة صغيرة في ريف الحسكة الجنوبي (شمال شرق) تقع في دائرة العمليات العسكرية للمقاتلين الأكراد.

 

روسيا تبدأ انسحابها 

في هذه الأثناء، عادت إلى روسيا الثلاثاء، أول مجموعة من قواتها المنتشرة في سورية، ليبدأ بذلك الانسحاب الجزئي الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال زيارة مفاجئة قام بها إلى قاعدة حميميم في سورية.

وشككت وزارة الدفاع الأميركية بإعلان موسكو عن سحب "قسم كبير" من قواتها.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المتحدث باسم الوزارة ادريان رانكين-غالواي قوله إن "تصريحات روسيا حول سحب قواتها لا يعني عادة تقليصا فعليا لعديد عسكرييها، ولا يؤثر على أولويات الولايات المتحدة في سورية".

وأضاف أن التحالف الدولي سيستمر بالعمل في سورية وتقديم الدعم للقوات المحلية ميدانيا.

 

سورية ليست بيد السوريين

نهاية داعش في سورية لن تعني بالضرورة انفراجا في الأزمة، ويرى معارضون سوريون أن الحرب في سورية لن تتوقف ما لم يكن هناك قرار يتفق عليه المجتمع الدولي بأسره.

ويقول السياسي والمعارض السوري أيهم حداد لموقع (ارفع صوتك) إن "الوضع السوري خارج سيطرة السوريين وإن القوى الدولية والإقليمية هي من صاحبة القرار".

ويرى حداد المقيم في العاصمة الأميركية واشنطن أن ثمة بوادر تشير إلى حل للأزمة السورية، موضحا "تحاول روسيا وهي صاحبة التواجد العسكري الأقوى حل القضية وإنهاء الحرب، وهناك موافقة من الأوروبيين والولايات المتحدة".

ويعود السياسي المعارض إلى التشديد على أن الحل يبقى مرهونا بـ"اتفاق للمجتمع الدولي".

لكن التوافق على إيقاف القتال في سورية لن يخلو من التعقيد، وفقا لحداد الذي يوضح "تبقى المشكلة عملية، كيف ستنظم روسيا الأرض وكيف ستتعامل مع القوى المتواجدة في سورية"، مضيفا "إذا نجحت روسيا بإقناع إيران ستنتهي الحرب وستكون هناك تسوية سياسية".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.