الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اجتماع مع قادة عسكريين روس بقاعدة حميميم قرب اللاذقية بحضور الرئيس السوري بشار الأسد
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اجتماع مع قادة عسكريين روس بقاعدة حميميم قرب اللاذقية بحضور الرئيس السوري بشار الأسد

بقلم عبد الحفيظ شرف/ موقع الحرة

بدأ بوتين جولته الشرق أوسطية واختار قاعدة حميميم الجوية في منطقة اللاذقية شمال سورية لتكون نقطة البداية، وأعلن أمام حشد من جنوده وطائراته وطياريه أنه سيبدأ الانسحاب التدريجي لعدد كبير من القوات الروسية المتواجدة على الأراضي السورية، لتعود إلى أرض الوطن. وقال إن المهمة قد أنجزت وإن روسيا حافظت على الدولة السورية موحدة وانتصرت على الإرهاب على حد تعبيره. وأنا هنا في هذا المقال لن أركز كثيرا على التداعيات السياسية لهذا القرار وذلك لأن بوتين أعلن انسحاب قواته مرارا وتكرارا من سورية دون تطبيق حقيقي لهذا الأمر، وكأنه تعلم فن رفع الشعارات من "محور المقاومة والممانعة" الذي يدعمه ويسانده، وإنما سيكون تركيزي فقط على شكل اللقاء الذي جمعه ببشار الأسد ومضمونه وما حصل من تجاوزات وإهانات سواء كانت مقصودة أو غير مقصودة.

هبطت طائرة الرئيس الروسي على أرض حميم وهي قاعدة جوية روسية فكان على رأس مستقبليه وزير دفاعه سيرغي شويغو ثم قائد القوات المسلحة الروسية في سورية الفريق أول سيرغي سوروفكيف في شكل غير مألوف لزيارات الرؤساء، ثم جاء بعد ذلك أخيرا دور بشار الأسد والذي استقبله بحرارة وقال له بلهفة شديدة مرحبا به ( أنا سعيد جدا بهذه الزيارة الهامة جدا) فرد عليه بوتين بعبارة مختصرة للغاية وهي (سوف نتحدث).

وبالرغم من أن البروتوكولات بين الدول تعارفت على أن يستقبل الرئيس المضيف أو من ينوب عنه الرئيس الزائر  إلا أن ما حصل على أرض حميميم هو تواجد بشار الأسد على أرض المطار منتظرا بوتن، لكن قائد القوات الروسية في سورية كان أول من استقبله في خرق واضح لهذه البروتوكولات.

وفي مشهد آخر ظهر عسكري روسي وهو يمنع رئيس النظام السوري من اللحاق بالرئيس الروسي بوتين بعدما هم باللحاق به فقام العسكري الروسي بوضع ذراعه ليوقف الأسد، فما كان من بشار الأسد إلاّ أن هز رأسه موافقا على المنع، وأشار بيده أنه سيقف هنا وكأنه تفهم سبب المنع فيما أكمل بوتين مسيره على أرض المطار السوري. وأكرر هنا أن بوتين هو من يزور سورية وليس العكس وأن هذه الأرض سورية ويفترض أن يكون المضيف هو رئيس النظام السوري بشار الأسد.

هذا الإجراء يعتبر سابقة في تاريخ العلاقات الدولية، فكيف لعسكري أجنبي أن يمنع رئيس دولة من اللحاق بضيفه الذي يماثله في الرتبة أو الوظيفة وعلى أرض مطار تابعة لبلده. كل هذا الذي حصل أثار سخرية الكثيرين على مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام العربي لما تضمنه من إهانات غير متوقعة لرئيس النظام السوري بشار الأسد.

تعامل بوتين مع بشار الأسد، وكأنه السيد المطاع الذي يأمر و ينهي وعلى بشار الأسد أن يستجيب ويطيع. وكان قد حصل هذا في اللقاءين السابقين في روسيا كذلك، فكان بشار الأسد يظهر دائما وحيدا من دون مرافقين أو مستشارين وكان لا يصطحب أحدا من وزرائه معه. فهل هذه إجراءات أمنية يتخذها بشار الأسد عند زياراته الخارجية التي قد لا يعلم بها حتى أقرب المقربين له أم هي عدم ثقة بوزرائه ومستشاريه أم هي رغبات بوتين بالفعل؟ وكل هذه السيناريوهات سيئة للغاية ومهينة لرأس النظام السوري.

هذه الزيارة القصيرة جدا أثارت مواقع التواصل الاجتماعي، فامتلأت بعبارات السخرية الممزوجة بالحزن تارة على ما وصل إليه الحال في سورية وبعبارات التشفي تارة أخرى من رئيس قتل شعبه وهجره وباع بلده للروسي وللإيراني. تكاد لا تجد صفحة سورية أو موقعا إخباريا إلا وتحدث عن هذه الزيارة ونشر الفيديو الشهير لما فعله العسكري الروسي مع بشار الأسد.

وهنا وبعد تكرار هذه المشاهد يتبادر سؤال مهم جدا وهو هل يتعمد بوتين معاملة الأسد بهذه الطريقة أم هي مجرد إجراءات بروتوكولية واجتهادات شخصية أو أخطاء فردية من مرافقي بوتن؟ أترك الجواب للأيام القادمة ولحصافتكم وتحليلاتكم.

ــــــــــــــــــ

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن)

 

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.