محلات لبيع القات في العاصمة اليمنية صنعاء/إرفع صوتك
محلات لبيع القات في العاصمة اليمنية صنعاء/إرفع صوتك

صنعاء - غمدان الدقيمي:

رغم بشاعة الحرب الدامية المستمرة في اليمن منذ ثلاث سنوات، وتداعياتها الإنسانية المروعة، إلا أن وديع شرف (40 عاما)، يرى فيها جانبا إيجابيا وحيدا، من وجهة نظره، هو أنها اضطرته إلى ترك تعاطي القات الذي اعتاد على تناوله بشكل يومي منذ نحو 30 عاما.

“منذ عام ونصف تركت تعاطي القات بسبب تراجع دخلي، لكني سعيد كونني أصبحت أمارس عملي بدون قات”، قال وديع شرف، الذي يعمل خياطا في محل خاص غربي العاصمة صنعاء.

أضاف شرف، وهو أب لطفل واحد، لموقع (ارفع صوتك) “قبل اندلاع الحرب كنت أحصل على 5 آلاف ريال يمني (11.90 دولار أميركي)، لكن الآن أتقاضى 1000 ريال (2.3 دولار أميركي) في اليوم الواحد، وهي بالكاد تكفي لإعالة أسرتي”.

وأجبرت التداعيات الاقتصادية للحرب كثيراً من اليمنيين على ترك تناول القات، وهي أوراق خضراء يواظب الملايين على مضغها بشكل يومي بعد وجبة الغداء، تصنفه منظمة الصحة العالمية كمادة يمكن الإدمان عليها.

وحتى عشية اندلاع النزاع الدامي في البلاد مطلع العام 2015، كان اليمنيون ينفقون نحو 4 مليارات دولار لشراء القات سنوياً، حسب ما يقول خبراء اقتصاديون يمنيون.

اقرأ أيضاً:

ماذا تعرف عن البن اليمني.. المورد الاستراتيجي المهمل؟

"هنا تباع الكوليرا".. مشاهد من اليمن

خمول

يقول عبد الرب علي (34 عاما)، الذي سُرح من عمله بشركة خدمات جوية خليجية في صنعاء، إنه كان ينفق 3 آلاف ريال على شراء القات قبل اندلاع الحرب.

وأكد علي، وهو أب لطفلين “لم يعد القات اليوم ضمن أولوياتي.. عانيت لفترة من شيء من الخمول بعد وجبة الغداء، لكنني سرعان ما تجاوزت ذلك الشعور مع الأيام”.

وعبر عبد الرب علي، في حديثه لموقع (ارفع صوتك)، عن شعوره بالسعادة لأنه نجح في تسخير ساعات طويلة للجلوس مع أسرته وتدارس وضعهم ومتابعة تعليم أطفاله، بعد أن كان يقضي أكثر من سبع ساعات يوميا، بعيدا عنهم، في جلسات مضغ القات.

وأشار إلى أنه حضر قبل شهرين حفل عرس جماعي، شارك فيه مئات اليمنيين من دون قات، في مشهد نادر بصنعاء.

مقابل السلع الضرورية

ويؤكد سعيد الشرجبي، وهو مسؤول حكومي في وزارة الزراعة والري، وكبير خبراء اقتصاديات محصول البن في اليمن، أن كثيراً من اليمنيين تركوا تعاطي القات مؤخرا لأسباب اقتصادية بالدرجة الأولى، لكنه أفاد بعدم وجود أرقام واحصائيات موثقة بذلك.

وأوضح أن موظفي الدولة لم يستلموا رواتبهم منذ أكثر من عام، فيما فقد كثير من الناس  مصادر رزقهم بسبب الحرب.

وأشار الشرجبي لموقع (ارفع صوتك) إلى أن الأوضاع المعيشية السيئة دفعت بكثير من اليمنيين للاستغناء عن حاجات كثيرة، مقابل توفير السلع الضرورية لأسرهم.

ويؤكد نجيب معيض، وهو بائع قات في العاصمة صنعاء، “بالفعل خلال الأشهر الأخيرة هناك تراجع في إقبال الناس على شراء القات، الذي تتراوح أسعار الحزمة الواحدة (كيلوغرام واحد) ما بين 10 و 50 دولار، لكن غالبية اليمنيين يكتفون بالقات الأقل سعرا”.

تدهور العلاقات

والقات منشط طبيعي طالما اعتبر مضغه تقليدا اجتماعيا شعبيا، ورافق جلسات الأصدقاء ليلا ونهارا في اليمن منذ مئات السنين.

ويشعر المتعاطون للقات بنشوة وطاقة هائلة، حد تعبير غالبية اليمنيين، الذين يرون أن هذا المحصول ساهم في تنمية المناطق الريفية التي يزرع فيها، بفضل أموال سكان المدن التي ينفقونها على شراء هذه الأوراق الخضراء.

غير أن كثيرا من اليمنيين لا ينكرون أن القات يحرمهم من النوم ويسبب لهم أرقا خلال الليل، فيما يلقي آخرون باللوم على القات في تدهور علاقاتهم الأسرية، كما هو الحال مع علي الهمداني (45 عاما)، الذي ظل يوظب على تعاطيه منذ طفولته.

“لا أخفيك أنني طلقت زوجتي بسبب انتقادها لي كونني أخرج من البيت بعد الغداء لتناول القات ولا أعود قبل الثامنة مساء”، أوضح الهمداني، لموقع (ارفع صوتك)، وهو أب لخمسة أبناء جميعهم يتعاطون القات.

أرقام وآثار

وتقول منظمة الصحة العالمية إن نحو 90 في المئة من الذكور البالغين يمضغون القات لأكثر من أربع ساعات يومياً في اليمن.

وتناهز نسب الإناث اللواتي يتعاطين القات بشكل متكرر نسبياً نحو 73 في المئة في البلد العربي الفقير البالغ عدد سكانه نحو 27 مليون نسمة نصفهم من الإناث.

وتشير دراسات وتقارير محلية ودولية إلى أن القات يستحوذ على أكثر من 50 في المئة من دخل الأسرة اليمنية المتواضع أساسا (لا يتجاوز متوسطه 6 دولارات في اليوم).

وتتسبب المبيدات التي ترش على بعض أنواع القات، حسب أبحاث ودراسات طبية، في إصابة نحو 20 ألف يمني بالسرطانات، كسرطان الفم والبلعوم وغيرهما، فضلا عن إصابة البعض بالاكتئاب، ومخاطر الذهان، فيما يؤدي مضغه أثناء فترة الحمل بالنسبة للإناث إلى انخفاض الوزن عند الميلاد.

ووصلت مساحة زراعة القات أكثر من 170 ألف هكتار، بنهاية العام الماضي، مستهلكا كميات كبيرة من المياه الجوفية خاصة في المناطق الجافة.

وفي انتظار حل جذري يواصل القات، الذي لا تتطلب زراعته وتسويقه جهدا كبيرا، تقدمه على حساب المحاصيل الزراعية الأخرى وفي مقدمتها البن اليمني الأشهر عالميا، الذي تراجعت رقعة زراعته إلى أقل من 35 ألف هكتار خلال السنوات الأخيرة.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.