سوق الشورجة وسط بغداد/وكالة الصحافة الفرنسية
سوق الشورجة وسط بغداد/وكالة الصحافة الفرنسية

 

بقلم علي قيس:

لم تخلُ مناقشة مجلس النواب العراقي لمشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية لعام 2018 من التحذيرات والسجالات السياسية.

وفي مقدمة مشاكل مشروع القانون: خلوه من تخصيصات الدرجات الوظيفية.

عضو مجلس النواب حنان الفتلاوي وصفت المشروع "بالقاتل"، وقالت في مداخلة لها أثناء انعقاد جلسة مناقشة مشروع القانون الموازنة الاتحادية لعام 2018، التي عقدت في 3 كانون الأول/ديسمبر "ليس من المعقول أن تكون الدرجات الوظيفية صفرا في الموازنة، هذا قتل للشباب".

بدوره، يؤكد رئيس الحكومة حيدر العبادي أن توجه الدولة سيكون نحو "تنشيط الاستثمار في القطاع الخاص". وقال العبادي في مؤتمر صحفي عقده في 28 تشرين الثاني/نوفمبر "البعض يطالبنا بوظائف في الدولة، نحن نريد وظائف إنتاجية حتى نرفع المستوى المعيشي للمواطنين".

تراكم للبطالة

ويرى اقتصاديون أن خلو مشروع قانون الموازنة الاتحادية من تخصيصات لدرجات وظيفية جديدة سيؤدي إلى ارتفاع كبير في نسبة البطالة في العراق.

ويقول الخبير الاقتصادي حسين هنين "معدل الطلاب الخريجين في السنة الواحدة أكثر من 200 ألف فرد، معظمهم لا يحصلون على درجات وظيفية، ومن يحصل على فرصة في القطاع الخاص، يكون عمله مخالفا لاختصاصه العلمي أو لعمره".

ويحذر في حديث لموقع (ارفع صوتك) من أن هذه الحالة ستؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة التي تجاوزت 30 في المئة من معدل القوى العاملة في العراق، وقد تصل إلى "أرقام مخيفة".

وليس أمام مجلس النواب سوى الاستجابة لمقررات الحكومة بشأن خلو الموازنة الاتحادية من الدرجات الوظيفية الجديدة.

ويقول النائب جاسم محمد جعفر "إذا أضيفت درجات وظيفية من قبل البرلمان، فإن رئيس الوزراء سيطعن بالقانون، لذلك نحن لن نضيف تخصيصات للتعيينات بدون موافقته".

والحل بالنسبة إليه هو أن توسع الدولة آفاق العمل للقطاع الخاص وإيجاد فرص تشغيل في هذا القطاع وفق آلية مناسبة تخدم العاملين فيه.

هل يسد القطاع الخاص تقص الوظائف الحكومية؟

ويشير التقرير القُطري (رقم 252/17) الصادر عن صندوق النقد الدولي في آب/أغسطس 2017، إلى أن حجم القطاع العام في العراق كبير للغاية مقارنة باقتصاده، فالإنفاق العام، وقدره 40 % من إجمالي الناتج المحلي، هو من أعلى المستويات في المنطقة.

ويقدم التقرير جملة توصيات للحكومة العراقية في الشأن المتعلق بالوظائف، في مقدمتها "يتعين على الحكومة تنفيذ خطة لتخفيض أعداد الموظفين من خلال التناقص الطبيعي للعمالة والغاء الوظائف التي تصبح شاغرة".

ويرى خبراء اقتصاديون أن الاعتماد على التوظيف في القطاع العام أصبح شبه مستحيل، بسبب الترهل الموجود فيه.

ويقول الخبير الاقتصادي باسم جميل أنطوان في حديث لموقع (ارفع صوتك) "في القطاع العام يعمل نحو نصف مليون موظف، معدل إنتاج العمل اليومي للموظف الواحد 17 دقيقة، وهذه إنتاجية بائسة".

والحل الأفضل هو التوجه "نحو تطوير القطاع الخاص ودعمه"، وفقا لأنطوان، على أن تقدم للخريجين إغراءات تعوضهم عن مميزات العمل القطاع العام، وفي مقدمتها "قانون تقاعد، وتمويل للمشاريع الصغيرة".

ويحذر أنطوان من أن "الإحباط من عدم وجود فرص عمل وتحكم الأحزاب السياسية بالوظائف، سيساعد على نمو بيئة تنتج العنف والجريمة".

من المسؤول؟

لكن التحذير من انعكاسات سلبية على الجانب الأمني بسبب خلو الموازنة الاتحادية لعام 2018 من الدرجات الوظيفية "أمر مبالغ فيه، لأن الحكومة ستفتح باب الدعم للقطاع الخاص"، وفق ما يرى أستاذ الأمن الوطني في جامعة النهرين حسين علاوي النجم.

ويقول في حديث لموقعنا "التحولات الكبيرة في سياسات الحكومة يجب أن يتكيف معها المجتمع، وعلى الخصوص فئة الشباب، فصناعة مناخ جيد للقطاع الخاص من الممكن أن يستوعب البطالة".

ولا يمكن تحميل الحكومة كل مسؤولية الخلل الموجود في ملف الوظائف، سواء من ناحية الترهل أو الرواتب أو حتى عدم فتح وظائف جديدة في العام المقبل، بحسب ما يؤكد نجم، موضحا "المجتمع يعتقد أن الخلل سببه الحكومة، قد تتحمل الحكومة جزء صغير من المسؤولية، لكن الخلل الحقيقي هو في البرلمان".

ويضيف أستاذ الأمن الوطني "مجلس الخدمة الاتحادي لو أقره البرلمان، فأنه سيسحب أنياب القوى السياسية من الوظائف الحكومية ويفتحها أمام الجمهور ليتنافس وفق الكفاءة".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.