صنعاء - غمدان الدقيمي:
يقضي الطفل اليمني فارس (عامين ونصف)، جل وقته أمام شاشة التلفزيون في متابعة إحدى قنوات الأطفال، رافضاً الاندماج واللعب مع أشقائه على نحو مثير للقلق، كما تقول والدته ثريا ناصر، التي باتت تساورها الشكوك في أن يكون مصاباً بـ“مرض التوحد”.
“لا يتكلم، فقط يتمتم بكلمات لا أفهمها. صديقاتي وأقاربي يقولون إنه مصاب بمرض التوحد”، أضافت السيدة الثلاثينية، وهي أم لأربعة أطفال، تقطن مع زوجها في العاصمة اليمنية صنعاء.
وتجهل الأم أي فكرة عن مرض التوحد، وتؤكد لموقع (ارفع صوتك) أنها لم تقم بمراجعة أي طبيب مختص بشأن حالة ابنها رغم ظروف عائلتها المادية الجيدة.
وذكرت ثريا أنها سمعت مؤخراً عن أسر يمنية عديدة لديها أطفال مصابون بالتوحد، لكنها تعتقد أن حالة ابنها ستتحسن مع الوقت.
اقرأ أيضاً:
مئات الأسر تغادر صنعاء... ’لم تعد آمنة‘
جهود
ويعرّف علماء النفس “التوحد” بأنه عبارة عن مجموعة من الاضطرابات السلوكية والنفسية المعقدة، التي يمكن ملاحظتها على الطفل منذ سن مبكرة. ويؤدي التوحد إلى مشاكل في الحديث والمهارات الأساسية كالمهارات الاجتماعية والتواصل مع الناس.
ولا توجد إحصائيات رسمية حول عدد المصابين بالتوحد في اليمن، لكن جمعيات مدنية تذهب إلى أن هناك أكثر من مليون ونصف المليون يمني يعانون نوعا من اضطرابات تندرج ضمن التوحد.
اقرأ أيضاً:
اليمن.. 50 إلى 100 شخص ينضمون يوميا إلى فئة المعوقين
تقول أحلام الرياشي، وهي المديرة التنفيذية لمركز اليمن للتوحد (منظمة مجتمع مدني)، لموقع (ارفع صوتك)، إن 45 طفلا وشابا يمنيا مصابين بالتوحد بأنواعه المختلفة يحصلون حالياً على خدمات وبرامج تأهيل وتدريب وإرشاد عبر المركز، مقارنة بأكثر من 200 حالة قبل الحرب الأخيرة، التي تسببت في شح الدعم وقلة الإمكانيات المادية والفنية والبشرية للمركز.
وبحسب القائمين على المركز، فيتم تقديم برامج تشخيص للأطفال لمعرفة نسبة الاضطراب لديهم، وعلى ضوء ذلك يحصل كل طفل على التدريب والتأهيل أو البرامج النفسية والتربوية والإدراكية والسلوكية واللغوية المناسبة.
فئة مهمشة
وقالت سهام السدمي، وهي رئيسة قسم البرامج في مركز اليمن للتوحد، إن “مرضى اضطراب التوحد في اليمن فئة مهمشة، ولا يحظون بأي رعاية أو اهتمام سواء حكومي أو عبر المؤسسات الخاصة والمدنية ووسائل الإعلام”.
وأضافت سهام، لموقع (ارفع صوتك)، “ارتفاع نسبة الجهل والأمية بين أولياء الأمور واليمنيين بشكل عام يفاقم مشاكل الطفل التوحدي. والأسوأ من ذلك تتعمد بعض الأسر إخفاء أطفالها المتوحدين وحرمانهم من التعليم والاندماج مع المجتمع”.
وتشير إلى أن الكثير من الحالات التي وصلت إلى المركز كانت في مراحل متقدمة، حيث يحضر الآباء أطفالهم في سن الثامنة أو العاشرة أو الثانية عشر من العمر.
وتؤكد أنه “كلما كان التدخل مبكرا، أي عندما يكون الطفل أقل من خمس سنوات، تكون الإيجابيات والنتائج مجدية وكبيرة جداً”.
ويقول الدكتور محمد عامر، وهو طبيب مختص بالعلاج النفسي في صنعاء، إن الطفل فارس، ومثله آلاف الأطفال المصابين بمرض “التوحد”، يحتاجون إلى عناية خاصة.
ويقدر أن ما بين 3 إلى 5 من أطفال المدارس في الصفوف الأولية في اليمن مصابون بالتوحد.
وحذر الدكتور عامر من السماح للأطفال المتوحدين اجتماعيا من مشاهدة أي برامج عدوانية على شاشات الأجهزة الإلكترونية.
وأضاف لموقع (إرفع صوتك) “في هذه الحالة نكون زدنا حدة التوحد لدى الطفل، وأوصلناه إلى مرحلة إدمان التكنولوجيا وحولناه إلى شخص عدواني”.
نصائح
وينصح الأطباء النفسانيون الآباء بعدم ترك أطفالهم المصابين بالتوحد بمفردهم، ويشددون على أهمية تضافر جهود الأب والأم للتغلب على مشكلة التوحد لدى طفلهم وتجنب أي خلافات أمامهم، وإلحاقهم بمراكز تأهيل خاصة.
وفوق ذلك يشددون على ضرورة اكتشاف ما إذا كان لدى الطفل موهبة أو قدرات معينة واستثمارها.
يؤكد الدكتور محمد عامر أن “بعض الأطفال المرضى بالتوحد يتحولون إلى عباقرة من خلال امتلاكهم قدرات معينة”.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659