صنعاء - غمدان الدقيمي:
تحت خيمة بلاستيكية صغيرة ممزقة، منصوبة على الرصيف في شارع رئيس شمالي العاصمة اليمنية صنعاء، يعيش أحمد سالم وأفراد عائلته المكونة من زوجة وخمسة أبناء. يفترشون قطعة رقيقة من الحصير، وسط موجة غير مسبوقة من الصقيع والبرد القارس في البلاد.
“ليس لدينا فرش ولا بطانيات ولا ملابس تقينا من البرد. خيمتنا تتحول في المساء إلى ثلاجة”، قال الرجل الأربعيني ذو البشرة السمراء، بينما كان يجلس إلى جواره ثلاثة من أطفاله في ملابس رثة ممزقة.
ويعيش عشرات الآلاف من النازحين والمشردين اليمنيين ظروفاً سيئة مع انخفاض درجة الحرارة خلال المساء في العاصمة صنعاء ومحافظات شمالي البلاد إلى أقل من درجتين تحت الصفر.
واشتكى سالم من عدم الحصول على أي مساعدات غذائية أو بطانيات تقيهم من موجة البرد القارس.
وأضاف لموقع (ارفع صوتك) “أتألم كثيراً وأنا أشاهد أطفالي يعانون من البرد، لكن ليس لدي ما أقوم به. أنا عاطل عن العمل ونعتمد على التسول”.
وأشار إلى أنه يقضى متسولاً في الشوارع مع أطفاله إلى منتصف الليل “ومع ذلك غالبا ما ننام من دون عشاء”.
اقرأ أيضاً:
حرب اليمن.. لعنة السلاح المتدفق من إيران
توقعات
وتضرب اليمن منذ أسابيع موجة برد شديدة مع دخول فصل الشتاء، من المتوقع استمرارها خلال الشهر القادم (كانون ثاني/يناير 2018)، خصوصا في المناطق الجبلية، وفقاً للمركز الوطني للأرصاد الجوية وفلكيين محليين.
ويرجع الفلكي اليمني، أحمد الجوبي، موجة الصقيع الشديد الذي تشهدها اليمن هذا العام، إلى هبوب رياح شمالية باردة على البلاد، خلافا للأعوام الماضية حيث تكون الرياح جنوبية غربية محملة ببخار الماء القادم من المحيط الهندي والبحر العربي.
ثلوج
ويقول جمال الصبري، وهو ناشط يمني شاب وأحد أعضاء مجموعة شباب أطلقت على نفسها “جيش شنب”، يساعدون المدنيين بإمكانيات محدودة، لموقع (ارفع صوتك)، إنهم تمكنوا بمساعدة رجال أعمال من الحصول على حوالي 170 بطانية وتوزيعها على محتاجين في العاصمة صنعاء.
وذكر نادر علي، وهو مواطن يمني يقطن محافظة عمران شمالي صنعاء، لموقع (ارفع صوتك)، أن المحافظة شهدت تساقطاً للثلوج في الساعات الأخيرة من الليل وحتى الفجر، خلال الأسبوع الماضي.
قلق
ومع انقطاع التيار الكهربائي بشكل كلي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين منذ نيسان/أبريل 2015، لجأت كثير من الأسر اليمنية إلى بدائل عديدة للتدفئة، كسخانات المياه التي تعمل بالغاز الطبيعي، والمدافئ الفخارية.
يقول منصور العمراني، الذي يعيش مع أفراد عائلته الثمانية، في مسكن بالإيجار غربي صنعاء، إنه واجه صعوبات كبيرة في التكيف مع الطقس شديد البرودة هذه الأيام.
“أنفقت أكثر من 15 ألف ريال (34 دولار أميركي) لعلاج طفلي الذي أصيب بالتهابات الصدر بسبب البرد”، أضاف العمراني، الذي أشار لموقع (ارفع صوتك) إلى أنه اشترى مؤخراً سخان مياه يعمل بالغاز الطبيعي.
لكن الرجل لم يخف قلقه من مخاطر استخدام سخانات الغاز الطبيعي بعد تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع إخبارية سقوط ضحايا بسبب إصابتهم بالاختناق بغاز أحادي أكسيد الكربون.
وأشار الدكتور عبدالحكيم الشبحي، وهو طبيب أطفال يعمل بمستشفى خاص في صنعاء، إلى ارتفاع أعداد الأطفال الذين يترددون على المستشفى خلال الأسابيع الأخيرة جراء اصابتهم بالتهابات مختلفة بسبب تعرضهم للبرد.
اقرأ أيضاً:
في اليمن.. بعض الأسر تخفي أبناءها المتوحدين
دفايات فخارية
في شارع شملان شمالي غرب العاصمة صنعاء، يمتلك خالد الحرازي، محلاً صغيراً (ورشة) يصنع فيها جميع أنواع آواني الفخار بأحجام وأشكال مختلفة، بينها مدافئ فخارية صغيرة الحجم.
يقول الحرازي “جميع مراحل هذه الصناعة تعتمد على العمل اليدوي بما في ذلك المدافئ، التي نقوم بعد تشكيلها وقبيل احراقها بالفرن، بعمل عدة أثقاب في جوانبها تساعد على إخراج هواء ساخن ناتج عن الشمع التي توضع داخل المدفأة في المنازل، وبالتالي تعمل على تدفئة غرف المنازل بشكل طبيعي”.
أضاف لموقع (ارفع صوتك) “ميزتها أنها رخيصة الثمن وطبيعية وبالفعل تقي من البرد...”.
خسائر مزارعين
واشتكى مزارعون يمنيون في المحافظات الجبلية تعرضهم لخسائر بملايين الريالات بعد تأثر محاصيلهم الزراعية بموجة البرد والصقيع.
يقول مصطفى محمد، الذي يتاجر بمحصول القات في العاصمة صنعاء، لموقع (ارفع صوتك)، إن “كثيرا من المزارعين يتكبدون خسائر كبيرة في فصل الشتاء، لذلك يستخدم معظمهم مواد سامة لرش المحاصيل للحفاظ عليها من الصقيع”.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659