تظاهرات في رانيه شمال السليمانية
تظاهرات في رانيه شمال السليمانية

متابعة: ارفع صوتك

بعد أكثر من عامين على سحب الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعم حكومة إقليم كردستان العراق للمناصب الوزارية من حركة التغيير ومنعه رئيس البرلمان التابع للحركة من دخول أربيل، قررت حركة التغيير الأربعاء الانسحاب من حكومة الإقليم ومن رئاسة البرلمان في كردستان وأوقفت في الوقت ذاته اتفاقيتها مع الاتحاد الوطني الكردستاني.

ولم تكن التغيير الوحيدة التي أعلنت الانسحاب من الحكومة، بل جاء انسحابها بعد اتفاق مع الجماعة الإسلامية في كردستان.

وأعلن الحزبان اللذان يعتبران من ضمن الأحزاب الخمسة الرئيسية في الإقليم في بيان مشترك لهما الأربعاء، تلقت (ارفع صوتك) نسخة منه أسباب إصدار قرار الانسحاب.

وطالبت التغيير والجماعة الإسلامية في بيانهما بحل حكومة الإقليم الحالية وتشكيل حكومة مؤقتة، وأعربتا عن تأييدهما لمطالب المتظاهرين في اطار النضال المدني بعيدا عن العنف، وحمل البيان قوات البيشمركة والآسايش (الأمن الكردي) مسؤولية حماية أرواح المتظاهرين، مطالبا القوات الأمنية بإطلاق سراح المعتقلين فوراً، وأكد الحزبان في نهاية البيان على أن اجراء أي انتخابات في الإقليم دون تنقية سجلات الناخبين تعتبر لا قيمة لها.

وتأتي خطوة التغيير والجماعة الإسلامية في غضون المظاهرات الشعبية المطالبة برحيل حكومة الإقليم التي دخلت الأربعاء يومها الثالث، والتي لم تكن خالية من أعمال العنف.

ولم يستثن المتظاهرون هذه المرة المقرات الحكومية عن الحزبية في مدن وبلدات محافظتي السليمانية وحلبجة اللتين تشهدان التظاهرات، ولم يقدموا على حرق مقرات الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني الحزبين اللذين يمتلكان حصة الأسد من إدارة الإقليم الكردي فقط، بل هاجموا مقرات حركة التغيير والجماعة الإسلامية والاتحاد الإسلامي أيضا وأضرموا النار في غالبيتها.

 

العودة الى المعارضة

تأسست حركة التغييرعام  2009 من قبل السياسي الكردي الراحل، نوشيروان مصطفى، بعد انشقاقه وأربعة قياديين آخرين من الاتحاد الوطني الكردستاني (حزب الرئيس العراقي السابق جلال طالباني).

وتمكنت الحركة التي اختارت لنفسها في بادئ الأمر نهجاً معارضا لحكومة الإقليم أن تحصل على 25 مقعداً من مقاعد برلمان كردستان في أول انتخابات شاركت فيه عام 2009.

ولعبت دور المعارضة في برلمان الإقليم إلى جانب الاتحاد الإسلامي الكردستاني والجماعة الإسلامية على مدى أربعة أعوام، وحلت بالمركز الثاني بعد الحزب الديمقراطي الكردستاني (حزب رئيس الإقليم السابق مسعود بارزاني) بعد حصولها على 24 مقعدا في الانتخابات البرلمانية الماضية التي نظمت في أيلول/ سبتمبر 2013 في الإقليم.

وقررت "التغيير" على أثر الانتخابات المشاركة مع حلفيها الإسلاميين في حكومة الإقليم ذات القاعدة السياسية الواسعة التي أعلن عن تشكيلها في حزيران/ يونيو 2014.

وحصلت الحركة على أربعة وزارات هي المالية والاقتصاد والصناعة، والبيشمركة والأوقاف إضافة إلى رئاسة البرلمان وعدد من الهيئات، واستمرت لمدة عام وأربعة أشهر مشاركة في الحكومة لحين التوتر الذي شهده الإقليم في تشرين الأول/ أكتوبر 2015 بعد أن وصلت المحادثات بين الأحزاب الرئيسية الخمسة حول منصب رئيس الإقليم إلى طريق مسدود.

واندلعت على إثرها مظاهرات في الشارع الكردي دعت إلى تنحي رئيس الإقليم مسعود بارزاني من منصبه، فأصدر الحزب الديمقراطي قراراً ألغى بموجبه الاتفاقية بينه وبين التغيير وطلب من وزراء التغيير ترك مناصبهم في حكومة الإقليم.

ومنع رئيس البرلمان ونواب الحركة من دخول أربيل على خلفية اتهامات لرئيس البرلمان بمحاولة زعزعة الاستقرار في كردستان وخصوصا في عاصمة الإقليم أربيل، وعُطل برلمان الإقليم لنحو عامين إثر تلك الأحداث، إلى أن عاود جلساته مجدداً في 15 أيلول/سبتمبر الماضي قبل عشرة أيام من إجراء استفتاء الاستقلال في الإقليم.

وبعد الأحداث التي شهدها الإقليم بعد الاستفتاء وتدهور علاقات حكومة الإقليم مع بغداد، عاد التوتر من جديد يخيم على الأجواء في كردستان خاصة في ظل الضغوطات التي تسلطها بغداد على أربيل على خلفية تنظيمها الاستفتاء، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية التي يشهدها الإقليم منذ أكثر من أربع سنوات بسبب المشاكل على تصدير النفط مع الحكومة الاتحادية.

وكشفت التغيير أن قرارها بالانسحاب جاء بعد أن وصلت عملية الإصلاح في الإقليم إلى طريق مسدودة، محملة السلطات في الإقليم مسؤولية ما يواجهه الإقليم من أزمات سياسية واقتصادية.

وأكدت الحركة أنها حاولت أن تعطي بعد مرحلة الاستفتاء الفرصة للسلطات في كردستان لتشكيل حكومة مؤقتة تعمل على إصلاح الوضع المعيشي للمواطنين وبدء حوار ناجح مع بغداد والعمل على تمهيد الأرضية لإجراء الانتخابات في كردستان، لكنها لم تلق استجابة من السلطات على حد تعبير البيان، لذا قررت العمل على حل الحكومة الحالية وتشكيل حكومة مؤقتة لاجتياز المرحلة الحالية من حياة الإقليم.

 

الجماعة الإسلامية والاتحاد الإسلامي

بعد انتفاضة ربيع عام 1991 في كردستان العراق ضد قوات النظام العراقي السابق، برزت أشكال متعددة لتيارات الإسلام السياسي، فإلى جانب الحركة الإسلامية التي تأسست عام 1978 وتعتبر أساس كافة الأحزاب والجماعات الإسلامية في الإقليم، ظهرت حركات جهادية مسلحة كتنظيمي جند الإسلام وأنصار الإسلام.

وكانت التنظيمات الجديدة امتداداً لحركة القاعدة وتلقت ضربات جوية من قبل الولايات المتحدة الأميركية عام 2003 أسفرت عن إنهاء تواجدها في المناطق الجبلية الفاصلة بين إقليم كردستان وإيران.

وظهرت حركات أخرى سياسية غير مسلحة، لم يتبق منها حتى الآن سوى ثلاث قوى، هي الحركة الإسلامية إلى جانب الحزبين الإسلاميين الرئيسيين وهما الجماعة الإسلامية التي انشقت عام 2001 من حركة الوحدة الإسلامية وتعتمد على مفهوم الجهاد والشورى، لكنها شاركت خلال السنوات الماضية في العملية السياسية في إقليم كردستان، والاتحاد الإسلامي الذي تأسس عام 1994 ويعتبر الفرع الكردي لتنظيم الإخوان المسلمين في كردستان العراق، ويأتي في المرتبة الرابعة بين الأحزاب الرئيسية الخمسة في الإقليم، ولم يقرر الانسحاب حتى الآن من حكومة الإقليم رغم انسحاب حليفيه السابقين من الحكومة.

وفي ظل هذه الصراعات بين أحزاب الإقليم وبين أربيل وبغداد، ينتظر المواطن الكردي بصيص الأمل ليجتاز كومة الأزمات التي لم تجد أي منها حتى الآن الحل، في وقت لم ينفض الإقليم بعد عن كاهله غبار الحرب مع داعش التي استمرت لأكثر من ثلاثة أعوام وخلفت العشرات من المدن المدمرة وأكثر من مليون ونصف مليون نازح ما زالوا يتواجدون في مخيمات كردستان العراق، بينما يرى قسم آخر من مواطنين الإقليم أن المظاهرات الحالية ستغير من الخريطة السياسية في إقليم كردستان وستفتح الباب أمام صعود قوى سياسية جديدة بدلا من الأحزاب الكردية التقليدية.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.